بقلم: د. أمجد ثابت
عفوا سيدي العربجي \" هما لو يحكموا بشريعة الله يا أستاذ صدق هينضفوا البلد\" هكذا نطق مقولته والرذاذ يتطاير من فمه ليملأ وجهي... قالها بلغة الفاهم بالأمور بصوت أجش أعقبها بكرباج قوي علي ظهر حصانه ليوحي بالقوة فهو يتكلم عن شرع الله وكأن به قد عاد قرونا للماضي وخال بنفسه احد المجاهدين ليقاتل الكفار وينشر دين الله ويطبق حكم شريعته وحدق بنظره ملتفتا نحوي ليري تأثير كلماته علي شخصي وهو لا يدري أني لست علي دينه والحق أن كلماته كانت بالغة الأثر، عميقة إلي حد التفكير.
فقد اندهشت جدا فانا لست أمام نابغة دينيه يري أن في تطبيق شريعة الله وأحكامه هو المناص الوحيد لما آلت إليه الأمور من فساد وتدهور سياسي وأخلاقي وأيضا لست أمام مفكر سياسي يري بأفقه الواسع وسياسته المحنكة ان تطبيق الشريعة الاسلاميه في مصر سوف تنجح فيما فشل فيه قوانين السادة العلمانيين ولا حتى أمام موظف عادي يسخط علي حكومته ويري في تشجيع غريمها شفاء لكرامته المهانة في وظيفته.
ولكنها كانت كلمات \" عر بجي\"!!! والأغرب أنها كانت ردا وتعقيبا لحديث لا صلة له بالموضوع فأنا مستاء من شوارع المدينة المليئة بالأوحال من جراء الصرف –اللاصحي- والذي حول الطرق ألي بركه من المياة تصطاد منها الأسماك فلست ادري هل اختلط الأمر علي صاحبنا وخلط بين نظافة البلدة من الأوحال ونظافة البلد من الفساد ؟ ام انه يري ان في الحكم بشريعة الله سوف تنظف البلد فعلا علي أكمل وجه ويعم الرخاء والسلام ويسود الأمن والأمان وتصير شوارعنا جميله مزينه بالورود ما دمنا نحكم بشرع الله وقبل ان انطق ببنت شفه وجدته يخرج من جيبه موبايل (نوكيا 6600) ولسان حاله يقول ان من حقه ان يتكلم في الدين والسياسة ما دام يمتلك موبايل بكاميرا وخط وكأنه صار من أعيان البلد او احد قادتها الذين لهم الحق ان يصلح ما قد انكسر.
وعجبت لقد كثرت هذه الأيام الكلمات التي تتردد كالاسطوانة المشروخة والتي يرددها أصحابها دون فهم او وعي ولا يقدرون أبعادها ولا يفهمون معانيها ولا عجب فالمناخ الذي نحيا به في مصر قد زرع داخلهم كل هذا فلقد احتكر الإرهاب شتي أنواع المواصلات يكفي ان تركب عربة مترو لتري ذلك الداعية ذو اللحية الطويلة وهو يتكلم عن عقوبات الدنيا والآخرة ما دمنا لا نحيا بحكم الله ويزرع داخلهم الشريعة الاسلاميه بقوانينها وإحكامها أو حني الأتوبيس تراه هناك يتخذ من جانب السائق منبرا ليراه الجميع في \" عز الزحمة \" ليتكلم عن حلاوة وطراوة شريعة الله وان ما نحن فيه الآن عقاب السماء لأننا لا نطيع أمرالله ولا نحيا بأحكامه وإذا اختفي الداعية ظهر مكانه داعية اخر شريط الكاسيت في التاكسي او الميكروباص واللهم لا اعتراض فمن منا يجروء أن يقول كلمه في حق كلام الله حتى لو كان كل الركاب مسيحيين لا يهم مادام السائق مسلما ام عن الأعلام فحدث ولا حرج من البرامج التليفزيونية ليل نهار والاذاعيه بشتى أنواعها والكتب الملقاة علي الرصيف والتي تهاجم المسيحيين في أرائهم وإيمانهم تحت شعار( حرية الرأي للمسلم وقطع لسان القبطي) والمنشورات واللافتات وغيرها وساعد في هذا الفساد الإداري في الدولة ولسان حال كل منا. اننا لن نصير اردأ مما نحن فيه الان فلعل في الشريعة وإحكامها نري الدفة التي تقود سفينه البلد ولا مانع ان نعطيهم حق التجربه في ارواحنا وبلادنا مادام الاولون قد اثبتوا فشلهم، وهل حقا في تطبيق الشريعة الاسلاميه ما سوف ينظف البلد ؟
ان المسيحية لا تخلط بين الدين والسياسة والرسول بولس يعلمنا ان نخضع للسلاطين ويري ان من يقاوم السلطان فهو يقاوم ترتيب الله ويقول إذا أردت ان يكون لك مدح منه فافعل الصلاح فانه لا يحمل السيف عبثا فهو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر (رو1:13-7).
بقي ان نقول هل حقا صارت البلاد التي طبقت الشريعة الاسلاميه أكثر أمنا وأمانا ؟ فالبلاد التي تحكمها الشريعة الاسلاميه بنسب متفاوتة مثل السعودية - إيران - باكستان -- السودان وحال هذه الدول يتكلم عن نفسها من خرق لمبادئ حقوق الإنسان وعنف وإرهاب وقمع واضطهاد بل إن معظم الدول الاسلاميه في حالة انهيار اقتصادي ما لم يصل الي حد المجاعات ناهيك عن سوء الأخلاق وافتقاد ألامان نهاية عفوا سيدي العربجي أتمني أن تعي جيدا ما تقول حني لا تبكي في وقت لا ينفع فيه الندم.