الأقباط متحدون | "المدمر" تعيد ذكريات "طما" مع الفتنة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:١٥ | الجمعة ٧ اكتوبر ٢٠١١ | ٢٦ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٣٩ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

"المدمر" تعيد ذكريات "طما" مع الفتنة

الجمعة ٧ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: عبدالسيد مليك
"طما".. وهي من أقدم المدن المصرية، وكلمة "طما" مشتقة من الأصل الهيروغليفي "حت-طمت"، وهي تقع أقصى شمال محافظة "سوهاج"، وهي ثاني أكبر مركز على مستوى الجمهورية، من حيث عدد القرى التابعة له بعد مركز "مغاغة" بمحافظة "المنيا"، حيث يصل عدد القرى التابعة له ٣٦ قرية، وتقع المدينة على مساحة (١٢٣٠) كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي (450) ألف نسمة، ومن مدينة "طما" العديد من الشخصيات العامة في شتى المجالات: الفن، والرياضة، والسياسة، ومن أشهر الشخصيات الراحل الشيخ "محمد سيد طنطاوي" شيخ الأزهر السابق، والذي كانت تربطه علاقة حميمة بنيافة الأنبا "فام" أسقف "طما" وتوابعها.

"طما" وذكرياتها العصيبة:
بدأت ألسنة الفتنة تثني حميمية أبنائها من المسيحيين والمسلمين لأول مرة في ٥ أكتوبر ١٩٩٢، عندما نشبت مشاجرة بين مسيحي ومسلم أودت بحياة الثاني، الأمر الذي استاء منه الجميع مسلمين ومسيحيين. وقام حكماء الفريقين بعمل جلسة صلح، واعتبرها الجميع أنها حالة من حالات الثأر العادية كعادة أهل الصعيد. إلا أن هذا الحدث كبذرة أُلقيت، وجدت الأرض الخصبة لدى صُنَّاع الفتنة وتجار الموت ليزرعوا الفتنة ويسلبوا أهل المدينة هدوئهم وقوة ترابطهم مسيحيين ومسلمين.

فعندما عُرضت الأحداث السابقة على الدكتور "جلال الدين أبو الدهب"، وهو من أبناء المدينة، والذي كان يشغل وقتها منصب وزير التموين والتجارة الداخلية، وعلى الرغم من أنه شخصية مسالمة ومن عائلة فوق مستوى الطائفية، إلا أن رجاحة العقل والفطنة لم تتملكه في هذا الموقف، وربما عن عدم وعي بطبيعه أهل الصعيد عندما يبلوروا بعض كلماته الحادة إلى رد فعل عملي، وخاصةً أنه يمثل لأبناء مدينته رمزًا سياسيًا، بالإضافة إلى أنه كان عضو المجلس عن طريق الحزب الحاكم عن نفس الدائرة آنذاك. وبالفعل، التقى عدد كبير من صغار النفوس في أحد منازل أقرباء الوزير للترتيب لهذا الحدث بالإتفاق مع الأجهزة الأمنية، كما اعتبر أهل المدينة- مسيحيون ومسلمون- أن هذا الذي أضاف أقطاب الفتنة في منزله هو المحرض الرئيسي والذي تولى بنفسه متابعه حرق كنيسة الشهيد "مار جرجس"، وقد قام هذا الشخص فيما بعد بالاعتذار للأقباط عندما شعر أنه في حاجة إلى أصوات الأقباط أثناء ترشُّحه لبرلمان مجلس الشعب. وعلى الرغم من أن الكثير قبل بهذا الاعتذار من منطلق "مرغم أخاك لا بطل"، إلا أن إرادة السماء لم تشأ له بتقلد هذا المنصب.. هذا عن ما في ذاكرة أهل "طما" والأقباط على وجهه الخصوص من تاريخ الفتن الطائفية.

وهنا يأتي السؤال: هل ما جرى في قرية "المدمر" الاثنين الماضي ٣ أكتوبر ٢٠١١ (هي إحدى أكبر القرى التابعة لمدينة طما من حيث المساحة، وهي كلمه مشتقة من كلمه "دامير" إشارة إلى المكان العالي المرتفع الذي كان يحفظ فيه الفلاحون محاصيلهم الزراعية أثناء فيضان النيل) هو امتداد لجرح قديم وكابوس عاشه أهل المدينة- مسيحيون ومسلمون- تناساه الطرفان حبًا في العيش بسلام وعودة التآخي بينهم؟؟؟

أم أن هذا نوع من حالات الانفلات الأمني الذي دفع بمجموعة من الشباب أكثر من مائة فرد من أبناء القرية والقرى المجاورة، ليروِّعوا أمن الهادئين، ومعه أمن بلاد بأكملها لا تعرف هذا النوع من تيار العنف؟؟ وإن كنت أؤكِّد أن في "طما" أول من لا يقبل بهذا الأمر هم أباء وأمهات هؤلاء الصبية، ولن يسمحوا لهم بزعزعة الود والمحبة المترسخة بين الطرفين؟

أم أن هذه هي صورة الديمقراطية السلفية الجديدة؟؟ فلم يغفلني أبدًا نبرة التشدد عندما قمت بالاتصال بأحدهم من داخل القرية، وأخذ يكرِّر كلامًا بأن هذا المكان كان بيتًا مملوكًا لمسيحي يُدعى "أنور شنودة" ويعمل نجارًا بالقرية، وأنه لا توجد تراخيص، وهذا أثار حفيظة المسلمين، والقرية أصلًا فيها كنيسة، وأن نسبة المسيحيين فقط ٣٠%.. لم أود أن أقاطعه إلى أن أنهى، وعندها كان سؤالي: منْ أقامكم لتكونوا جهةً تنفيذية، أو حتى جهة رقابية؟ ما شأنك أن القرية بها كنيسة أو أكثر؟ ألم تعلم أن ما قمتم به هو جريمة تعدي على حق الآخرين يُعاقب عليها القانون؟

وعلى الرغم من أني متأكد من عكس ما روى، وهذا ما أكَّده لي جناب القمص "ويصا حبيب"- راعي كنيسه الملاك "ميخائيل" بـ"ساحل طما"، ووكيل مطرانية "طما" التابعة لها كنيسة السيدة العذراء بـ"المدمر"- والذي أكَّد لي أنها كنيسة تُقام فيها الصلاة من ١٢ عامًا، وأن ما حدث هو أن مجموعة من الشباب قاموا برشق الكنيسة بالحجارة، ولكن الأمن تدخَّل على الفور وفرقهم، كما أكَّد على استمرار المصلين في أداء شعائرهم.

زمان في "طما" كان الولد المسيحي بيحمي البنت المسلمة في الشارع أو العكس، أي أن الولد المسلم بيحمي البنت المسيحية فقط لأنها "بنت حتته"، وزمان كمان كانوا المسلمين والمسيحيين بيبنوا الكنيسة مع بعض، وبرضو بيبنوا المسجد مع بعض، فهل لازال هناك كبار حكماء يستطيعون أن يحافظوا على أمن "طما" وقرها بكل أبنائها من المسيحيين والمسلمين؟ أم يلزمنا للعيش أيام زمان أن نعيد الزمان؟

وإن لم أتمكن بالإتصال بالسيد مأمور قسم شرطة "طما"، لكن لا يفوتني أن أشكر فيه سرعة التواجد في مسرح الحدث، وإعادة الهدوء، وإعادة ممارسة الشعائر للمصلين في كنيستهم.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :