د.ماجد عزت إسرائيل
بعد أن سخر هيرودس من السيد المسيح أراد أن يتجنب المسئولية القانونية فأعاده إلى بيلاطس البنطى،كما ذكر إنجيل معلمنا لوقا حيث ذكر قائلاً:" ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد . فاحتقره هيرودس مع عسكره واستهزا به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس. فصار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما في ذلك اليوم لانهما كانا من قبل في عداوة بينهما. (لوقا 23: 11-12).وبعد أن إعاده بدات محاكمة السيد المسيح أمام بيلاطسكما ورد في إنجيل لوقا قائلاً:" فدعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب . وقال لهم: «قد قدمتم الي هذا الانسان كمن يفسد الشعب. وها انا قد فحصت قدامكم ولم اجد في هذا الانسان علة مما تشتكون به عليه. ولا هيرودس ايضا لاني ارسلتكم اليه. وها لا شيء يستحق الموت صنع منه. فانا اؤدبه واطلقه». وكان مضطرا ان يطلق لهم كل عيد واحدا . فصرخوا بجملتهم قائلين: «خذ هذا واطلق لنا باراباس!». وذاك كان قد طرح في السجن لاجل فتنة حدثت في المدينة وقتل.20 فناداهم ايضا بيلاطس وهو يريد ان يطلق يسوع فصرخوا: «اصلبه! اصلبه!» فقال لهم ثالثة: «فاي شر عمل هذا؟ اني لم اجد فيه علة للموت فانا اؤدبه واطلقه». فكانوا يلجون باصوات عظيمة طالبين ان يصلب. فقويت اصواتهم واصوات رؤساء الكهنة. فحكم بيلاطس ان تكون طلبتهم. فاطلق لهم الذي طرح في السجن لاجل فتنة وقتل الذي طلبوه واسلم يسوع لمشيئتهم.(لوقا 23: 14-25).
على أية حال، كانت هذه آخر محاكمة للسيد المسيح حيث أراد بيلاطس تهدئة عداء اليهود فقد أمر بتعذيبه وكان التعذيب الروماني عبارة عن الجلد (39) جلدة قاسية. وفي محاولة أخيرة لإطلاق سراح يسوع قدم بيلاطس لليهود الخيار بين صلب باراباس المجرم مقابل إطلاق سراح يسوع، ولكن دون فائدة. فقد طالبت الجماهير بإطلاق سراح باراباس وصلب المسيح. أعطاهم بيلاطس ما طلبوه وسلمهمالسيد المسيح ليفعلوا ما يريدون به (لوقا 23: 25). إن محاكمات المسيح تمثل أقصى إستهانه بالعدالة. يسوع أكثر الناس براءة في تاريخ البشرية تمت إدانته وحكم عليه بالموت صلباً. أخذ بيلاطس ماءً وغسل يديه أمام الجمع وقال: أنا بريء من دم هذا البار (متى 27/24)، ثم سلّمه ليصلب. لا يختلف باحثان أن السيد المسيح قد أدين من قبل سلطات الإمبراطورية الرومانية بتهمة الثورة وعقوبتها الإعدام. لكن المجلس الأعلى لليهود قد حكم عليه بالموت بتهمة التجديف وبحسب الشريعة اليهودية فإن الإعدام يجب أن يتم رجمًا بالحجارة، غير أنه ولكون الحكم صادر عن الحاكم الروماني يتعين تنفيذ الطريقة الرومانية في الإعدام وهي الصلب، وذلك نظرا لأنه لم يكن لليهود في أوضاع فلسطين الدستورية أن يصدروا حكماً بالاعدام. ففي التلمود ورد في باب السنهدرين (1،1: 7،2): "اربعين سنة قبل خراب الهيكل رفعت عن الأمة الاسرائيلية حقوقها في أحكام الموت والحياة".
وهنا سجل لنا إنجيل معلمنا لوقا هذا المشهد الرهيب حيث تم تنفيذ اليهود حكم الموت على السيد المسيح بالصلب على إنسان برىء لم يرتكب ذنب،أين العدالة الغائبة؟ أين الكتاب والمؤرخين اليهود وما هو موقفهم من هذه القضية؟ وما هو موقف القيصر؟أسئلة كثيرة تحتاج للعديد من الاجابات .ولكن خلاصة هذا المشهد هو تنفيذ الموت عن طريق صلب السيد المسيح...ونفذ رئيس كهنة اليهود فكره أى فكر الأمة اليهود – سبق الإشارة في المقالات السابقة- وهنا نرصد تنفيذ حكم الموت بالصلب لمعلمنا لوقا حيث وصفه قائلاً:" ولما مضوا به امسكوا سمعان رجلا قيروانيا كان اتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع. وتبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن ايضا وينحن عليه. فالتفت اليهن يسوع وقال: «يا بنات اورشليم لا تبكين علي بل ابكين على انفسكن وعلى اولادكن لانه هوذا ايام تاتي يقولون فيها: طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد والثدي التي لم ترضع. حينئذ يبتدئون يقولون للجبال: اسقطي علينا وللاكام: غطينا. لانه ان كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا فماذا يكون باليابس؟». وجاءوا ايضا باثنين اخرين مذنبين ليقتلا معه. ولما مضوا به الى الموضع الذي يدعى «جمجمة» صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والاخر عن يساره. فقال يسوع: «يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون». واذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها. وكان الشعب واقفين ينظرون والرؤساء ايضا معهم يسخرون به قائلين: «خلص اخرين فليخلص نفسه ان كان هو المسيح مختار الله». والجند ايضا استهزاوا به وهم ياتون ويقدمون له خلا قائلين: «ان كنت انت ملك اليهود فخلص نفسك» وكان عنوان مكتوب فوقه باحرف يونانية ورومانية وعبرانية: «هذا هو ملك اليهود». وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا: «ان كنت انت المسيح فخلص نفسك وايانا!» فانتهره الاخر قائلا: «اولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه؟ اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا واما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله». ثم قال ليسوع: «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك». فقال له يسوع: «الحق اقول لك: انك اليوم تكون معي في الفردوس». وكان نحو الساعة السادسة فكانت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة. واظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه. ونادى يسوع بصوت عظيم: «يا ابتاه في يديك استودع روحي». ولما قال هذا اسلم الروح. فلما راى قائد المئة ما كان مجد الله قائلا: «بالحقيقة كان هذا الانسان بارا!» وكل الجموع الذين كانوا مجتمعين لهذا المنظر لما ابصروا ما كان رجعوا وهم يقرعون صدورهم. وكان جميع معارفه ونساء كن قد تبعنه من الجليل واقفين من بعيد ينظرون ذلك. واذا رجل اسمه يوسف وكان مشيرا ورجلا صالحا بارا - هذا لم يكن موافقا لرايهم وعملهم وهو من الرامة مدينة لليهود. وكان هو ايضا ينتظر ملكوت الله. هذا تقدم الى بيلاطس وطلب جسد يسوع وانزله ولفه بكتان ووضعه في قبر منحوت حيث لم يكن احد وضع قط. وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح. وتبعته نساء كن قد اتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده. فرجعن واعددن حنوطا واطيابا. وفي السبت استرحن حسب الوصية. (لوقا 23: 26-56).
الخلاصة.... أن السيد المسيح حكم عليه بدون ذنب واتهم من شهود زور،كما أن بيلاطس كان يعلم أن السيد المسيح برىء ولم يرتكب جريمة،وأيضًا اللص اليمن عرف أن جاره على الصليب هو برىء وأنه هو المخلص،كما عبرت الطبيعة عن الظلم حيث تشققت الصخور وحدث ظلام على الأرض في وقت الصلب، كما أن هناك من إدرك قيمة يسوع وعبر عن تعاطفه ومحبته مثل سمعان القيروانى ويوسف الرامى ونيقوديموس،كما أن بطرس عندما صاح الديك تذكر ما قاله له معلمه وبكى بكاء مراً،حتى يهوذا الإسخريوطي الذى سلم معلمه حاول أرجاع الثلاثين من الفضة،وكما تنبأ السيد المسيح لليهود بخراب أورشليم حدث فى 70م. كما ان هذه الأحداث جميعها أثبتت صحة ما ورد في الكتاب المقدس.هل تعلمنا من هذه القضية؟ هل خرجنا بنتائج؟ هل شعرنا بأمه وتلاميذه ومريده ومحبيه؟ أبن هي قلوبنا حاليًا هل مع حنان وقيافا وهيرودس وبيلاطس ويهوذا والشهود الزور؟ أما قلوبنا مع اللص اليمن سارق الملكوت والقيروانى والرامى؟. للحديث بقية.