سليمان شفيق
عرض رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الثلاثاء تقديم "تنازلات متبادلة" عبر "حوار جاد" للتوصل لمخرج من الأزمة، مع إجراء الانتخابات "في أسرع وقت ممكن".
في المقابل تتواصل الاحتجاجات في الشوارع الجزائرية حيث تظاهر آلاف الطلاب ككل ثلاثاء في العاصمة ومدن أخرى رفضا لإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الشروط التي حددتها السلطات
وفي خطاب أمام قادة الجيش بجنوب البلاد قال قايد صالح إن "الأولوية الآن هو أن يؤمن الجميع بأهمية المضي قدما نحو حوار مثمر يخرج بلادنا من هذه الفترة المعقدة نسبيا" و"إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن، بعيدا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها".
وبالنسبة للرجل القوي في الدولة منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أبريل فإن "السبيل الوحيد لحل الأزمة التي تعيشها بلادنا هو تبني نهج الحوار الجاد والواقعي والبناء" بمشاركة شخصيات ونخب وطنية" و"يتم عبره التنازل المتبادل من أجل الوطن".
وبغياب مرشحين من "الوزن الثقيل" سوى اثنين "لا يملكان أي حظوظ" في قبول ملفيهما، أصبح من المحتمل جدا أن يتم تأجيل الانتخابات مرة أخرى، بعد أن ألغى بوتفليقة الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل
ويرفض الجزائريون الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ فبراير عبر تظاهرات غير مسبوقة، إجراء انتخابات قبل رحيل كل وجوه النظام الموروث من عشرين سنة من حكم بوتفليقة. ويطالبون بإنشاء هيئات انتقالية قادرة على ضمان انتخابات حرة وعادلة
ورد الجيش عبر رئيس أركانه الثلاثاء برفض الفترة الانتقالية "فالجزائر لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التأخير والمزيد من التسويف".
ويصر الفريق قايد صالح في كل خطاباته التي تكاد تكون كل يوم ثلاثاء أو أربعاء، على ضرورة احترام "الآجال الدستورية" لكنه نفى أن يكون له "أي طموحات سياسية" كما رفض أن يشترك الجيش في الحوار، موجها المحتجين نحو "مؤسسات الدولة" ويقصد بها الرئاسة
وفي هذا السياق حذر قائد الجيش الجزائريين من"تكرار تجارب مريرة سابقة كان قد كـابد ويلاتها وعانى من آثارها أشد المعاناة خلال سنوات 1990" في حال "عدم الإسراع في بلوغ الحلول الملائمة لهذه الأزمة". في إشارة إلى الحرب الأهلية التي عصفت بالجزائر طيلة عشر سنوات من 1992 إلى 2002، وراح ضحيتها 200 ألف قتيل.
واندلعت الحرب بعد إلغاء الانتخابات التشريعية التي فاز بدورها الأول حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ. فتم إعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان لتعويضه بمجلس انتقالي حتى سنة 2007 عندما تم تنظيم انتخابات تشريعية جديدة. وفي أول رد فعل على عرض الحوار رحبت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي ومعارض بالحوار، بدون أن تتحدث مباشرة عن عرض الجيش.
وقالت الحركة في بيان "ساعة الحوار قد آنت وأن الحوار الجاد والمسؤول والعقلاني حتمي أكثر من أي وقت مضى بعد سقوط مشروع انتخابات 4 يوليو. وتابعت أن "الحركة على استعداد للمساهمة في إنجاح أي مسار حواري تقوده شخصيات غير متورطة في الفساد والتزوير" مطالبة برحيل الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح كشرط لنجاح الحوار".
ومن الجزائر الي السودان :
الأزمة في السودان مستمرة مع تعثر المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي والمعارضة بقيادة قوى الحرية والتغيير. تعثر تحول إلى تبادل وتراشق للاتهامات بين الطرفين حول مسؤولية انسداد الوضع، وتوجهه نحو عصيان مدني، بدأت تظهر بوادره بإضراب عام من يومين، من أجل دفع المجلس العسكري إلى تسليم السلطة للمدنيين
مع انتهاء اليوم الأول من إضراب عام الثلاثاء والأربعاء دعت إليه المعارضة في السودان، قال المتحدث باسم المجلس العسكري شمس الدين الكباشي إن الجيش لم يعلق الاتصالات مع قادة الحركة الاحتجاجية بل إن لجنة مشتركة تعمل "لتقريب وجهات النظر" بين الجانبين. وإعلان الكباشي قد لا يتفق مع النبرة الحادة التي كان قد تحدث بها الاثنين نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" معتبرا أن المعارضة غير جادة فيما يتعلق بتقاسم السلطة وتريد حصر دور الجيش في دور شرفي فقط.
الامة يرفض الاضراب :
في بيان نشره الأحد، أعلن حزب الأمة المعارض في السودان بقيادة الصادق المهدي رفضه للإضراب الذي بدأ الثلاثاء من قبل قادة الاحتجاجات كوسيلة لممارسة الضغوط على المجلس العسكري لتسليم السلطة للمدنيين. وقرر الحزب المنضوي ضمن تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير ،رفض الإضراب العام المعلن من بعض جهات المعارضة
وأوضح الحزب أن من يقرر الإضراب "إن لزم مجلس قيادي للحرية والتغيير" في إشارة إلى انقسامات في صفوف المحتجين
وكان التحالف قد دعا مساء الجمعة إلى إضراب عام في عموم أنحاء البلاد يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين لمطالبة المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة
وعلى الرغم من رفض "الأمة" للإضراب، إلا أن بيان الحزب أشار أن هذا "لا يمنح السلطات حق فصل العاملين" إذا استجابوا للدعوة
وكان المهدي آخر من شكل حكومة مدنية في السودان قبل ثلاثة عقود وقبل أن ينقلب عليها البشير عام 1989 ليصبح رئيسا للبلاد
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، حذر المهدي من "استفزاز" العسكريين قائلا إنهم "شركاء في التغيير".
وتجري مفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الاحتجاج حول إدارة الفترة الانتقالية. وقد علقت المفاوضات ثلاث مرات كان آخرها الأسبوع الماضي. وحتى الآن لم يحدد أي موعد جديد لاستئنافها
وأعلن التحالف الخميس أنه سيجري مشاورات مع أنصاره للتباحث في الحلول الممكنة بعد أن تعثرت المفاوضات مع المجلس العسكري بشأن تشكيلة ورئاسة المجلس السيادي الذي من المفترض أن يدير البلاد خلال الفترة الانتقالية.
ويذكر أن المحتجين يريدون رئيسا مدنيا للمجلس السيادي، الأمر الذي يرفضه المجلس العسكري. كما يطالبون بأن يكون الأعضاء ثمانية مدنيين وثلاثة عسكريين، بينما يريد المجلس العسكري سبعة عسكريين وأربعة مدنيين
وبعد مظاهرات استمرت أربعة أشهر، أطاح الجيش في 11 أبريل بالبشير (75 عاما) الذي حكم البلاد طوال 30 عاما، وشكل الجيش "مجلسا عسكريا انتقاليا" سيطر على المؤسسات الحكومية. فيما يواصل آلاف المعتصمين تجمعهم أمام مقر الجيش في وسط الخرطوم لمطالبة الجيش بتسليم السلطة للمدنيين
هكذا يلعب المجلس العسكري بالمحتجين تارة يستعين بالقوي القديمة واخري يراهن علي فتح ثغرات في القوي الثورية .