الأقباط متحدون | من الداخل‏..‏ أم من الخارج؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:٠٦ | الأحد ٢٣ اكتوبر ٢٠١١ | ١١ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٥٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

من الداخل‏..‏ أم من الخارج؟

الأهرام- بقلم: البابا شنودة الثالث | الأحد ٢٣ اكتوبر ٢٠١١ - ٥٤: ١١ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

إذا اجتمعت أعضاء الإنسان يوما‏,‏ فلا شك أن القلب سيكون بينها رئيسا‏,‏ ذلك لأن الانسان تقوده مشاعره‏,‏ والمشاعر كامنة داخل القلب‏.‏

ولكي تكون المشاعر سليمة, فإن القلب يصطحب معه الضمير, بشرط أن تكون أحكام الضمير صالحة, وأحكامه توافق الحق, ولا يكون تحت تأثير خارجي.
ولذلك لابد من عمل تقييم مستمر لمستوي المشاعر واتجاهاتها, وتغيرها من حين إلي آخر! والتأكد من سلامة تصرف الإنسان في سلوكياته.
وهكذا تدعو الحاجة إلي مراقبة حالة النفس من الداخل ومن الخارج, وكيف تسلك النفس في عدة موضوعات من التقوي والعفة والصداقة وألوان من العبادة.
وسنحاول أن نطرق الموقف من كل هذه الأمور وغيرها, بمقياس الخارج والداخل.

إن الله تهمه حالة القلب قبل كل شئ, وليس مجرد المظاهر الخارجية. إلا لو كانت تلك المظاهر الخارجية تعبيرا صادقا عن حالة القلب من الداخل, بحيث يكون الأمران معا عبارة عن صورة واحدة في تيار واحد.

>> من الملاحظ أن بعض الوعاظ ورجال التربية يهتمون كل الاهتمام بالنقاوة الخارجية فقط ويركزون عليها! فبالنسبة إلي الفتاة مثلا, يهتمون بمظهرها: هل تتفق ملابسها وقواعد الحشمة؟

وهل هي تسرف في زينتها لكي تجذب بذلك غيرها! ويركزون علي هذه السلبيات, ولا يتطرقون إلي الباعث الداخلي, الذي يكمن في القلب, ويسبب عدم الحشمة!
والمفروض أن يكون التركيز علي الداخل, من جهة محبة الفضيلة ونقاء القلب, فإن صار القلب نقيا من الداخل, وتخلص من المشاعر التي تدفع الفتاة إلي التبرج في زينتها, حينئذ هي نفسها, من تلقاء ذاتها وبدون وعظ, ستتخلي عن كل تلك المظاهر الخاطئة.

كذلك الشاب الذي يطيل شعره لكي يتميز عن غيره, ويلبس ملابس لا تليق, ويضع سيجارة في فمه ليشبه الكبار, ويستخدم العنف ليثبت قوته! هذا لا يثنيه الوعظ أو الضغط الخارجي, إنما يحتاج أن يعرف ما معني الرجولة؟ وما هي علامات قوة الشخصية؟ وكيف يمكنه أن يكسب محبة وتقدير الناس؟ بالاضافة إلي نقاء القلب من الداخل, فإن اقتنع بكل هذا, لابد سيترك أخطاءه بدون توبيخ أو قهر.

إن العنف والضغط الخارجي والشدة في التوبيخ, ليست هي الأمور التي تصلح الآخرين وغاية من تصل إليه هو الإجبار علي مظهر خارجي يبدو سليما, ويبقي القلب كما هو, بنفس رغباته, واتجاهاته يضاف إلي ذلك روح التذمر والضيق!!

يحسن أن يعرف الشباب وغيره, أن العنف ليس دليلا علي القوة, بل هو الاعتراف بالعجز عن حل الأمور بطريقة هادئة! وبهذه المناسبة, أتذكر ما قاله أحد الشعراء:
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا.. وأصرمها اللواتي لا تزير
وقد كبر البعير بغير لب.. ولم يستفد بالكبر البعير

> إن الذين يهتمون بالمظاهر الخارجية الزائفة, ربما يشبهون قبورا مزينة جدا من الخارج, بينما في الداخل أجساد قد تحللت ويأكلها الدود! إن المظاهر الخارجية غير مقبولة عند الله, ولا ينخدع بها جميع الناس.

ومع ذلك لا ننكر أنه بالاضافة إلي القلب النقي من الداخل, يحسن أيضا أن يكون الخارج نقيا: ويكون سلوك كل شخص حسنا جدا من الخارج, بحيث يكون ذلك نابعا من القلب, وليس مجرد تظاهر أورياء لمجرد نوال مديح الناس! بل الهدف هو إرضاء الله, وايضا لكيلا يكون عثرة أمام الناس, بل قدوة صالحة تنفع الغير ولاشك أن الاهتمام بنقاء القلب من الداخل, ليس معناه ترك الخارج أيضا. إنما علينا أن نضع أسسا سليمة للتخلص من الأخطاء.

> مثال ذلك: إنسان يكذب كثيرا, هل إصلاحه يأتي بعظات عن خطية الكذب وخطورتها ومضارها؟! وهل توبيخه علي كذبه يجعله يبطل ذلك؟! إن الأفضل لإصلاحه أن نبحث عن الأسباب التي تدعوه إلي الكذب: هل هو يكذب لإخفاء خطية وقع فيها؟ أو يكذب للحصول علي منفعة ما؟ أو القصد من الكذب هو التباهي, أو التخلص من الإحراج؟ أو أن الكذب قد صار عادة عنده, بحيث يكذب بلا سبب يضطره إلي ذلك؟ أم يكذب عن طريق الفكاهة, أو لإغاظة غيره أو التهكم عليه؟ أو لسبب آخر؟

إذن نبحث عن سبب الكذب ونعالجه.. ونقنع صاحبه بعدم جدواه.. ونقدم له حلولا عملية أو بدائل لا خطأ فيها, مع الاقتناع بكسب ثقة الناس واحترامهم بأسلوب الصدق. وهكذا نعالج الداخل, فيزول الخطأ الخارجي تلقائيا..

>> نصيحتي لك: أن تحترس من الأسباب التي تقودك إلي الخطأ الخارجي. وهذا الاحتراس يقودك إلي نقاء الداخل, ومن أجل أمانتك في الخارج, يساعدك الله علي النقاء الداخلي.

> نصيحة أخري, وهو أن تسلك في الفضيلة بطريقة سليمة, تدرك عمقها الداخلي, وليس مجرد الممارسة الخارجية.
فالصوم مثلا, لا تعتبره مجرد فضيلة خاصة بالجسد في الامتناع عن الطعام, فهذا عمل خارجي لا علاقة له بالقلب, إنما تضيف إلي ذلك الامتناع عن بعض الخطايا التي تقع فيها, وهنا يجتمع الأمران معا: عمل الجسد وعمل القلب والروح.
>> الصلاة أيضا لا تعتبرها مجرد كلام أمام الله, كما قال عنها أحد القديسين: أنا ما وقفت أمام الله لكي أعد ألفاظا! إنما ليدخل عمل القلب في صلاتك: من حيث أن تصبح الصلاة صلة مع الله, بتركيز الفكر والقلب في كل كلمة تقولها وتعنيها, وأيضا باشتراك القلب بخشوعه.
وليرشدك الله في ممارسة كل فضيلة, بحيث لا تكتفي بمظهرها الخارجي, إنما تدخل إلي عمقها, وليكن الرب معك.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :