منذ 3 اعوام جاء محمود (56 عاما) إلى القاهرة من الكاظمية في وسط بغداد،التي عاش فيها عمره كله، دفعه للسفر ومغادرتها تزايد حوادث الخطف والقتل في العراق، اصطحب محمود عائلته المكونة من زوجة وثلاثة بنات وولد وحيد، وعلى الرغم من استقرار الابناء في القاهرة:" اولادي استقروا الى حد كبير في مصر وكونوا اصدقاء ومشاريع"، يظل حلم العودة الى العراق هو الحلم الذي لايفارق محمود وعائلته، فالعراق بالنسبة لهم ليس مجرد وطن عادي بل هو الاهل والاصحاب او كما يقول محمود "بغداد كل حياتنا، فذكريات حياتنا كلها مرتبطة باماكن وشوارع هناك"، ويؤكد محمود ذلك قائلا بالنسبه لنا ليس هناك عراقي واحد مهما وصل ثرائه او راحته في اي بلد في العالم سعيد ببقائه خارج ذلك الساحر (العراق) واننا حتما بعون ومشيئة الله عز وجل سنعود لبلدنا الحبيب العراق مهما طالت مدة غيابنا.
اكثر من مائة الف عراقي في مصر جاءوا الي مصر بعد احداث السنوات الاخيرة في العراق والكثير استقرت الاحوال بالنسبة لهم سواء علي مستوي العمل او بالنسبة لترتيبات الحياة ولكن تبقي عندهم الحنين الي العودة الي بلاد الرافدين، تجد هذا الحنين بشكل واضح في كل العراقيين، بل انه يعلن عن نفسه في المناطق التي استقروا فيها في مصر في مثل مدينة 6 اكتوبر والرحاب وفيصل و15 مايو، تجده حتي في الاسماء التي اطلقوها علي مشروعاتهم مثل الرافدين والنهرين و الكاظمية وبغداد، ودجلة. سعيد جاء الي مصر منذ ثلاث سنوات قام بايجار سوبر ماركت و وضع يافطة علي محله مكتوب عليها سوبر ماركت النهرين، العمال في المحل مصريين وعراقيين سعيد يصف حاله بانه في البداية كان هناك بعض التعثر لان هذه ليست مهنته حيث كان يعمل مدير مدرسة في العراق ولكن بعد ذلك تحسنت الاحوال وايضا استقر ابنائه في دراستهم خاصة ابنه الاوسط الذي كانت اصابته حالة نفسية بعد مقتل اخيه الاكبر في حادث تفجير في العراق و كونت الاسرة مجموعة من الصدقات مع بعض الاسر اغلبها بالطبع اسر عراقية الي جانب بعض الاسر المصرية التي وجدوا منها ترحيب وتقدير للظروف التي مروا بها، ولكن مهم كانت الاوضاع هنا مستقرة نحن اغراب بعيد عن الاهل وعن الارض التي تربينا فيها لهذا نحن نعيش هنا، انا اتصل باخوتي في العراق كل يوم لاطمئن انهم لم يصابوا بسوء وختم سعيد كلامه ببيت شعر قائلا وطني لو شغلت بالخلد عنه شغلتني اليه في الخلد نفسي
يلتمس العراقيين في مصر رائحة الوطن في تجمعاتهم التي تكون شبه يوميا في المقاهي التي يديرها عراقيين وفي مشاهدتهم للقنوات الفضائية العراقية وفي زيارتهم للمناطق التي تذكرهم بالعراق مثل الحسين، علي مقهي بغداد في حي الرحاب بمدينة ستة اكتوبر يتجمع مجموعة من العراقيين كل ليلة لمشاهدة القنوات الفضائية العراقية، ايهاب يقول نتجمع كل ليلة هنا نتكلم في احوالنا واخر الاخبار ونشاهد القنوات العراقية الكثير منا رجع العراق بعضهم لم تتوافر له ظروف عيش مناسبة هنا لكن اغلب من رجع لانه لايستطيع البعد عن الاهل والوطن وكل واحد منا ترك العراق مضطر تحت ضغط التهديدات التي كانت تهدد حياتنا ولكن بعد الغربة هناك من راي ان هذه التهديدات يمكن ان تكون اهون بكثير من الغربة، وهو ما يفعله شريف حاليا قائلا اصفي حاليا المخبز الذي فتحته في شارع فيصل للعيش العراقي «الصمون».. وذلك لاني وحيد في القاهرة وباقي اهلي في بغداد لم يستطيعوا مغادرتها وانا لا اقدر ادير المخبز لوحدي وكنت انتظر الفترة الماضية مجيء ابي او اخي ليساعدني علي ادارته ولذلك سوف اعود الي العراق وان شاء الله يبعد عنا كل مكروه.
البحث عن رائحة الوطن تجدها في علم العراق القديم ذو الثلاث نجوم معلق علي الحائط في المحلات التي استأجروها، في انتظار الفرحة لاي حدث يخص العراق، وهكذا يتجمع العراقيين امام التلفزيون ليشاهدوا العراق في كاس العالم للقارات مشجعين لمنتخبهم وهم يتذكروا كيف بعد خرجوا للشوارع بعد فوز المنتخب ببطولة اسيا لكرة القدم بعد تغلبه علي السعودية ليرقصوا في الشوراع حاملين علم العراق وشاركهم بعض المصريين فرحتهم باطلاق نفير السيارات وتهنئتهم. وهكذا كان مقهي بغداد يملئه العراقيين لتشجيع منتخبهم في مبارة العراق مع اسبانيا ومن قبلها مبارتهم مع جنوب افريقيا، مهدي شاب في الثلاثين يصف ذلك العراقي في الغربة يكون اكثر تأثر باي شي يحدث في بلده الاخبار السيئة تترك مرارتها في نفوسنا والاخبار السعيد تجعلنا نطير ونحلق في السماء، فنحن يكفينا مشقة الغربة علينا، حتي اللهجة العراقية اصبحت اسعد عندما اسمعها لهذا احضر كل مساء الي المقهي لكي اسمع كلامنا العراقي، وبعيون مبللة بالدموع يقول انا ادعو كل يوم ان تستقر الاوضاع في العراق حتي ارجع الي بغداد التي قضيت فيها احلي ايام حياتي ولي ذكريات في الكثير من شوارعها، يختصر كل هذا ابو اسامة بقوله لا بديل للوطن نحن لم نتركنا اهلنا وارضنا الا هربا من الموت والقتل الذي اصبح يحدث كل يوم ومع هذا بعضنا رجع لانه لم يستطع العيش هنا، الاستقرار هنا لم يكن سهل بالنسبة لهم وبالتالي كان الحل هو الرجوع بالنسبة لهم واماالباقيين امثالنا ممن استقرت احوالهم فهم يتطلعوا الي استقرار الاحوال في العراق للرجوع، مهم كانت ظروفنا مستقرة ليس هناك بديل للوطن بالنسبة للعراقيين. |