بعد ارتفاع نسب الطلاق فى تقرير رسمى صادر عن رئاسة الوزراء


"الإفتاء" تنصح بالخلع دون أسباب.. وتستدل بحديث نبوى
 
كشف تقرير صادر عن مركز معلومات رئاسة الوزراء، خلال عام 2018، عن أرقام مفزعة لحالات الطلاق، بعدما وصلت لمليون حالة طلاق سنويا، بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف الدقيقة، ما يعنى تعدى الحالات فى اليوم الواحد 2500 حالة.
 
لذا، حرصت دار الإفتاء المصرية، على مواجهة ارتفاع نسب الطلاق، إضافة للقضاء على استغلال مراكز العلاج والتأهيل النفسى للاستشارات الزوجية، بعدما وصلت أسعار جلسات العلاج النفسى إلى 1500 جنيه فى الجلسة الواحدة.
 
وخاضت محررة «الفجر»، تجربة مع دار الإفتاء، وتحديدًا داخل مكتب الإرشاد الأسرى، للتعرف على مدى فاعليتها لمحاربة الطلاق واستغلال مراكز العلاج النفسى.
 
توجهنا لتحديد موعد للاستشارة الزوجية، حيث أكد فريق الاستعلامات أنه ليس مخصصًا لأى مواطن سوى من يحولهم المكتب المخصص للفتوى، فذهبنا لمكتب استقبال الفتاوى، وطلب «كشك» الاستعلامات، اختيار نوع الفتوى لتحديد الشيخ المنوط به الإفتاء، وعندما بدأت المحررة فى سرد مشكلة «وهمية»، حول مرض زوجها وعدم قدرتها على تحمله، قال المفتى «لا إثم على الزوجة إذا أرادت أن تترك زوجها ما دامت لا تتحمل المعيشة معه، اختلعي».
 
واستشهد المفتى بحديث النبى عن امرأة مسلمة، تسمى تميمة بنت وهب، طلبت فراق زوجها دون أسباب، فقالت: «يا رسول الله إنى لا أعيب عليه فى خلق ولا دين، فهو نعم الناس بأخلاقه ودينه، لكنى أكره الكفر فى الإسلام، أنا أبغضه كما أبغض الكفر، فأنا لا أتحمل البقاء معه ولا أعيب عليه شيئًا، ولكنى لا أريد أن أستمر معه».
 
فرد النبى صلى الله عليه وسلم عليها: «أتردين عليه حديقته؟»، وقد كان زوجها أعطاها حديقة مهرًا لها، فقالت تميمة أرد عليه حديقته، فقال النبى لزوجها: خذ الحديقة وطلقها تطليقة، إن المرأة لا تريدك فطلقها».
 
لكن الغريب، أن كل هذا تم رغم وجود اشتراطات واضحة أمام مكتب الفتوى مدون بها عدم حديث المرأة عن الطلاق إلا بحضور زوجها.
 
هذا الرد أوجب علينا القيام بزيارة أخرى لطرح مشكلة أكبر، حتى يتم تحويلنا لمكتب الاستشارات الزوجية، حضرنا برفقة الزوج وتم القيام بنفس الخطوات، فجلس معنا الشيخ محمد عبده، وتم عرض مشكلة تتعلق برفض الزوجة للإنجاب مرة أخرى، فقرر تحويلنا إلى مكتب الاستشارات الأسرية والتى يُطلق عليها «فضْ النزاع».
 
تم ملئ استمارة مدون بها بيانات الزوجين، وتنويه حول المشكلة، وتصوير البطاقات الشخصية، واستقبلنا أحد أعضاء اللجنة الذى استمع لتفاصيل المشكلة «الوهمية»، والخاصة برفض الزوجة للإنجاب، بسبب وجود مرض وراثى لدى عائلة الزوج واحتمالية إصابة طفلها، رغم إنجابها طفلة قبل علمها بطبيعة المرض، وإصرار الزوج على الإنجاب مرة ثانية، إضافة إلى أنها تواجه مشاكل من جهة علاقاته المتعددة مع الفتيات من خلال حديثه بطرق غير لائقة عبر شات الفيسبوك.
 
ولم يسأل عضو اللجنة المنوط به حل النزاع، عن طبيعة المرض ومدى احتمالية إصابة الأطفال به، وهل هو وراثى بالفعل أم لا، وهل هناك سبل علمية لتجنب ذلك لإقناع الزوجة، أو التأكد من مدى صحة كلامها، لكنه اكتفى بالتشكيك فى كلام العلم وأن الدين لا يعترف بالاحتمالات الطبية مهما كانت قوية.
 
ونوّه بمثال عن المرأة «الحامل»، التى تكتشف تشوه طفلها بأنه لا يجب عليها التصديق ما دام الطفل لم يولد على أرض الواقع، وأن هذا احتمال وليس يقيناً وحرام إجهاضه، وما دام الله خلقه مشوهاً فهو له حكمة، وقياسًا على هذا الأمر بالطفل الذى يريده الزوج لم يوجد على أرض الواقع فحرام افتراض أنه سيمرض لأنه ليس يقينًا.
 
وبعدها سأل الزوجة عن مدى ثقتها فى الحمل، فلعل الله يمنع عنها الرزق، كما تحدث عن قدرة الله ورزقه وأمور دينية لا شأن للموضوع الرئيسى بها، وبعد نقاش من الزوجة عن أهمية اعتبار العلم والطب فى حياتنا، قرر الشيخ إغلاق الباب حول هذه المشكلة وتأجيل الحديث فى أمر الإنجاب من الطرفين لمدة عامين، مشترطًا أنه فى حالة رفض الزوجة للإنجاب بعد عامين يتزوج عليها زوجها وتبحث عن طريق للطلاق، وسط استهزاء بمشاعر الزوجة.
 
وانتقلنا للمشكلة الأخرى وهى العلاقات المتعددة للزوج بالحديث مع الفتيات، وأنه مريض بهذا الداء، وهنا بدأ حديثه بعدة تساؤلات للزوج عن الفتيات التى يتصل بهن، وهل هن أقارب أم زملاء عمل، ثم نصحه مازحًا بأن يكون أكثر حرصًا داخل المنزل فى استقبال الرسائل والمكالمات، وطلب منه أن يهتم بزوجته ويترك المعاصى، ويهتم بالصلاة حتى تنتهى مشكلة العلاقات المتعددة.
 
المثير للجدل أنه بعد مرور أكثر من ساعة فى إسداء النصائح التى نسمعها مرارًا وتكرارًا على شاشات التليفزيون وخطب الجمعة، لم يضع المسئول عن فحص النزاع حلًا جازمًا لإحدى المشكلات المطروحة.
 
وخلال عرضنا على لجنة الاستشارات الزوجية، سمعنا صوتًا مرتفعًا من سيدة كانت تعرض مشكلتها على اللجنة والتى اتضح أن هناك خلافًا بينها وبين زوجها، وعندما سألنا عن المشكلة وأسباب الصوت المرتفع، أكدت أن اللجنة لا تفقه شيئًا ولا تستطيع حل مشاكل، ورفضت الخوض فى التفاصيل، إلا أنها عبرت عن غضبها من تعامل اللجنة مع مشكلتها.
 
وقال دكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن المشاكل الزوجية كثيرة، لأن ثقافة المجتمع وسلوكياته وأخلاقه قليلة، وانعدام الثقافة تسببت فى كثير من المشاكل، موضحًا لـ«الفجر»، أن تأجيل الإفتاء للمشاكل وليس حلها خطأ، لأن المرض الوراثى سيظهر لا محالة، وهنا كان لابد من إرجاع الشكوى للمختص.
 
وشددّ على أن العلاقات المتعددة للزوج لها حلول، خلاف الدين، مؤكدًا أنه تلقى شكوى فى عيادته من سيدة يقوم زوجها بالحديث مع الفتيات على مواقع التواصل الاجتماعى، وقالت له لو كنت مريضًا نفسيًا سأعالجك ولو كان هذا «قلة أدب»، سأطلب الطلاق، منوهًا أن هذه المشكلة تكون بسبب الفراغ العاطفى وهذا شيء وقتى لابد فيه من البحث وراء المشكلة، فربما يكون هناك اضطراب فى الشخصية تتسبب فى الدخول فى نفق مُظلم.
 
وتابع «فرويز»: لابد أن تؤخذ الموضوعات التى تستحق العلاج بالعلم أفضل وليس بفتوى دينية، ولابد أن يتم العمل فى إطار «الفريق»، حتى يعمل كل متخصص على علاج الجزء الخاص بالمشكلة التى يعانى منها أى زوجين.