الأقباط متحدون - من عفريتة نفرتيتي إلى الفلاحة العجيبة.. كم من جرائم التشويه ترتكب باسم التطويير
  • ١٠:١٤
  • الجمعة , ٢٩ مارس ٢٠١٩
English version

من عفريتة نفرتيتي إلى الفلاحة العجيبة.. كم من جرائم التشويه ترتكب باسم التطويير

أخبار مصرية | الشروق

٤٥: ٠٧ م +02:00 EET

الجمعة ٢٩ مارس ٢٠١٩

عفريتة نفرتيتى
عفريتة نفرتيتى

 رئيس جهاز التنسيق الحضاري: مجهودات فردية وعدم وعي بالجمال

أصدرنا قرارا بعدم وضع أي تمثال إلا بعد الرجوع للجنة وزارة الثقافة
 
كان ظهور تمثال للملكة نفرتيتى، أو «عفريتة نفرتيتى»، كما سمّاه رواد مواقع التواصل الاجتماعى، بداية الانتباه للتشوهات التى بدأت تطول تراثنا النحتى، مما أبدعته أيادى وعقول أشهر فنانى مصر، ليصاحب ذلك التشوه الفعلى لتراثنا بحجة التطوير، تشوه آخر بحجة التجديد، وهو ما ظهر مع تماثيل أخرى حديثة الصنع، وكأن ثنائى «التطوير والتجديد» اتفقا على إصابة فن النحت المصرى فى مقتل.
 
الأمر لم يتوقف على ممارسات التشوه عند حدود حضارة مصر القديمة، وهى رائدة وصاحبة فن النحت فى العالم، بل طال عددا من رموز الحركة الفكرية والثقافية والفنية بمصر، ومنها تمثال كوكب الشرق «أم كلثوم» ورفاعة الطهطاوى، والزعيم أحمد عرابى، وعباس العقاد، وتمثال الموسيقار محمد عبدالوهاب، وغيرها من التماثيل التى تم تشويهها فى الفترة الأخيرة، كان آخرها ما حدث مع تمثال الفلاحة المصرية، للفنان الراحل فتحى محمود.
 
ولكن السؤال الأول الذى يتبادر إلى الذهن، ويستحق البحث: من يقف وراء هذا التكرار المنتشر، وكيف يسمح بحدوثها، وما سبل الوقاية التى يجب على مصر اتباعها لوقف هذه الظاهرة، بل متى حدثت هذه القطيعة المعرفية والجمالية مع تراث مصر الكبير منذ مصر القديمة ونهضة مصر الثقافية. فى صدد البحث عن إجابات لتلك الأسئلة تواصلت جريدة «الشروق» مع عدد من فنانى النحت، كما تحاورت مع المهندس محمد أبوسعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضارى، للوقوف على الأسباب التى أدت إلى ذلك، وما هى الخطة التى يسير عليها جهاز التنسيق الحضارى، لمنع حدوث ذلك فى المستقبل.
 
البداية كانت مع النحات والفنان التشكيلى ناجى فريد، الذى أشار إلى أن المسئول الأول عن ذلك هو مجالس الأحياء المحلية، قائلًا: «ما يحدث لا يمكن وقوعه إلا بعلم الحى»، لافتًا إلى أن المجالس المحلية تفعل ذلك دون الرجوع إلى الجهات المنوط بها، ومعتبرًا ما يحدث جهل وعدم وعى بالثقافة.
 
وأضاف فريد أن الجهة المنوط بها المحافظة على هذا التراث، هى وزارة الثقافة، ولذا فمن واجبها سرعة التحرك لحماية هذا التراث الضخم وجمعه من الميادين والأماكن النائية فى القرى والأحياء، وترميمه قبل وضعه فى متحف مخصص له، أو أى مكان آخر يليق بتلك المنحوتات الفنية القيمة.
 
وبدوره اعترض الفنان والنحات جمال عبدالناصر، عن الحال المزرى الذى وصلت إليه أعمال كبار فنانى النحت بمصر، قائلًا: «أنا ممن يعتمدون على الألوان فى أعمالهم الفنية، إلا أننى أرفض فكرة إعادة ترميم التماثيل الفنية بألوان لم تكن موجودة فى سيرتها الأولى»، معتبرًا ذلك تعديا على الحقوق الفكرية للفنان صاحب التمثال، مشيرًا إلى أهمية أن يكون لدى من يقوم بعمليات الترميم والصيانة احترام لرؤية الفنان، مضيفًا أن تكرار ما تشهده مصر فى الفترة الأخيرة من تشوه لبعض أهم المنحوتات الفنية، ناتج عن تقاعس الجهات المنوط بها الحفاظ على هذه الفنون، لافتًا إلى أن تلك الجهات أصبحت مجرد ردة فعل فقط، تتحرك بعد وقوع الحادثة، لكنها لا تسعى إلى تلافى وقوعها من البداية.
 
وأوضح عبدالناصر أن من يقوم بعمليات الترميم يجب أن يكونوا أساتذة وفنانين متخصصين فى مجال النحت، وذلك بعد استشارة نقابة الفنانين التشكيليين، وسؤال لجنة النحت فيها، مضيفًا أن مصر تعانى حالة من التدهور والإهمال فى جميع أشكال الفن، بسبب غياب تدريس الفنون فى المراحل التعليمية المختلفة، ومنها اختفاء حصص «التربية الفنية، والموسيقى، والمسرح، والفنون الشعبية»، وغيرها من الوسائل التى كانت تساهم فيما مضى فى تنمية ذائقة الفن عند الطفل، وتجعله يحب الجمال ويحترمه.
 
ومن جانبه قال الفنان والنحات ناثان دوس: «يبدو أننا فى دولة مؤسسات ولدينا جهات معنية بالفن، ولكن يبدو أيضًا أن هذه المؤسسات متخاصمة، فلا الحى يخبر التنسيق الحضارى، ولا أكاديمية الفنون تهتم بإرسال متخصصين لترميم هذه المنحوتات، وهو ما يقودنا إلى الوضع الحالى، من أننا أصبحنا نتعامل مع آثارنا وتراثنا كما يتعامل العمال فى ورش الجبس، مستخدمين النقش والتلوين، بدون وعى بالقيمة الفنية والتاريخية للمنحوتة».
 
مضيفًا أن الوضع كله أزمة تنسيق ما بين السلطة التنفيذية وأكاديمية الفنون، وإسناد المهمة إلى غير أهل الخبرة، فضلًا عن قلة وعى الناس بأهمية هذه التماثيل، بخاصة بعد الدعاوى التى انتشرت على مدار عقود مضت، ساهمت فى احتقار الناس لتلك الفنون، باعتبارها شيئًا حراما، وهو ما خلق فى النهاية حالة اغتراب بين الناس وحضارتهم الفرعونية، لافتًا إلى أن على هيئة التنسيق الحضارى التحرك بشكل سريع لإنقاذ هذه الحضارة.
 
ويرى الدكتور ياسر منجى، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، أن حالة الغضب على صفحات التواصل الاجتماعى، ورفض الناس لما يحدث، هو جانب إيجابى يجب الالتفات له، مشيرًا إلى أنه ساهم بدور كبير فى الكشف عن استمرار تلك الحالة من التشوه التى كانت تتعرض له هذه التماثيل منذ مدة زمنية طويلة، وكان آخرها ما حدث مع تمثال «الفلاحة المصرية» للفنان الراحل فتحى محمود.
 
وتابع «منجى» إن التناول الإعلامى لحالات التعدى الصارخة، نتج عنه معلومتان مهمتان؛ الأولى هى معرفة الناس بعدم وعى القائمين على أعمال الصيانة للتماثيل، ولا بقيمة العمل الفنى وخامته، ولهذا كان يتم استخدام مواد لا تتناسب مع المادة التى صنع منها التمثال الأصلى، معتقدين أن ذلك يضفى عليه جمالا ــ بحسب قولهم، كما يكشف أنهم لم يعرفوا شيئًا عن أن مجال النحت لا يتعامل مع الألوان بشكل أساسى بل يتعامل مع الفراغ والكتلة والحجم والخط والحركة والضوء والظل وغيرها، كقيم أساسية، والأمر الآخر، هو غياب الثقافة الجمالية المتخصصة عن قطاع كبير من الناس، الناتج عن ضعف دراسة التربية الفنية بالمدارس، فضلًا عن ضعف الثقافة العامة بين الناس بشكل كبير.
 
وأشار «منجى» إلى أن بداية الحل، تتطلب ألا توكل أعمال الترميم إلى إدارة الأحياء، التى تسندها بدورها إلى مجموعة من الموظفين أو بعض المقاولين، بل يكون جهاز التنسيق الحضارى، وبعض المتخصصين من الكليات الفنية، فى مقدمة عمليات الترميم؛ لأنهم أكثر خبرة بما تحتاجه الخامة التى تخضع لعملية الصيانة، حيث إن كل خامة لها متطلباتها واشتراطاتها وطرق معالجتها، فضلًا عن أن الجهات المختصة تكون على معرفة بأسلوب النحات الإبداعى، وهو الأمر الذى يختلف من فنان إلى آخر، موضحًا أن عدم الدراية بذلك يؤدى إلى حدوث تحريف فى العمل الفنى.
 
كما طالب بضرورة تفعيل القوانين والتشريعات التى تضمن عدم حدوث هذا الاعتداء مرة أخرى، مع النص على غرامة مالية والتعرض للمُساءلة القانونية فى حالة الاعتداء على هذه التماثيل.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.