الأقباط متحدون | منْ يحكم "مصر"؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٢٨ | الأحد ٢ اكتوبر ٢٠١١ | ٢١ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٣٤ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

منْ يحكم "مصر"؟

الأحد ٢ اكتوبر ٢٠١١ - ٣٩: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاي
ما حدث بالأمس في قرية "الماريناب" يفرض على كل مصري سؤالًا مهمًا: منْ يحكم "مصر" في هذه الأيام؟ هل يوجد في "مصر" الآن دولة قادرة على السيطرة على البلاد؟ أم أن الزمام قد فلت وأصبح الغوغاء هم الذين يسيطرون؟ وهل هناك قانون يسري على الجميع؟ أم أن الشرعّية يتم صياغتها من فوق المصاطب؟ وتنفَّذ على المواطنين بقوة البلطجة ومنطق الإرهاب؟؟

ليس ما حدث كان مجرد عارض يمثل خروجًا غير عادي على السياق العام، ولكنه نمط يتكرَّر في كل وقت وفي كل مكان على أرض "مصر"، بدءًا بـ"العمرانية"، ومرورًا بـ"صول"، و"إمبابة"، وغيرها وغيرها...، والآن في قرية "الماريناب" مركز "إدفو" بمحافظة "أسوان"، وغدًا بالتأكيد في مكان آخر سوف يُعلن عنه عند حدوثه في إمارة "مصرباد" المعروفة سابقًا بـ"جمهورية مصر العربية"..

 

والسؤال، لماذا أصبح بناء الكنائس قضايا نزاع بين المواطنين المسيحيين والمسلمين؟ ولماذا يصبح المواطنون المسلمون طرفًا في هذا النزاع؟ وما مصلحتهم الشخصية في الموضوع؟ وما شرعية سلطتهم في تفسير القانون وتنفيذه كما يرون؟ أين الجيش؟ أين البوليس؟ أين المحافظ؟ أين القانون؟ أين الإدارة الهندسية المعنية باستخراج التصاريح للبناء والإشراف على مراحل البناء للتأكد من مطابقتها للرسوم المعتمدة واستيفائها لقواعد وشروط البناء؟؟؟؟

يقول المحافظ: إن المسيحيين قد أخطأوا وبنوا أكثر مما يحق لهم، وإن المسلمين صحَّحوا هذا الوضع وحطَّموا الجزء المتنازع عليه، وانتهى الأمر!!. هذه مصيبة المصائب. ألا يخجل سيادة المحافظ من ترديد هذا الهراء؟

 

أولًا- كون سيادة المحافظ يبسّط من الأمر ويخفِّف من حدة الاعتداءات هو إثبات أن السلطة ضليعة فيما يحدث. فالأمر ليس محاولة لهدم جزء من كنيسة، مع أن هذا في ذاته جريمة، بل هو هدم الكنيسة كلها، وحرق بيوت ومخازن ومتاجر المسيحيين، وتهديد حياة المسيحيين، مما جعلهم يهربون في مراكب إلى خارج القرية تاركين كل ممتلكاتهم.

 

ثانيًا- إذا كان المسيحيون قد أخطأوا فعلًا، فلا أحد فوق القانون، وكان أولى بالمحافظة والإدارات الخاصة أن تصدر أمرًا بوقف البناء وتغريم المخالف. وهذا لم يحدث. بدلًا من هذا تمت عملية مساومة مع المسلمين تحت إشراف الدولة، بمقتضاها تنازل المسيحيون عن حقهم بإزالة الميكروفونات والأجراس والصلبان، واعتقد الجميع أن المشكلة قد تم حلها، ليرجع الطرف المعارض بطلبات جديدة لإزالة القباب، وليطالب البعض الآخر بإزالة الكنيسة كلها، ثم يطالب البعض الآخر بخروج المسيحيين كلهم من القرية لأنهم غير مرغوب فيهم... إن التجبُّر يولِّد المزيد من التجبُّر، خصوصًا في ظل سلطة رخوة لا حول لها ولا قوة..

 

ثالثًا- اعتراف السيد المحافظ بأن المسلمين صححوا الوضع الخاطىء، هو الاعتراف بقانونية أن يأخذ المواطن العادي القانون بيده، ويطبقه على أخيه المواطن بالطريقة التي يراها. وبذلك تم الاعتراف بأن المواطنين المسيحيين تحت إمرة المواطنين المسلمين يفعلون فيهم ما يشاؤون، وهذا يتم بمباركة الدولة!!.

 

رابعًا- إذا كان هذا وضعًا طبيعيًا لا يزعج سيادة المحافظ، إذًا فليس هناك احتياج للحكومة؛ لأن الشعب يحكم نفسه بنفسه، ويصبح المجتمع غابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويكون فيها البقاء للأكثر عنفًا والأكبر سطوة. وعليه، أرى أنه على سيادة المحافظ أن يقدِّم استقالته فورًا؛ لأن الأمور في محافظته تسير كما يهوى المواطنون دون حاجة إلى قانون أو قضاء أو أمن، أو حتى مجرد الرجوع إلى سيادة المحافظ. ويبدو أن هذا نظام جديد مبتكر يتفوق على نظام الديمقراطية. ومن ناحيته يبدو أن سيادة المحافظ راضٍ كل الرضا سعيد كل السعادة بما يجري في محافظته. ومادامت الأمور تسير على هذا النحو بدون أدنى مساهمة من سيادة المحافظ، فما حاجتنا إلى خدماته؟؟

وتبقى الحقيقة المحيِّرة والمخجلة، أنه على أرض "مصر" يمكنك أن تحصل على ترخيص بناء ملهى ليلي في شارع الهرم، حيث يسكر الناس ويعربدون، بسهولة تفوق الحصول على ترخيص بناء كنيسة يتعبد فيها لله شعب قرية "الماريناب" في "أسوان"!.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :