صرخة بريئ
بقلم: مادونا شاكر
عاطف كامل آندراوس مهندس زراعي يبلغ من العمر ٥٠ عاماً ولكنه يعمل في مجال الطباعة ولديه مطبعة صغيرة في نفس الشارع الذي يقطن به في منطقة فيصل بالهرم .. عاطف شخص محبوب جداً لكونه محب للجميع .. ومحترم في عيون الكل لأنه يحترم كل من يتعامل معه حتي لو كان آحد الأصاغر .. مسالم جداً ويخدم المسلم قبل المسيحي .. متزوج ولديه آربع بنات آكبرهن في الصف الثالث الإعدادي و أصغرهن في الصف الآول الإبتدائي يعمل هو وزوجته بجد وإجتهاد ليوفرا لبناتهم كل ما تتطلبه الحياة المعيشية من مستلزمات ضرورية مرهقة للغاية .. في يوم الثلاثاء الماضي ٢٧ سبتمبر تحديداً الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً .. هبط المهندس عاطف كامل من شقته مصاحباً معه والده ووالدته المسنان ليوصلهما بسيارته لجهة ما .. كان يهبط خلفه جاره الذي يعلوه مدحت محمد أحمد السيد وهو أبن صاحب العمارة في الثلاثينيات من عمره ألقي عاطف تحية الصباح عليه كعادته .. ولكن مدحت لم يرد التحية إنما ما رآه عاطف لحظتها كان وجه شيطان عابث والشرار يخرج من عينيه ( علي حد وصفه ) لكنه لم يهتم بردة فعله كثيراً ..
فهما بفتح باب السيارة لوالدته فدلفت لداخلها .. ومن الجهة الآمامية فتح والده الباب ليجلس هو الآخر .. وما كاد عاطف أن يفتح باب سيارته ليقودها بسلام إلا وسمع من خلفه صوت شرير يناديه بإسمه صوت هو يعرفه جيداً فإنتبه للصوت بلفتة بسيطة منه .. فباغته مدحت بجملة قصيرة كان لها أعمق الأثر عليه ( عاطف خد .. والآن إختار عزيزي القارئ الإجابة الصحيحة من بين الأقواس يا تري خد أيه ؟؟ فكر يا عزيزي شوية معانا .. ( خد شيئ سقط سهواً منك .. ولا خد شيكولاتة .. ولا خد ساندويتش تفطر به ) لأ جميع ما سبق غير صحيح والإجابة الصحيحة هي خد رصاصة خرطوش ١٦ ميلي لتخترق الرصاصة فخذ هذا المسكين ليطلق معها عاطف صرخة آلم مدوية ويسقط أرضاً .. وتتعالي ولولة وصرخات ولهفة الوالدين الذين تجمدا في أماكنهم من هول الصدمة والمفاجأة فيتجمع علي أثرها الجيران ويقوموا يإسعافه والذهاب به إلي أقرب مستشفي .. وبينما كان المحيطيون يحملون المصاب أسرع والده مع البعض خلف المجرم الذي كان يسير في ثبات ولم يفر هارباً ليلحقوا به .. ليقف هذا المجرم الفاجر بكل بجاحة بعدها ويحشو مسدسه مرة أخري ليصوبه نحو الوالد المسن فيبث الرعب في قلوب الجميع .. ولكن في تلك اللحظة تتدخل العناية الإلهية ليمسك صبي النجار بملابس الوالد جاذباً آياه داخل المحل فيفر المجرم مسرعاً بعيداً عن مسرح الجريمة .. قد يخالجك الشعور عزيزي القاريئ وأنت تقرأ هذه الكلمات بأنه فيلم هندي ولا أكشن ..
ولكنها حقيقة معاشة وعلي عينك يا تاجر وفي وضح النهار .. أهدار دم البني آدم أصبح الآن مثل شُرب زجاجة كوكاكولا .. نقل المصاب في حالة صعبة ونزيف حاد إلي مستشفي الهرم وتم عمل الإسعافات الأولية له بعد ساعة ونصف من وصوله بعد آن دفع مبلغ تحت الحساب حوالي ٢٠٠٠ جنيه كشرط لدخوله المستشفي .. وآنتظر قرابة ٤ ساعات حتي يأتي دوره في العمليات و يتم إجراء جراحة له لتستغرق ثلاث ساعات .. ويتم إستخراج الرصاصة منه مع بعض شظايا هذا الخرطوش وعدم تمكن الجراح من إستخراج باقي الشظايا المتفرقة بفخذه والتي يفوق عددها ٤٠٠ قطعة تقريباً وتم ترقيع الفخذ بقطعة من أعلاه ليسدوا ذلك العمق الرهيب الذي سببته رصاصة الخرطوش .. وتم التحفظ علي الرصاصة والشظايا وأخذها آمين الشرطة لتكون ضمن الأدلة الدامغة علي حدوث هذه الجريمة البشعة .. بعد ساعتين تقريباً من حدوث هذا العمل الإجرامي نزل أفراد الأمن المركزي والجيش ليفتشوا عن هذا المجرم بعد أن أبلغهم آحد الجيران بوقوع هذه الجريمة ووجود مسجل خطر يروع الجميع .. لكنهم وبكل ذكاء خارق للطبيعة البشرية حقيقي يًحسدوا عليه وإن دل علي شيئ فإنه يدل علي مدي الإستهتار بالدم القبطي .. بدلاً من أن يداهموا شقة المجرم أخطئوا وداهموا شقة الوالدين أثناء وجودهم بالمستشفي مع بقية الأسرة ثم غادروا بعلامة إستفهام كبيرة لازالت عالقة بأذهان الجميع .. وهي لماذا لم يصعدوا إلي أعلي ليفتشوا شقة الجاني ؟ وحتي لو أخطئوا لماذا لم يسألوا عن شقته ولا يغادروا إلا إذا حصلوا علي أي شيئ يثبت بالدليل القاطع أنه مجرم قام بهذه الجريمة عن نية مبيتة وترتيب مسبوق ؟!!! ..
وأيضاً ذهب البعض من رجال المباحث إلي المستشفي لإستجواب المجني عليه قبل إجراء الجراحة له .. وروي لهم ما حدث بالضبط وهو لايزال ذاهلاً غير مصدق ما حدث له دون سبب واضح ومنطقي سوي أنه أجرم وألقي تحية الصباح علي الشيطان رغم أنه لم يسئ له يوماً بل أن هذا المجرم كان منبوذ من الجميع حتي أهله نفسهم لمشاغباته الكثيرة وجلبه للمشاكل وحمله للسلاح دائماً وترويعه للآمنين ويحتفظ بزجاجات مولوتوف بشقته ( كما ذكر أخيه عندما زار المجني عليه وذكر له ذلك وتمني لو أمسكته الشرطة ليلقي عقابه أو مصرعه ).. بعد آربع أيام من إجراء الجراحة للمجني عليه يوم الجمعة ٣٠ سبتمبر قرر الطبيب خروجه ليستكمل علاجه بالمنزل .. وعرفت بعض أفراد أسرته فيما بعد عندما ذهبوا لأستلام التقرير الطبي وتسوية حساب المستشفي أنه كان مقرر للمجني عليه تناول بعض الأدوية ولم يتم أعطائها له رغم أنه دفع مبلغ كبير غير المبالغ التي كانت تدفعها أسرته يومياً لطاقم العمل بالمستشفي ليعتنوا بحالته وجاء في التقرير الطبي ( طلق ناري بالفخذ الأيمن .. حضر المذكور وتبين بعد الفحص الظاهري وجود طلق ناري في الفخذ الأيمن .. وقد تم عمل إستكشاف وتنظيف للجرح تحت مخدر عام
والمريض يحتاج إلي الراحة التامة لمدة ثلاثة أسابيع مع العلاج والمتابعة بالعيادة الخارجية ) .. وإليكم رابط تشاهدون فيه المجني عليه وأسرته يروون ما حدث أحضرته لي خادمة فاضلة .
http://www.youtube.com/watch?v=FX5Q0M5SBUI
ومن كل ما سبق ألا تعتقد معي عزيزي القارئ أن هذا الموضوع غير طبيعي بالمرة .. خاصةً وان المجني عليه ليس ساكن بالإيجار عند المدعو مدحت وإنما يمتلك شقته .. وشقة والداه وأخيه تمليك أيضاً .. وعلاقاته طيبة مع الجميع فما السبب إذاً ؟ ..وما السبب في تجاهل أفراد الأمن لإقتحام شقة الجاني وإنصرافهم وهما يجرون أذيال الخيبة ؟ هل لأن المجني عليه مسيحي .. وماذا لو كان حدث العكس وكان الجاني مسيحي والمجني عليه مسلم هل سيتركونه لحال سبيله ؟ .. بالرغم من أن زوجة المجني عليه سمعت اليوم صوتاً في شقة المجني عليه ورأت شباكه مفتوحاً فطلبت النجدة وأخبروها أنهم سيحضرون ولكنهم لم يحضروا .. وهي الآن تعيش حالة من الذعر والخوف علي بناتها وزوجها مما قد يحدث لهم إذا كان هذا المجرم حراً طليقاً يدخل ويخرج كيفما شاء دون رادع له .. وأيضاً ذهب والد المجني عليه وأخيه لعمل محضر ضبط وإحضار ولم يتحرك أحد حتي الآن بعد إسبوع كامل من حدوث هذه الحادثة .. والسؤال الأهم لماذا تم إخراج المجني عليه من المستشفي بهذه السرعة ؟ هل كما قال الطبيب لأن حالته تتحسن ..
هل يعقل أن شخص مضروب بالرصاص وتركوه ينزف حوالي ساعة ونصف غير إنتظاره ٤ ساعات حتي تجري له جراحة يمكن أن يتحسن في أربعة أيام فقط ؟ آم أنهم يريدون أن يحجموا الموضوع ويهونون من خطورته حتي لا تكون بسبب مسيحي ومسلم وتنقلب إلي فتنة طائفية .. الغريب في الأمر أن التقرير الطبي للمجني عليه يوصي بالراحة التامة لمدة ٣ أسابيع فقط بينما قال طبيبه المعالج من قبل أنه يحتاج ألي شهر ونصف علي أقل تقدير حتي يستعيد عافيته ويستطيع أن يسير مرة أخري .. وسؤال آخر آين دور الشرطة والجيش في ردع هؤلاء المجرمين القتلة الذين يحصدون أرواح الأبرياء من الأقباط وغيرهم ؟ إلي متي ستظل الشرطة غائبة عن مسرح الجريمة والأحداث ؟ وإلي متي يتركون خفافيش الظلام من شيوخ السلفيين والإخوان أن يعبثوا بأمن وسلام هذا البلد فيلعبون في عقول شبابنا بأفكارهم الشيطانية ويعثيون في الأرض فساداً وقتلاً وإرهاباً وحرقاً وهدماً لكنائسنا ؟
إلي من يذهب عاطف وغيره من الأبرياء لحصولهم علي حقوقهم القانونية والمدنية كمواطنين مصريين من أبناء هذا البلد ؟ لماذا لا يتركونه وغيره يربون أبنائهم في سلام دون شر أو أذية ؟
صرخة ألم توجهها الأسرة إلي رجال الجيش والشرطة إن كانوا لا يزالون قائمون علي خدمة هذا الوطن أن يبصروا بعيون قلوبهم وليس عقولهم معاناتهم ومعاناة كل الأسر التي تتضرر من جراء هذه الأعمال الشيطانية وأن يتحركوا للقبض علي هؤلاء المجرمين لردعهم ليكونوا عبرة لغيرهم.. ويناشدون الناشطين بحقوق الإنسان من الشرفاء أن لا يصمتوا علي هذه الحوادث المستترة أو التي قد تبدو في عيون الآخرين بسيطة ويمكن تجاوزها حتي يأخذ كل ذى حق حقه .
وأخيراً ليس لنا إلا أن نقول يارب ليس لنا سواك أنت الملجأ والمنقذ الوحيد لنا في هذه الغابة التي ضاعت فيها قيمة الإنسان والإنسانية وإندثرت الضمائر تحت تراب التعصب والإرهاب ويعتقد بعضهم أن كل من يقتل قبطى فإنه يقدم خدمة لله .
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :