سليمان شفيق
بعد الخلافات مع المجلس العسكري الحاكم حول تشكيلة المجلس المشترك لإدارة البلاد، يستعد متظاهرون سودانيون الخميس لتنظيم "موكب مليوني" في العاصمة الخرطوم للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين. ويطالب المدنيون بمجلس من 15 مقعدا غالبيتها لللمدنيين وسبعة للعسكريين، بينما يرغب الجيش في تشكيل مجلس من 10 مقاعد ثلاثة منها فقط مخصصة للمدنيين.
وكان الطرفان قد اتفقا على تشكيل مجلس مشترك بين المدنيين والعسكريين لإدارة البلاد، لكنهما يختلفان حول تشكيلة هذا المجلس، ففي حين يريد العسكريون أن يتألف من عشرة مقاعد، سبعة منها للممثلين عن الجيش وثلاثة للمدنيين، يريد المحتجون أن يتألف المجلس المشترك من 15 مقعدا من غالبية مدنية مع سبعة مقاعد للممثلين العسكريين، ويرى تحالف الحرية والتغيير الذي ينظم للاحتجاجات أن الجيش "غير جاد" في تسليم السلطة للمدنيين بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
علي اثر ذلك دعا التحالف إلى "موكب مليوني" الخميس للمطالبة بإدارة مدنية بعد الخلافات مع المجلس العسكري الحاكم حول تشكيلة المجلس المشترك، وأدت الدعوة إلى المظاهرات إلى تفاقم التوتر بين الطرفين.
وحذر المجلس العسكري أنه لن يسمح "بالفوضى" وحث المتظاهرين على تفكيك الحواجز المؤقتة التي أقاموها حول موقع الاحتجاج الرئيسي خارج مقر قيادة الجيش في الخرطوم.
كما طالب المحتجين بفتح الطرق والجسور التي أغلقها المتظاهرون المعتصمين خارج المقر الرئيسي لأسابيع، حتى بعد إقالة الرئيس عمر البشير.
وما زاد من حدة الخلاف، إعلان المجلس العسكري أن ستة من عناصره قتلوا في اشتباكات مع المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد الاثنين.
وعقد الطرفان مؤتمرين صحفيين الثلاثاء للدفاع عن موقفيهما، وقال محمد ناجي الأصم القيادي بتحالف الحرية والتغيير إن "المجلس العسكري الانتقالي غير جاد في تسليم السلطة إلى المدنيين ويصر على أن يكون المجلس السيادي المشترك عسكريا بتمثيل للمدنيين،
وأكد أن "المجلس العسكري يمدد سلطاته يوميا"، مضيفا أن على المجتمع الدولي أن يدعم خيارات الشعب السوداني
وحذر زعيم حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي الأربعاء قادة الاحتجاجات من استفزاز أعضاء المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، وقال إنهم سيسلمون السلطة قريبا إلى إدارة مدنية كما يطالب المتظاهرون.
وصرح المهدي "يجب أن لا نستفز المجلس العسكري بمحاولة حرمانه من شرعيته، أو حرمانه من دوره الإيجابي في الثورة". وأضاف السياسي المخضرم "يجب ألا نتحداهم بطريقة تجبرهم على إثبات نفسهم بطريقة مختلفة".
واتخذت الاحتجاجات في السودان منحنى مختلفا عندما بدأ آلاف المتظاهرين في السادس من أبريل تجمعا أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة، مطالبين القوات المسلحة بمساعدتهم في إسقاط البشير، وبعد خمسة أيام، استولى الجيش على السلطة عبر مجلس عسكري انتقالي وعزل البشير، ومذاك، يرفض المجلس الدعوات إلى التخلي عن السلطة، ما دفع المتظاهرون لاتهام أعضائه بأنهم لا يختلفون عن البشير.
وفي تقدم حصل السبت، اتفق الطرفان على تشكيل جهاز عسكري مدني مشترك لتمهيد الطريق أمام حكومة مدنية
وأيدت حكومات غربية مطالب المتظاهرين، لكن دولا عربية خليجية قدمت الدعم للمجلس العسكري، بينما دعت دول إفريقية إلى منح المجلس العسكري مزيدا من الوقت قبل تسليم السلطة للمدنيين.
وامس الأربعاء، أمهل الاتحاد الإفريقي المجلس العسكري السوداني مدة 60 يوما إضافية لتسليم السلطة إلى هيئة مدنية وإلا فإنه سيعلق عضوية السودان.
مستقبل السودان الان في لعبة شد الحبال بين المجلس العسكري وقوي الحرية والتغيير،المحتجون يطالبون بالإسراع في تسليم السلطة إلى حكومة مدنية وابعاد كل رموز النظام السابق، فكيف ستجري الأمور بعد إسبوعين من سقوط نظام عمر حسن البشير؟
ذلك ما سوف يراهن علية المجلس العسكري في انشقاق بين القوي القديمة ممثلة في حزب الامة من جهة وبين القوي الحديثة ممثلة في حركة الحرية والتغيير وبين الاخوان المسلمين من جهة ثالثة .