باب التحديث مقفل والثغرات الأمنية خطرة
الحرب الأميركية على "هواوي" ستمنع مستخدمي هذا الهاتف الذكي من تحديث تطبيقاته في المستقبل، وستعرضه لثغرات أمنية خطرة، بسبب استخدامه إصدارات قديمة لنظام التشغيل "أندرويد".
اليوم، كل من يملك هاتفا ذكيا من صنع شركة "هواوي" الصينية يسأل: "هل أبيع هاتفي قبل أن ينخفض سعره في السوق، بعد الاجراءات الأميركية غير المسبوقة ضد شركة هواوي ومنتوجاتها؟"
هذا السؤال نابع من قرار "غوغل"، مطورة نظام التشغيل "أندرويد"، قطع أي علاقة لها بـ "هواوي"، ما يضع منتوجات الشركة من هواتف "هواوي" الذكية، وهواتف "هونور" الرديفة التي تنتجها، في مأزق، خصوصًا أن هذه الهواتف تعتمد نظام التشغيل "أندرويد" وما يرافقه من ملايين التطبيقات الرقمية، خصوصًا متجر التطبيقات "غوغل بلاي"، وتطبيق بريد "جي-مايل" الإلكتروني، وخرائط "غوغل مابس"، علمًا أن هاتف "هواوي" هو ثاني أكثر الهواتف الذكية رواجًا في العالم، بفضل كاميرته عالية الجودة، وبطاريته طويلة العمر، قياسًا إلى هواتف "أندرويد" الأخرى.
ضربة قاضية؟
أصل المشكلة اتهام واشنطن الشركة الصينية بالتجسس لصالح حكومة بلادها، وعدم قناعتها بالنفي المتكرر من "هواوي" لهذا الأمر، وتأكيدها أن الاتهام الأميركي لا علاقة له بأي تجسس، بل بالحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، في مثال صارخ للمنافسة غير العادلة في الأسواق العالمية، بحسب تعليق "هواوي".
إشهار "غوغل" القطيعة مع "هواوي" فاجأ مستخدمي هذا الهاتف. فهل يتوقف العمل بهواتف "هواوي"، وتكون هذه الضربة القاضية التي تتلقاها الشركة الصينية.
في هذا الإطار، نسبت "مايل أون لاين" البريطانية إلى الخبير الرقمي إيون كيري، الرئيس التنفيذي لشركة "إيدجسكان" للأمن الرقمي، قوله إن قرار "غوغل" ربما يكون بداية نهاية شركة "هواوي"، متحدثًا عن عجز مستخدمي هواتفها عن تحديث تطبيقاتهم، "وهذا يمثل مشكلة خطرة، ومحتمل تضرر الهواتف الموجودة اليوم بين أيدي المستخدمين إذا أجبروا على الاكتفاء بالإصدار الأخير لبعض تطبيقاتهم إلى الأبد، من دون القدرة على تحديثها، شأن الهواتف الأخرى".
أضاف: "في ذلك ثغرات أمنية خطرة، أصلحت غوغل العديد منها من خلال تحديث متجر غوغل للتطبيقات (غوغل بلاي)، وهذه التحديثات لن تُتاح لهواتف ومنتوجات هواوي، وبالتالي تصير عرضة للاختراق الأمني".
هل تستمر؟
لكن، هل يمكن "هواوي" أن يستمر في هذه الحال؟ يُجمع الخبراء على أن قرار "غوغل" القطيعة مع "هواوي" لن يؤثر في المدى القريب على حسن عمل أجهزة "هواوي" الحديثة. لكن على المدى الطويل، ستصبح "هواوي" نسيًا منسيًا.
وأعلنت "غوغل" أن ما هو موجود بين أيدي المستخدمين من هواتف ومنتوجات "هواوي" الرقمية قادر على الاتصال بـ "غوغل بلاي"، لكن هذا لن يستمر طويلًا، من دون تحديد سقف زمني لفترة السماح هذه، مع التأكيد أن "غوغل بلاي" وحماية الأمان من "غوغل بلاي بروتيكت" ستستمر في العمل على أجهزة "هواوي" الحالية، ما يضمن حسن عمل التطبيقات والحماية الأمنية. لكن توقف وصول التطبيقات إلى تحديثاتها سيؤدي إلى تفاقم مشكلات تشغيل هذه التطبيقات، ويُحدث فيها ثغرات أمنية خطرة.
على المدى المتوسط، على مستخدمي "هواوي" انتظار القرارات المقبل من "غوغل" لمعرفة أي خدمات ستحظرها، وفي أي حيز زمني.
وتقول "رويترز" إن التطبيقات التي يتم تحديثها عبر "غوغل بلاي" مستمرة، "لكن نظام تشغيل أندرويد الذي سيتقادم شيئًا فشيئًا في أجهزة هواوي لن يسمح بإضافة تحديثات جديدة عند إصدارها".
لنا نظامنا
في رد على التدبير الأميركي، أعلنت "هواوي" مواصلة توفير التحديثات الخاصة بأمن أجهزتها، والخدمات الأخرى بعد البيع لجميع منتوجاتها التي بيعت والتي لا تزال معروضة للبيع.
وأكدت "هواوي" مساهمتها في نمو "أندرويد" عالميًا، حيث إن مبيعات هواتف "أندرويد" التي تنتجها تنمو بأرقام مضاعفة، فيما تتقلص مبيعات الشركات الأخرى، مطمئنة مستخدمي هواتفها وعلامتها التجارية الرديفة "هونور" إلى أن منتوجاتها ستستمر في تلقي تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع.
وحذر رين تشينغفي، مؤسس "هواوي"، من مغبة الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد شركته، قائلًا: "واشنطن تستهين بقدراتنا".
أضاف: "لا أحد يستطيع اللحاق في المستقبل القريب بتقنيات الجيل الخامس التي تمتلكها هواوي".
وفي تطور لافت، قال ريتشارد يو، المدير التنفيذي لشركة "هواوي"، إن شركته تطور نظام تشغيل خاص بها، ما يعني استغناءها نهائيًا عن "أندرويد". ونقلت تقارير صحفية عنه قوله: "ربما يتم إطلاق نظام التشغيل الخاص بالشركة في خريف هذا العام أو في الربيع المقبل في أبعد تقدير".
أشار يو إلى أن النظام سيكون موحدًا لجميع الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية وغيرها من منتوجات "هواوي"، مضيفًا: "نحن على استعداد لمواصلة التعاون مع غوغل ومايكروسوفت، لكن ليس لدينا خيار آخر، فنحن مضطرون".
وفقًا لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، بدأت "هواوي" العمل على استبدال نظام "أندرويد" منذ عام 2012، حين كانت الولايات المتحدة تحقق مع "هواوي" وشركة "زي تي إي" الصينية، وكانت لا تزال تعمل على تطوير النظام في عام 2016.
الرقائق ممنوعة
إلى ذلك، انضمت مجموعة من الشركات الأميركية إلى "غوغل" في تنفيذ القرار الأميركي الذي صنف "هواوي" خطرًا على الأمن القومي الأميركي.
ضمت المجموعة الجديدة شركات أميركية مصنعة للرقائق الالكترونية وهي "كوانتوم" و"إنتل" و"زيلينكس" و"برودكوم"، التي أوقفت تعاونها التقني والتجاري بشكل كامل مع "هواوي"، بحسبما صحيفة "بلومبيرغ".
وأمرت هذه الشركات موظفيها عدم إرسال أي شحنات جديدة من الرقائق إلى الصين، حتى إشعار آخر. لكن، منحت وزارة التجارة الأميركية "هواوي" ترخيصًا لشراء بعض السلع الأميركية الصنع للحفاظ على شبكاتها الحالية وتوفير تحديثات برامج هواتفها الحالية، مع منعها من شراء قطع غيار ومكونات أميركية لتصنيع منتوجات جديدة، من دون الحصول على تراخيص، ربما لن تحصل عليها أبدًا.
يسري الترخيص تسعين يومًا، والهدف منه هو منع تعطل أنظمة الإنترنت في الصين والعالم. قالت وزارة التجارة الأميركية إنها ستقوّم احتمال تمديد هذا الإعفاء مدة أطول بحسب الحاجة، ريثما يتمكن مزودو خدمات الاتصالات الذين يستخدمون منتوجات "هواوي" من استبدالها بأخرى.
لكن تشينغفي كان قد أعلن في حديث سابق أن شركته تقوم بتطوير وتخزين رقائق ومكونات بديلة تحسبًا للحظر، وأن "هواوي" ستكون في حال جيدة من دون الرقائق الأميركية.