بقلم : سامح محروس
سيبقي ماحدث يوم الأحد الأسود جرحا غائرا في وجدان أصحاب الضمير الحقيقي في هذا البلد.. حين خرج مواطنون مصريون مسالمون في حالة غضب نبيل من حادث طائفي بغيض استمرأ المتطرفون ارتكابه وتكراره بالعدوان علي دور العبادة وتدميرها بدءا بكنيسة قرية صول بأطفيح. مرورا بامبابة ووصولا الي قرية "الماريناب" بمحافظة اسوان.. خرج هؤلاء الأبرياء يطرحون علي ضمير المجتمع قضية نبيلة وعادلة ويدقون ناقوس خطر لقضية تعد هي التحدي الأكبر والاخطر لوحدة مصر وأمنها واستقرارها.

استكثر اصحاب القلوب السوداء ممن لاتقل نياتهم سوادا عن هؤلاء الذين رفعوا الرايات السوداء علي أرض سيناء ومن قطعوا شريط السكك الحديدية لمدة قاربت الاسبوعين وهددوا بانفصال صعيد مصر ورفعوا اعلام ورايات دولة اجنبية.. استكثر هؤلاء علي الابرياء أن يغضبوا حين شعروا باستهدافهم في دار عبادتهم فكان التحريض الطائفي البغيض والدخيل علي طبيعتنا المصرية المعروف عنها دوما تسامحها وتعايشها السلمي. وانطلقت الشائعات المغرضة والمدبر لها التي تتحدث عن قيام الاقباط بالاعتداء علي الجيش وحرق مركباته ومدرعاته!!

كلام يجافي العقل والمنطق ولايصدقه طفل في "كي جي 1".. ولايحمل اي درجة من درجات المعقولية. حين يتحدث احد عن مظاهرة سلمية يسير في ركبها الرجال والنساء والاطفال وتتخذ الشكل العائلي والاسري. وحصلت علي كافة الموافقات الامنية التي تحدد مسارها وتوقيتها مسبقا. بل والاكثر ان منظمي المسيرة وجهوا الدعوة لكافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لمتابعتها.. ثم يقولون انها كانت تحمل اسلحة وقذائف ومولوتوف.

بالله عليك تصور أنك فكرت يوما أن تشارك في مظاهرة من هذا النوع وكانت لديك النية المبيتة لحمل السلاح واستخدام العنف.. هل يمكن ان تفكر في أن تصطحب اطفالك معك في مثل تلك المظاهرة التي تحمل مخاطر شتي؟

ألا يفرض عليك ضميرك ومسئوليتك تجاه أولادك ان تبقيهم بعيدا عن تلك المسيرة خوفا عليهم وحرصا علي حياتهم؟
وبناء عليه هل اصيب منظمو تلك المظاهرة بالخبل حين اصطحبوا اطفالهم وهم يبيتون النية لخوض تلك المعركة؟

الأمر غير معقول.. ولايمكن لمظاهرة سارت لمسافة عشرة كيلو مترات وشاهدها العالم أجمع واصطحب منظموها أولادهم معهم أن نكيل لهم تلك الاتهامات الساذجة والفجة؟

الحقيقة واضحة وضوح الشمس.. والمطلوب تحقيق نزيه ومحايد لايستثني أحدا من المساءلة.. والمهم أن يبدأ هذا التحقيق ببحث وتقصي الدور الذي قام به تليفزيون الدولة الرسمي فيما قدمه من تغطية لتلك المظاهرة والحشد والتحريض الطائفي الذي شهدته القاهرة حتي كان هذا الحادث المؤلم الذي يمثل بقعة ملطخة بالدماء علي ثوب الثورة المصرية.

ان آلاف الكلمات لايمكن ان تعبر عن فجيعة اصحاب الضمير الحي في جريمة سحق هؤلاء الشهداء الابطال. الذين لم يبخلوا بدمائهم الذكية وأرواحهم الطاهرة دفاعا عن الحق والمبدأ والعدل.

حفظ الله مصر من شر الفتن.. وسلام علي أرواح الشهداء الابرار.