بقلم :د. مينا ملاك عازر
توقفت في المقال السابق عند السرد المنطقي الموضوعي لأسباب رفض إيران لموقف أمريكا من جماعة الإخوان المسلمين وإدراجها في قائمة الجماعات الإرهابية، وربما هذا أوصلنا لكتاب "كتابيه" للسيد عمرو موسى الذي أشار في فصل خاص بالعلاقات المصرية بجاراتها الإقليمية تركيا وإيران بالذات حيث رصد محاولاته الجادة مع الرئيس مبارك أن يعيد العلاقات المصرية الإيرانية لسابق وضعها قبل أزمة السادات والشاه لكن مبارك بحسب وصف السيد عمرو موسى رفض متكئاً إلى أنه لا يريد خسارة الجيران الخليجيين برغم أن تقدير السيد موسى أن التقارب المصري الإيراني يصب في مصلحة الخليجيين بعمليات دبلوماسية لا وقت لشرحها، المهم مبارك رفض، لكن موسى تواصل مع الإيرانيين عبر أروقة الأمم المتحدة والتقى بوزراء خارجية إيران على مرأى ومسمع من العالم كله، وليس في حضن السوريين أصحاب العلاقات المميزة بمصر وبإيران بالطبع خاصة في عهد نظام الأسد الأب، ما يعنيني هنا قبل أن تجرفني تلك الأفكار في طريق بعيد عن مساري الذي أريد أن أبقى فيه إلى أن يحين الوقت لسرد رأيي في تلك الأفكار في مقام آخر، هو أن العداء بقى مكتوم ولصالح الخليجيين أحباءنا العرب ضد إيران لم يكن يحكمه حسابات المذهبية كما يظن البعض، ولم يكن يحكمه حسابات الأزمات التاريخية الثورية، خاصة في منتصف عهد مبارك.
ولنا عند تلاشي المسألة المذهبية وقفة، إذ هي تتلاشى وبوضوح في العلاقة الحميمة التي تجمع بين إيران من جهة وجماعة الإخوان من جهة أخرى، فالأولى شيعة والأخيرة سنة، والعداء يفترض بينهما بحسب المفهوم الغربي، ومن ثمة فدعني أذكرك بما لا شك فيه ولا أظنك نسيته لكنه يرشدنا لأمر هام يدفع إيران لدعم جماعة الإخوان، وهو أن جماعة الإخوان أثناء سنتهم السوداء في حكم مصر وطدوا علاقاتهم بإيران ووقت أن كانوا يحكمون، من خلف الستار بحشودها في ميدان التحرير، كان يسيرون الوفود الشعبية لإيران، وهذا تحت مظلة الدبلوماسية الشعبية، وهنا نعم، وهنا فقط ننتقل لمسألة أكثر مصيرية، أن إيران هي أكبر داعم بالسلاح لجماعة الإخوان الغزاوية، نعم أقصد حماس الإخوانية التي تعادي مصر للآن، بالمناسبة وبرغم أن أمريكا تضع حماس على قوائم الإرهاب فهي لا تضع الإخوان على نفس تلك القوائم، والسؤال هنا إن كانت إيران ترفض وضع الجماعة الأم بيد أمريكية على قائمة سوداء للإرهاب وتدعم فرعها في غزة، فلماذا كانت لا تضعها أمريكا منذ بعيد الزمن في قائمتها للجماعات الإرهابية؟ في حين كانت تضع حماس؟ والسؤال الأهم لماذا أرادت أمريكا الآن أن تفعل هكذا!؟
هذا ما سنلتقي به المقال القادم -بإذن الله.
المختصر المفيد ربما بعض الأسئلة تفتح لنا الباب أمام أسئلة جديدة وليس إجابات فقط.
