الأقباط متحدون | الديمقراطية والحوار العقلاني
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:١٩ | الأحد ٣٠ اكتوبر ٢٠١١ | ١٨ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٦٣ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الديمقراطية والحوار العقلاني

الأحد ٣٠ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. عايدة نصيف
إن الممارسة الحقة للديمقراطية فى تاريخ الشعوب تتم بطريقة تدريجية لبث الإحساس بالمسئولية، وروح العمل الجماعي في نفوس الجماهير، وما حدث في مصر من خلال ثورة 25 يناير، التي مازالت قائمة حتى الآن ولم تكتمل، هو القفز من القيود إلى طريق الحرية قفزة ليس بها تدرج، لأن شعب مصر لم يتعود على الديمقراطية في العهود السابقة، ووجد نفسه الآن أمام أكبر تحدٍ إما أن يكون أو لا يكون، إما أن يرجع إلى الوراء؛ إلى التخلف والرجعية، أو يجاهد في سبيل إقامة دولة بالمفهوم الحديث، دولة سيادة القانون وحقوق الإنسان، دولة تتحقق من خلالها الديمقراطية، كمشروع تأسيسي، من شأنه أن يعمل على حل التناقضات القائمة في المجتمع المصري.


ويلح على ذهني السؤال الآتي هل يتحقق هذا المشروع التأسيسي، من خلال الحوار العقلاني بين المختلفين؟ أم من خلال العنف والإكراه؟ وإذا كان خصوم الديمقراطية يرون بأن الواقع العملي، يؤكد في هذه المرحلة التي تمر بمصر أن الحوار العقلاني لا يلعب الدور الحاسم في تحقيق النظام الديمقراطى؛ وذلك لاختلاف الاتجاهات وقيام أحزاب بعضها على أساس ديني لا يقبل الحوار، والبعض آخر من أحزاب واتجاهات سياسية ذات طابع تنويرى لا تستطيع التوافق مع الاتجاهات ذات المرجعية الدينية ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى تجمد الذهنية المصرية التي تكونت بمفاهيم خاطئة من العهود السابقة فكيف يتم هذا الحوار العقلاني لتحقيق مشروعًا ديمقراطيًّا يحترم الجميع؟ وهل الديمقراطية تتحول إلى صراع تنافسي بين اتجاهات مختلفة دون النظر الى المصلحة العامة لهذا الوطن؟ وهل تتحول الديمقراطية إلى طغيان الأغلبية المنتشرة في الشارع المصري؟ كل هذه الأسئلة تطرح نفسها على المشهد السياسي القائم في مصر الآن.


وفي اعتقادي ومن خلال قراءاتي وبحثي في هذا المجال؛ أرى أن الديمقراطية الحقة هي التي تتيح فرصة الحوار العقلاني بصورة موضوعية، مبتعدة عن الأهواء الذاتية والمصالح الخاصة، فالديمقراطية القائمة على تأسيس حوار عقلاني تتيح الفرصة للجميع، وإن كانت لا تضمن التحقيق العملي بصورة كاملة، ولكنها تضمن قدرًا كبيرًا من الحرية المسئولة، التي تضع إطارًا يتيح الفرصة للكثير من الإصلاح دون عنف، كما تعطي الفرصة لإعمال العقل في الإشكاليات السياسية، وفي اتخاذ القرار الأفضل دائمًا بشرط وضع ضوابط معينة لضمان تكافؤ الفرص والمساواة بين جميع الأطياف.


وفي مقابل ذلك على الدولة دور كبير الآن، وهو ضرورة حماية الحرية الإنسانية؛ بمعنى حرية مساوية لحق الإنسان في العيش بأمان، بعيدًا عن أعمال العنف والبلطجة المادية والفكرية والطائفية، التي تفرض نفسها الآن في وطن يريد أن يستعيد قواه؛ ليحافظ على تماسكه؛ ولرسم مستقبل أفضل لأبنائه قائم على الديمقراطية الحقة التي تتأسس على مفاهيم أربعة هي: الليبرالية، والعلم، والعقد الاجتماعي، والتنوير، بما تضمن الحرية والتسامح. وأقصد بالحرية والتسامح لما ينطوى هذين المفهومين من اتصال وثيق، في أن كل منهما يتضمن نوعًا من عدم التدخل في شئون الآخرين، سواء على مستوى الحياة الفكرية أو على مستوى السلوك الشخصي، طالما إنهما يتحققان بصورة لا تتعارض مع الأديان السماوية، ولا مع قيم وتقاليد المجتمع. فالديمقراطية في المرحلة الراهنة يمكن أن تتحقق في ظل إقامة حوار على أساس عقلاني، يسمح للجميع أن يتشارك جنبًا إلى جنب لبناء جسر من التواصل، تعبر عليه الديمقراطية للوصول بوطننا مصر إلى بر الأمان.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :