كتبت – أماني موسى
عقدة أوديب، الجنس أصل كل الأفعال البشرية، العقل الباطن، وغيرها من الأمور التي لا زالت علامات فارقة في تاريخ الطب النفسي، اشتهر سيجموند فرويد بتطويره لنظريات التحليل النفسي وطرقه، والتي تُعد النواة لأساليب الطب النفسي الحديث التي تعتمد على تحدّث المريض عن مشاكله دون أي عوائق، وقد ساهمت نظرياته وأبحاثه في علاج العديد من الأمراض النفسية، وفي تفسير سلوكيات المجتمعات والثقافات المتنوعة.. نورد بالسطور المقبلة بعض لمحات من حياته وإنجازاته العلمية.
نمساوي من أصل يهودي
هو طبيب نمساوي من أصل يهودي، اختص بدراسة الطب العصبي ومفكر حر يعتبر مؤسس علم التحليل النفسي.
هو طبيب الأعصاب النمساوي الذي أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث.
اللا وعي يكشف الكثير عن شخصياتنا
اشتهر فرويد بنظريات العقل واللاواعي، وتفسير الأحلام كمصادر للنظرة الثاقبة عن رغبات اللاوعي، وآلية الدفاع عن القمع وخلق الممارسة السريرية في التحليل النفسي للعلاج عن طريق الحوار بين المريض والمحلل النفسي، كذلك أسس لاستخدام طريقة تكوين الجمعيات وحلقات العلاج النفسي.
وُلد سيجموند فرويد في 6 مايو 1856 لأسرة يهودية بالنمسا، وكان والده تاجر صوف، وكان قد أنجب طفلين من زواج سابق.
كان فرويد الأول من ثمانية أشقاء، ونظرًا لذكائه المبكر، كان والداه يفضلانه على بقية إخوته في المراحل المبكرة من طفولته وضحوا بكل شيء لمنحه التعليم السليم على الرغم من الفقر الذي عانت منه الأسرة بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك.
الانتقال إلى فيينا
وفي عام 1857، خسر والد فرويد تجارته، وانتقلت الأسرة للعيش في فيينا، وفي عام 1865، دخل سيغموند مدرسة بارزة، وكان تلميذًا متفوقًا وتخرج في عام 1873 مع مرتبة الشرف.
ثم اتجه لدراسة الطب في جامعة فيينا، وتخرج منها بتفوق، وبدأ فرويد حياته المهنية بنشر عدة أبحاث عن التشريح، لكنه انتقل إلى الدراسة كطبيب متخصص في الأعصاب في عام 1881م.
علاج جديد للهستيريا
في بداية 1880 تعرف على جوزيف بروير Joseph Breuer وهو من أبرز أطباء فيينا، وكان ناصحا لفرويد، وتأثر به وأعجب بطريقته الجديدة لعلاج الهستيريا، وهي طريقة التفريغ Cathartic Method التي اتبعها بروير؛ يستخدم فيها الإيحاء التنويمي في معالجة مرضاه لتذكر أحداث لم يستطيعوا تذكرها في اليقظة مع المشاعر والانفعالات الخاصة بالحدث، مما يساعد المرضى على الشفاء عن طريق التنفيس عن الكبت.
كما حصل على الدكتوراه وعمل في معمل إرنست بروك، ونشر العديد من الأبحاث العلمية في مستشفى فيينا الرئيسي.
الجنس يفسر كل شيء
وفي 1885 عين محاضرًا في علم أمراض الجهاز العصبي، وتسلم فرويد منحة صغيرة أتاحت له أن يسافر إلى باريس ويدرس في جامعة سالبتريير مع طبيب نفسي فرنسي مشهور، كان يستخدم التنويم المغناطيسي في علاجه للهستيريا، وكانت هذه الزيارة هامة لفرويد حيث أخبر من شاركوه العلاج بأنه من الممكن علاج الهستيريا كاضطراب نفسي وليس كاضطراب عضوي، كما أن فرويد سمع من شاركوه يؤكد بحماس أن أساس المشكلات التي يعاني منها أحد مرضاه جنسي، ومن هنا اعتبرها فرويد ملاحظة جديرة بالاهتمام، ليصل إلى أن الجنس يؤثر في غالبية السلوك البشري.
وعند عودته حاول تطبيق ما تعلمه بشأن علاج الهيستيريا لكن الأطباء عارضوه، فأخذ على عاتقه مسؤولية تطبيق هذه الأبحاث.
الجنس أصل كل شيء
يقول فرويد لو حاول جميعنا إنكار الأمر، فالجنس هو دافعنا الأول والقاسم المشترك بين البشر.
ما هو الكبت؟ وكيف يؤثر على الإنسان وكيفية علاجه
توصل فرويد إلى أن الكبت صراع بين رغبتين متضادتين، وأن هناك نوعان من الصراع، الأول يقع في دائرة الشعور، وتتحكم النفس فيه لإحدى الرغبتين وتترك الثانية، بينما النوع الآخر هو المرضي؛ حيث تلجأ النفس بمجرد حدوث الصراع إلى صد وكبت إحدى الرغبتين عن الشعور دون التفكير وإصدار حكم فيها، لتستقر في اللاشعور بكامل قوتها منتظرة مخرج للظهور.
وقال فرويد أن دور الطبيب النفسي هو كشف الرغبات المكبوتة لإعادتها إلى دائرة الشعور لكي يواجه المريض الصراع الذي فشل في حله سابقًا.
الهو والأنا والأنا الأعلى
رأى فرويد أن الشخصية مكونة من ثلاثة أنظمة هي الهو، والأنا، والأنا الأعلى، وأن الشخصية هي محصلة التفاعل بين هذه الأنظمة الثلاثة.
الهو أو النفس المشتهية؛ يقصد به طبيعتنا الأساسية التي لم يهذبها التعلم أو الحضارة وهو مكون افتراضي يحتوي على الغرائز الحيوانية لدى الإنسان، والتي تشكل رغبتنا الجامحة وهي تتطلب الإشباع فوريا دون الاعتبار لقواعد أو معايير. والمبدأ الذي يحكمه هو اللذة. ويستمد الهو طاقته من الاحتياجات البدنية مثل نقص الطعام أو الجنس الذي يتحول إلى طاقة نفسية ضاغطة. ويحتل الهو وغرائزه اللاشعور أي خارج نطاق شعور الإنسان وتحكمه الإرادي.
والأنا الأعلى هي شخصية المرء في صورتها الأكثر تحفظًا وعقلانية، ويمثل الأنا الأعلى الضمير، والمعايير أخلاقية، ولكنه يرى أن الأنا الأعلى مثالي وليس واقعيًا، ويتجه للكمال لا إلى اللذة – أي أنه يعارض الهو والأنا.
وإذا استطاع الأنا أن يوازن بين الهو والأنا الأعلى والواقع، عاش الفرد متوافقًا، أما إذا تغلب الهو أو الأنا الأعلى على الشخصية أدى ذلك إلى اضطرابها.
زواجه من مارثا وإنجابه 6 أبناء
تزوج مارثا برنايس في عام 1886 وأنجب منها 6 أطفال، أصبحت آنا إحدى بناته، واحدة من أعظم مؤيديه الذين ساعدوه على إجراء أبحاثه في سنواته الأخيرة، كما سارت على خطى والدها وأصبحت عالمةً نفسيةً بارزة.
وفاة سيجموند فرويد
في عام 1938، فَرَّ فرويد هاربًا من النمسا بعد الاحتلال النازي لها. وكان النازيون قد قاموا بإحراق جميع كتبه عام 1933.
وكان فرويد يحب التدخين بشراهة، حتى أنه أصيب بسرطان الفم، وتوفي عام 1939 عن عمر يناهز 83 عامًا، بعد معاناة مع مرض السرطان.