الأقباط متحدون | مؤتمر المجلس الأعلى.. والضربة القاضية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الاربعاء ١٩ اكتوبر ٢٠١١ | ٧ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٥٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

مؤتمر المجلس الأعلى.. والضربة القاضية

الاربعاء ١٩ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القس أيمن لويس
 
"إن رأيت ظلم الفقير ونزع الحق والعدل في البلاد، فلا ترتع من الأمر، لأن فوق العالي عاليًا يلاحظ، والأعلى فوقهما" (جامعة 8:5).
كنت كتبت وقلت قبل هذا المؤتمر المُسجَّل والممٌنتج في مقالي السابق "يا مسيحيون، لا تنتظروا تحقيقات ولا محاكمات، فمن يحكم على منْ؟!! لأنه منذ  يناير 25 حدث أكثر من 11 اعتداء طائفي سافر على الأقباط لم يُفعَّل القانون فيها إلا على المسيحيين، قبل  هذا المؤتمر كنت- مع باقي المسيحيين- أعيش اعتكاف الحزن، نتجرَّع المرارة والاحساس بالقهر، وجلست أتابع المؤتمر الصحفي، وإذ بي أشعر بطنين وانسداد في الأذن، وزغللة بالعينين، ودوخة وعدم اتزان، ثم صداع رهيب مازلت أعاني منه حتى الآن، من هول ما أسمع!! غير مصدِّق كل هذا الكم من المغالطات!! وهذا الانحياز السافر لانتمائهم الديني، حتى وإن كان على حساب صالح الوطن أو تحقيق العدلة !!، رغم أنه من المفترض أنهم على درجة من الثقافة والوعي والاحساس بالمسئولية التي تجعلهم يدركون أن موقعهم كمسئولين في هذا الموقع يلزمهم بالالتزام بالحيادية وعدم تغليب مشاعرهم الدينية على تحقيق العدالة، أو على الأقل يحاولون التحلي بالكياسة حتى لا يفتضح أمرهم، لكن شىء من هذا لم يحدث، بل بكل مجاهرة، هو كدة معندناش غير كده، مع وابل من التهديد باستغلال السلطة لمزيد من القمع للمسيحيين عند تكرارهم المطالبة بالحقوق.
 
 
إننا كمسيحيين نرفض ما جاء بهذا المؤتمر شكلًا وموضوعًا، فقد كان قبل المؤتمر تساورنا الشكوك حول انحياز المجلس الأعلى للتيارات الإسلامية المتشدِّدة لحد التطرف انحيازًا يصل لحد التواطؤ. أما اليوم، فقد تأكد لنا أنه نوع من الشراكة، لكننا لا نعرف إن كان ما يحدث من اعتداءات متكررة من جانب أفراد من الجيش على المسيحيين هو تصرفات فردية من بعض القيادات المكلفة بقيادة الجنود أم هي سياسة نظام؟.. فبدايةً من موقعة الصناديق، أقصد الاستفتاء على تعديلات الدستور التي تم إخراجها بطريقة جعلتها تخرج بهذه الصورة الطائفية "فنعم الخضراء للمؤمنين، ولا السوداء للكفار"، والأحداث تتصاعد ضد المسيحيين، فكانت أحداث "صول" والاحتكام لشيوخ السلفية وإبطال إعمال القانون، ثم المجالس العرفية للضغط على الأقباط، والاستجابة لعدم تعيين محافظًا قبطيًا، ثم التهاون مع المعتدين على المسيحيين ولاسيما عندما طبق عليهم الإسلاميون أحكامهم التي يرون أنها بدايات تطبيق الشريعة، ثم ترك لهم الحبل على الغارب للتطاول بالسب والازدراء، ثم أحداث "إمبابة" والمغالاة في القسوة على الأقباط، مع القبض الشكلي على بعض المسلمين، ثم أحداث "ماسبيرو"، لست أقصد موقعة المذبحة الأخيرة بل فض الاعتصامات والمظاهرات السابقة، والتي استخدمت فيها قوات الجيش أيضًا القوة المفرطة، وقيامة بعملية السحل
 
والقبض، ولا ننسى أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق النيران على المسيحيين من قبل الجيش، ففي موقعة دير الأنبا "بيشوي"، ثم أحداث "المقطم" حدث أيضًا بالمشاركة مع المتشددين، كما حدث في هذه المذبحة الهمجية الأخيرة، والتي سارعت فيها السلطات بتنظيف موقع الجريمة لطمس ومحو الأدلة لتضليل المحققين الجنائيين.. فقط مع المسيحيين يتم استخدم الذخيرة من قبل الجيش، حتى وإن كان هناك طرفًا آخر اشترك معه فهي مسئوليته!. لقد قال شهود عيان بينما تدهس المدرعات الأجساد كان هناك جنديًا يحصد الأرواح بمدفع من أعلى المدرعة مع تهليلات التكبير. ثم مهزلة استمرار الأسلوب التحريضي على الأقباط في المؤتمر الصحفي، ليؤكِّد لنا أن ما قام به التليفزيون من تحريض هو عمل ممنهج متفق عليه، بتقديم اتهامات باطلة للأقباط بأسلوب مرسَل بعيد عن الأدلة والتحقيقات، حيث لم يسعفهم الوقت، بالإضافة لصدمة المفاجئة من رد الفعل الشعبي والعالمي في تلفيق التهم التي يدبِّرون الآن ترتيبها.
 
 
إن أدلة الجريمة واضحة وضوح الشمس، فصور المدرعات المجهَّزة بتحفز لتتبع المتظاهرين حتى فوق الرصيف، سبقها بأيام تمهيد بعمل شحن معنوي لدعم حالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع، بالترويج لاتهام المسيحيين بالكفر في وسائل الإعلام، وهو ما كان واضحًا أثره على الجنود المتحفزة للانقضاض على الفريسة.
كان من المثير للاستفزاز أنه مع توافر هذا الكم الهائل من شهود العيان والتسجيلات المصورة، هذا كله يتم تجاهله!!!، ثم يخرج علينا المؤتمر بمشاهد انتقائية بنفس أسلوب اختيار ضيوف المتابعة بالتليفزيون المصري. إن كل ما جاء بالمؤتمر ينقصه الصدق والدقة ومبتور من سياقة الحقيقي، فمثلًا عندما يقول إن الجيش ملتزم بعدم قتل المصريين، كان عليه أن يتحرى الدقة ويكون أكثر وضوحًا ويقول "المصريين المسلمين". بعد كل هذا ليس لدينا أي ثقة في أي تحقيقات سوف تتم تحت قيادة هذا المجلس الذي أعلن بالفعل نواياه، وقدَّم خطاب تبرئة نفسه ومن معه وما يتبعه من مؤسسات. ولا نجد منفعة للجنة تقصي حقائق، فماذا تم عندما طالبت لجنة العدالة بسرعة إقالة محافظ "أسوان" قبل تصاعد الأحداث، وبتأييد مجتمعي واسع، مؤكِّدين عدم صلاحية هذا المسئول في موقعة؟؟ لا شئ، لأنه مطلب الأقباط!! ولا يجب التعامل معه إلا بالتجاهل والاستهانة وأسلوب المراوغة لإضاعة الوقت كما يحدث مع مطالب الثورة، وتأكيد على سياسة التعالي والاستعلاء الطائفي.
 
 
أعتقد، انقلب السحر على الساحر، فإن كان هناك قطاعًا كبيرًا من المتعصبين الذين يكرهون المسيحيين لايزال يتعاطف مع العسكر، فهناك قطاعًا أكبر يتحلى بضمير إنساني رفيع، وبحس وطني يقبل مفهوم المواطنة، وباستنارة فكرية يدرك أن أمن وأمان الوطن في وحدته.. إن هذه الجريمة نزعت ورقة التين والأقنعة عن حقيقة ما تفعله الإدارة في البلاد من ناحية، ومأساة المسيحيين في هذا البلد من ناحية أخرى.
 
تعالوا معًا بنظرة تحليلة نقيِّم الوضع مند 11 فبراير.. فشل.. فشل.. فشل، على كافة الأصعدة: سياسيًا، وأمنيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا.. تخبط في القرارات.. الالتجاء للممارسات القمعية.. غياب الشفافية والصدق. لقد منح هذا الشعب المصري العظيم لهذه الإدارة فرصة على طبق من ذهب، لا تتكرر، لكي تُكتب أسمائهم بأحرف من النور في كتاب تاريخ "مصر" الحديث، ولكن يشاء السميع العليم العادل أن يحرمهم من هذا الشرف الرفيع؛ لأنه يعلم ما في صدورهم، وأنهم ليسوا أبرياء، بدايةً من موقعة الجمل التي فتحوا فيها تشكيلاتهم وتحصيناتهم ليدخل البلطجية الميدان لقتل الثوار، ووقفوا موقف المتفرج، عدا ذالك الضابط المسيحي "ماجد بولس" على ما أذكر، الذي أخذ يصرخ وهو يبكي ليس لديَّ أوامر!!. إن كل ما نراه ما هو إلا إجهاض للثورة، فمنذ اليوم الأول، منذ أن أسند لهم المخلوع مسئولية البلاد، ولم تسترح نفسي في أحشائي؛ فهم شركاؤه لعشرات السنين، يصفقون له، ويسبحون بعظائم أعماله، وينعمون بنعيم حكمه. إن هتاف "الشعب والجيش يد واحدة" يرجع لأننا شعب طيب ومسالم بطبيعته، يبغي الاستقرار. ولأن شباب الثورة خبرته محدودة؛ كان على العسكر تقديرجميل الشعب الذي قبلهم متغاضيًا عن سنوات سكوتهم على فساد قائدهم، كما أن عدم فتح الجيش النار على المتظاهرين أثناء ثورة يناير ليس جميلًا، يجب على الشعب دفع ثمنه بالسكوت على أخطائهم، فلا شكر على واجب. كما أن الثورة كانت عز الطلب لنجاتهم من خطة التوريث، ثم من يحمل سلاحًا لحماية الوطن لا يصنع جميلًا إذا لم يصوِّبه في صدر أبناء وطنه!!.
 
فمنذ تنحَّى المخلوع، تتوالى الكوارث وتحل النكبات تباعًا. فتم ملاحقة وتعذيب الثوار بالمتحف، وهتك عرض النساء بكشف العذرية، وملاحقتهم بالأحكام العسكرية الجائرة.. تركوا من سرقوا الوطن ومن يروجون الفوضى وينشرون الفتنة مقدمين لهم كل تدليل، وملاحقة شباب الثورة الشرفاء، والمطالبين بحقوق مشروعة!.
 
 
كانت مجزرة "ماسبيرو" الأخيرة رسالة واضحة للكافة، أنه الإجراء التأديبي بالضربة القاضية، حتى لا يتجرأ المسيحيون برفع صلبانهم المستفزة مرة أخرى، أو رفع أصواتهم بالمطالبة بحقوقهم في شوارع ينص دستورها أنها دولة إسلامية.. فمع كامل احترامنا وتقديرنا لكثير من النخبة من المسلمين الذين أظهروا مشاعر الألم وأعلنوا الرفض والإدانة، إلا أن الشارع في عمومه لغالبية المسلمين يشعرون بفرحة غير معلنة وشماتة!.
ياترى كانت مذبحة "ماسبيرو" ضربة قاضية لمن؟!!!
يا خسارة!.. لقد أضاعوا ما صنعه شرفاء الثورة من مجد لـ"مصر"، جعل العالم يتحدَّث عنها بكل فخر وإجلال، لتصير اليوم حديث التندر بمدى العنصرية والجهل والتخلف والفضيحة.        
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :