على مدار التاريخ عاشت مصر بأبنائها لا تعرف فرقا بين مسلمين ومسيحين، فكما تشارك الجميع في الحزن تشارك الجميع في الفرح والمناسبات والأعياد، حتى باتت تقاليد المناسبات الدينية عادات مصرية يتشارك فيها الجميع.
«سبت النور» اليوم الذي يسبق عيد القيامة المجيد أو كما يطلق عليه عيد الفصح، أحد أيام العام التي يحتفل فيها المصريون، دون أن تقتصر تلك الاحتفالات على الأقباط، فالجميع يشارك في طقوس وعادات اليوم دون النظر إلى دين أو ملة أو مذهب.
بكحل العين ورش الفول..اليوم الذي يتوسط يومي الجمعة العظيمة وأحد القيامة، وضمن أيام أسبوع الألام يحتفل فيه الأقباط لإحياء ذكرى يوم السبت الذي قضاه السيد المسيح في قبره بعد موته مصلوبا، والذي، وفيه ذهب المسيح إلى الجحيم ليطرح الشيطان خارجا ويقيده، ويحرر أرواح الأبرار اويُدخِلهم إلى الفردوس، حسب المعتقدات المسيحية.
وإن كان اليوم يبدو من سببه مسيحيا إلا أنه في حقيقته يوما قبطيا يحتفل فيه جميع المصريين، بالعادات والتقاليد التي توارثوها عبر العصور، وإن كان أشهر تلك العادات «الكحل»، الذي يعد أبرز مظاهر الاحتفال بهذا اليوم.
تسمية اليوم بسبت النور جاءت لأن السيد المسيح أنار على الذين كانوا في الظلمة، كما أطلق عليه «سبت الفرح» لأن جسد السيد المسيح وضع فيه لثلاثة أيام قبل القيامة حيث يفيض النور من هذا القبر.
بكحل العين ورش الفول..وكثيرا ما ترتبط المناسبات الدينية بعادات مصرية قديمة ترجع في أغلب الأحيان إلى العصر الفرعوني، ومنها الاحتفال بـ «سبت النور»، حيث تشير البرديات والنقوش على جدران المعابد، إلى أن تقديس هذا اليوم عند قدماء المصريين، كان باستخدام الكحل المخلوط بماء البصل، اعتقادا من أن هذه العادة تساعد على توسيع العين وتجميلها.
ويشهد الاحتفال بسبت النور طقسا خاصا، في الكنائس الأرثوذكسية، يبدأ من مساء الجمعة وحتى الساعات الأولى من صباح السبت، يسمى سهرة أبو غلمسيس، والذي يعد تذكارا لتحرير السيد المسيح للنفوس التي كانت في الجحيم، ومع بداية الصباح، يُقام قداس سبت الفرح، ثم يبدأ الأقباط صومًا أخر حتى نهاية القداس الثاني بيوم السبت، والمعروف بـ"قداس ليلة عيد القيامة".
بكحل العين ورش الفول..وفي كنيسة القيامة بالقدس تشهد زحاما شديدًا، بسبب الزوار القادمين من العالم، لمشاهدة النور المقدس من قبر السيد المسيح، والذي يشهد الاحتفال ويدخل بطريرك الروم الأرثوذكس بالقدس قبر السيد المسيح بكنيسة القيامة، بعد فحصه جيدًا من قبل السلطات، للتأكد من عدم حمله لمواد لإشعال النار، وحاملًا عددًا من الشموع المغطاة، لإشعالها من قبر السيد المسيح، وسط ترديد زائري الكنيسة "كيرياليسون " والتي تعني يا رب ارحم" باللغة اليونانية، قبل أن يخرج البطريرك بشموعه المشتعلة، ثم يتناقلها الموجودون بالكنيسة.
كل تلك الطقوس وتظل الطقوس المصرية للاحتفال بيوم سبت النور حالة فريدة خاصة وأنها لا تقتصر على ديانة أو مذهب حيث يشارك فيها جميع المصريين بطقوسهم التي توارثوها منذ أيام الفراعنة وحتى اليوم لتظل احتفالات سبت النور عادة مصرية عابرة للأديان.