كتب : د. مينا ملاك عازر
لا أكتب هذا المقال تشفيا في النادي الذي دللته الدولة، وصنعته اتحادات الكرة المتتالية التى ينتمي أعضاءها لجماهيره فخيبوه مثلهم في ذلك مثل الأب والأم اللذان دللا أبنهما الوحيد فأخرجوه ضعيف وخيبان ومدمن، بطولات لا يستحقها، أو الأب والأم اللذان أحبا ابن أكثر من الآخرين، فلم يعدلوا بينهم، فخرج خيبان، صحيح كثير الهدايا والإنجازات التي صنعوها له لكنه حال الاحتكاك الخارجي يكون مثله مثل الابن الوحيد المدلل خايب وفاشل ويحتاج لمن يعاونه ويسنده، فافتضح أمره حين تحايل بالحكم في النسخة السابقة أمام الترجي على أرضه، فكان نصيبه ثلاث صفعات من الترجي بدون تدخل من التحكيم، واليوم حين التقى بنادي من جنوب أفريقيا فتلقى خمس، وحتى لا يضايقوه استمروا في تدليله، فقالوا له ما تزعلشي يا حبيبي دا الحكم وحش مع أنهم بنفسهم قالوا أن الحكم محترم وصعب رشوته، لذا صعب الريمونتادا، المهم أنني لا أكتب مقالي هذا أبدا لكي أتشفى في الأهلي ولا في الدولة التي صنعت نادي خايب ضعيف أسد بمعونة جماهيره العاملين في الإعلام واتحاد الكرة، محلي وفأر مذعور أمام خصومه متى انقطعت خدمات الدولة.
إذن، لماذا أكتب هذه المقالة؟ أكتب لدموع الجماهير الوفية التي صدقت احتمالات الريمونتادا، وسافرت لتراها، ولتشجع المستحيل، المستحيل مش موجود لا جدال في هذا، وأنه طالما قُهِر في مرات كثيرة لكن هناك معطيات تؤكد لنا أنه يمكن قهره أم لا؟ تلك المعطيات كانت غائبة والاعتماد على الجماهير فقط لبث الحماس في لاعبين لم يعتادوا المنافسة الحقيقية واللعب تحت ضغط، إذ تعودوا ضمان وجود حكام قادرين يصنعون الفارق لهم، جعلهم متنرفزين وعصبيين ومحتكين بخصومهم وبالحكم دون داعي، الأزمة في من روجوا لاحتمالية العودة للأهلي والفوز بأكثر من خمس أهداف أو قل بخمس، فالاحتكام لضربات الترجيح، فحين لم يحدث ما تمت الترويج له حضرت دموع الجماهير.
هنا أيها السادة تكمن مأساتي مع كل من يلعب على مشاعر الجماهير كالأنظمة التي تروج بعودة بلادها لقوتها الغابرة وشروق شمسها الآفلة، وإعطاء الجماهير مواعيد وسنوات تاريخية سهلة، ولكنها بعد سنوات إما الجماهير تنسى أو إعلامهم يصدر نغمة المؤامرة الكونية التي اتكأوا عليها، في حالة الأهلي قالوا الحكم والجماهير تتعشم، وبعد صافرة الحكم تبكي وتتألم، فتخرج وعود جديدة من باب تصبيرهم وتسكينهم وإلهاءهم بمد مدة ريمونتادا أنظمة عشرات السنوات، فأنا أعرف دولة في عنق الزجاجة منذ قرابة السبعين عاماً، لا الزجاجة انكسرت ولا الجماهير خرجت منها، ولا العنق انتهى، وبقي النظام يعدهم بالمزيد من الآمال شريطة الصبر والمساندة، فيساندون، وفي النهاية يدمعون ويعودون ليصدقوا آمال جديدة.
أتعاطف مع جماهير الأهلي التي لم تعودهم الدولة واتحادات الكرة المتعاقبة على أن يكون لها منافس جاد بتدمير كل منافسيهم من باب إرضائهم وإلهائهم عن كوارث سياسية واقتصادية، وأتعاطف معهم لأنهم مضللين مصدقين احتمالية عودة الأهلي التي كانت مستحيلة تقريباً، وأتعاطف أكثر لأنه يتم تضليلهم بإلقاء اللوم على الحكم الذي شهد له من قبل أنه غير مرتشي، وكان شاهد من قبل على ريمونتادا زمالكاوية على أرض مصر كادت تتم لولا فارق هدف واحد لم يتم إحرازه، ففشلت الريمونتادا إذن الحكم ليس كاره لأحد ولا متواطئ، ولكن هي قدرات.
ملحوظة أكتب هذه الكلمات قبيل مباراة الزمالك التي لا أعلم نتيجتها ولا يهمني، فهذا لن يغير في الأمر شيء، ريمونتادا الأهلي كانت مستحيلة، واللاعبين قصروا، والمدير الفني أهمل وتهاون، وتاجر ومن معه من المسؤولين بمشاعر الجماهير ووعدوهم بوعود تشبه وعود الأنظمة الخاسرة الفاشلة التي تراهن على عنصر الوقت الذي لم يقف في صف النادي الأهلي، لأن ما أقصر من ساعة ونصف لعب لتنكشف قدرات الفريق وعدم قدرته على تحقيق وعوده، بعكس الحال في حالة الأنظمة التي تستطيع مد فترة الانتظار والأمل في تحقيق الحلم لعشرات السنوات دون كلل أو ملل، التشابه الوحيد إلقاء الأسباب على العامل الخارجي.
المختصر المفيد حظ أوفر للنادي الأهلي.