كتب : د. مينا ملاك عازر
أكتب لك هذه الكلمات سيادة الرئيس، كما كتبت من قبل، لكن الفرق فيما بين الكتابتين أنك كنت في السلطة واليوم أنت خارجها -والحمد لله- والحمد لله هنا لأني أشكر الله لعدم تورطك في مجريات حزينة جرت في بلادنا منذ أن تركت حكمها.
أكتب لك سيادة الرئيس مبارك ليس تهنئة بعيد ميلادك، متعك الله بالصحة والعمر المديد، لكن أكتب لك لأني قرأت عنك في الصحف أخباراً، وفي المذكرات أحداثاً وقصص، وقرأت عنك تحليلات، لكن صدقت بعضها، ولم أصدق البعض الآخر، لمست منا ما لمست، وصدقت ما يمكن تصديقه، سمعت عنك الكثير، ولذا شعرت بأنني بحاجة ماسة لأكتب لك، ليس اعتذاراً عن ما فعله الشعب المصري يوما ما طلبه أن ترحل، لأني لست مفوض عنهم، لكني معلناً أنني لم أكن موافق على طريقتهم في عزلك، لكن الذي لا شك فيه أننا كنا بحاجة ماسة لأن نكون أكثر استعداداً للحظة تركك للسلطة، لألا نمر بتلك المأساة التي مررنا بها.
صحيح سيادة الرئيس أنا أحملك مسؤولية تلك الكارثة، بأن جرفت الحياة السياسية ولم تبقي منها إلا الغث وغير القادرين على مواجهة الإخوان، أحملك المسؤولية بأنك تركت لنا المجلس العسكري ليحكمنا في وقت لم يكن هو مؤهل سياسياً لحكم البلاد، فرضخ لضغوط خارجية ما كان لأحد أن يقبلها، وبرغم أن هذا ليس قضيتي على الإطلاق، إلا أن ما لا شك فيه أنني بحاجة ماسة لأكتب لك، ولأسألك عن سر تركك للإخوان يرتعون في حياتنا السياسية لينخروا في جسدنا الواهن؟ جسد المجتمع فيزيدوه وهن على وهن، لماذا سيادة الرئيس أضعفت الأحزاب؟ لماذا تركت الفقر يتمكن من الشعب حتى جعله فريسة لمن لا يرحمون من دعاة الدين ودعاة الوطنية؟ لماذا لم تقضي على الفساد الاقتصادي والسياسي اللذان أديا لمزيد من الخراب الفكري والثقافي المؤسفين؟
لماذا عدلت الدستور مرتين؟ لماذا كرست لحكم فرد؟ وأنت تشعر بضعفك أمام طغيان المحيطين بك؟ لماذا لم تتركها وأنت الزاهد كما قدمت نفسك لنا في بدايات حكمك؟ قل لي كيف تغيرت وتحولت من الزهد، وأن الكفن مالوهش جيوب، لكونك متمسك بالسلطة هكذا؟ قل لي لماذا وقعت في فخ تصديق المستشارين الكذبة والمطبلاتية والفاشلين الذين سرعان ما تحولوا عنك، وانتقلوا لمن جاء بعدك بغض النظر عن هيئة النظام الجديد سواء بذقن أو حتى شكل مدني. سيادة الرئيس علمنا من خبرتك، لأنني أخشى أن نكون واقعين في أسر الضعف وحب الكرسي وتفصيل القوانين والدساتير على مقاسنا.
أخيراً، قل لي لماذا لم تنهض باقتصاد البلد ككل واكتفيت بنهضة اقتصادية للمدن التي فيها من يخصوك ويهموك؟ لماذا لم تتخذ قرارات جريئة تصب في مصلحة الشعب اقتصادياً وسياسياً، أصدقك أنك لا تفكر في التوريث، لكن لماذا لم تصنع قادة بدلاء لك في المعارضة وفي جسد حزبك
المختصر المفيد اخرج ما في جعبتك لنتعلم.