احتفل العالم منذ يومين بمرور ٢٢٣ عاماً على أهم تجربة طبية ومغامرة علمية فى التاريخ، مغامرة إدوارد جينر، كان إدوارد جينر قديس الطب وأبو التطعيم قوى الملاحظة منفتح الفكر، يعرف أن بداية العلم السؤال، والأهم من السؤال نوعية السؤال، كان السؤال السائد الذى لم يفلح فى حل اللغز هو كيف نعالج الجدرى؟، هذا المرض المرعب القاتل الذى حصد أرواح ٦٠ مليوناً فى فترة حياة «جينر» فقط، قرر «جينر» أن يغير صيغة السؤال، ليصبح لماذا لا تصاب حالبات الأبقار وبائعات اللبن بالجدرى؟!، هل إصابتهن بجدرى البقر تحميهن من جدرى البشر؟، كان لا بد أن يجرب تطعيم جدرى البقر على متطوع من البشر، ثم يحقنه بخلاصة المرض المرعب، ليُجيب عن سؤاله ويثبت كشفه العلمى، قرر «جينر» أن يكون هذا المتطوع ابنه الوحيد، وفى أقوال أخرى كان طفلاً عزيزاً من أقاربه!، من المحتمل جداً أن يموت هذا الابن، ويصبح شهيد العلم، أو بلغة عصره شهيد الحماقة، التى يصفون بها كل مكتشف يسبق عصره. أجرى «جينر» التجربة، ونجحت المحاولة وعاش الابن، وكسب العالم أعظم إنجاز طبى فى التاريخ، فكرة التطعيم التى أنقذت مئات الملايين من أطفال العالم، الذين لا بد أن يتعلّموا مع كلمتى بابا وماما الدعاء لهذا الرجل العظيم الذى عانى من هجمة التخلف وسخرية المتزمتين وإهمال المسئولين، ورغم ذلك صمد ولم يُنصف من بلده إلا بعد موته، هدّدته نقابة الأطباء وقتها بالفصل إن لم يرجع عن هذيانه، وامتلأت الصحف بالكاريكاتير الذى يصور البشر بأدمغة البقر بعد التطعيم، ورفضت جامعة أكسفورد منحه درجة الدكتوراه إلا بعد دراسة الأدب الإنجليزى الكلاسيكى!