لماذا المطالبة بفدرالية المحافظات الآن؟
بقلم: د.عبدالخالق حسين
عُرِفتْ المحافظات الشمالية الغربية التي غالبية سكانها من العرب السنة، برفضها الشديد لنظام الفيدراليات في العراق، بما فيها فيدرالية كردستان، بدعوى أن الفيدرالية تمزق الوحدة الوطنية التي هي خط أحمر لا يمكن التجاوز عليه مطلقاً في رأيهم. ونتيجة لهيمنة هذه المكونة على السلطة المركزية منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 إلى 2003، حاربت حركة القومية الكردية التي كانت تهدف إلى حكم ذاتي أو فيدرالية للأكراد، ودفع الشعب ثمناً باهظاً لهذا الاحتراب الذي دام عشرات السنين وعلى مختلف الحكومات المتعاقبة بين مد وجزر.
ولكن فجأة، وبعد تسع سنوات من سقوط حكم البعث الفاشي، تغير موقف مجالس هذه المحافظات، فراحت تطالب بالفيدرالية. وجاءت المبادرة من مجلس محافظة صلاح الدين (تكريت)، والذي أعلن في 27 تشرين الأول 2011، على اعتبار المحافظة إقليماً إدارياً واقتصادياً ضمن العراق الموحد. ولا ندري فيما إذا كان استخدام عبارة (ضمن العراق الموحد) لغاية تكتيكية مرحلية أم صادقة. وقد سارع بتأييد الإعلان بعض قادة "كتلة العراقية"، وبالأخص السيد أسامة النجيفي، رئيس البرلمان، ورئيس أكبر تجمع سياسي في "العراقية"، التي تمثل هذه المحافظات. وكذلك السيد طارق الهاشمي الذي بدوره طالب بفيدرالية محافظة الأنبار (الرمادي). والجدير بالذكر، أن السيد النجيفي قد سبق وهدد خلال زيارة له لواشنطن قبل أشهر، أن "العرب السنّة في العراق قد يفكرون بخيار الانفصال إن لم تُعالج أسباب شعورهم بالإحباط الشديد وبأنهم مواطنون من الدرجة الثانية."
ويبدو أن للنجيفي جذوراً عميقة في السعي لتفتيت وحدة العراق تنفيذاً لأجندات أجنبية، إذ شهد شاهد من أهلها، وهو الإعلامي هارون محمد، المعروف بمواقفه المعادية للعراق الجديد، نشر مقالاً في هذا الخصوص بعنوان (آل النجيفي وعروبة الموصل من الجد إلى الحفيد!) ذكر فيه أن جد أسامة النجيفي كان يدعو إلى إلحاق الموصل بتركيا.(رابط المقال في الهامش)[1]
والسؤال الملح هو: لماذا المطالبة بفيدراليات المحافظات الآن، وما الذي تغير؟ ولماذا هذا التحول المفاجئ، وبهذا الوقت بالذات؟
هناك عدة أسباب:
السبب الأول، هو انتفاضات الربيع العربي، خاصة ضد الحكومات التي قدمت الملاذ الآمن لفلول البعث الصدامي، مثل ليبيا، وسوريا، واليمن، والتي كانت تدعم الإرهاب في العراق. وقد سقط حكم القذافي، وهناك احتمال كبير أن يليه سقوط النظامين الأخيرين أيضاً، فهي مسألة وقت ليس غير. لذلك فالبعثيون في هذه البلدان في أسوأ حال الآن، وهم يخططون للعودة إلى العراق، ويبحثون لهم عن ملاذ عراقي آمن يتخذونه ساحة لتجميع قواهم، ومركز انطلاق لهم لشن حملاتهم الإرهابية، أملاً في إعادة حكمهم المنهار كما يحلمون. وهل هناك أفضل مكان من تكريت، مسقط رأس الجلاد المشنوق؟ لذلك بدأت المطالبة بفيدرالية محافظة صلاح الدين.
السبب الثاني، لقرار مجلس محافظة صلاح الدين هو: إجراءات وزارة التعليم العالي، بإقصاء 140 "أستاذاً"، وموظفاً من جامعة تكريت، وفصلهم عن العمل تنفيذاً لقانون هيئة المساءلة والعدالة. والجدير بالذكر، أن معظم الذين شملهم قرار الفصل، يحملون شهادات دراسية لا تتجاوز الابتدائية، وتبين أنهم كانوا يعملون في الاستخبارات البعثية، يهيمنون على مقدرات الجامعة لحد تاريخ صدور القرار.
والسبب الثالث والأهم للمطالبة بالفيدرالية في هذا الوقت هو: حملة الاعتقالات التي شهدتها البلاد، وخاصة في المحافظات الجنوبية في 23 و26 تشرين الأول المنصرم، ضد العشرات من ضباط الجيش العراقي السابق، وأعضاء في حزب البعث المنحل. وقد جاء هذا الإجراء بعد الزيارة الخاطفة التي قام بها السيد محمود جبريل، رئيس وزراء الحكومة الانتقالية الليبية إلى بغداد، وتسليمه ملفاً خطيراً إلى نظيره العراقي، السيد نوري المالكي، عثر عليه في مجمع باب العزيزية، مقر القذافي. وقد أكدت ذلك وسائل الإعلام، من بينها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التي قالت: "أن زيارة محمود جبريل عضو المجلس الانتقالي الليبي المفاجئة للعراق الشهر الحالي (أكتوبر) جاءت من اجل تقديم ملف مفصّل لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحتوي وثائق خطيرة تؤكد ضلوع معمر القذافي بمؤامرة لقلب الحكومة من خلال دعم أعضاء سابقين في الجيش العراقي السابق ومن حزب البعث." [2]
والجدير بالذكر، أننا شاهدنا في العام الماضي فيديو يظهر فيه أيتام البعث الساقط، وهم يقفون أذلاء أمام القذافي، يقدمون له أنفسهم على أنهم قادة "المقاومة الوطنية العراقية" ضد "الاحتلال الأمريكي"، ويتوسلون إليه بالمساعدة، وقدموا له الهدايا البخسة. (لمشاهدة الفيديو، يرجى فتح الرابط في الهامش).[3]
وقد لوحظ أن كتلة "العراقية" منشقة على نفسها حيال مسألة فيدرالية المحافظات، ففي الوقت الذي تحمس لها السيدان، أسامة النجيفي، والهاشمي وغيرهما في الكتلة، عارضها آخرون، إذ قرأنا تصريحاً للنائبة عن القائمة العراقية، ناهدة الدايني، الأربعاء 2/11 قالت فيه بحق: "أن المطالبة بتشكيل الأقاليم تخدم بعض الجهات الإقليمية التي حاولت تقسيم العراق، معتبرة تلك الدعوات جاءت للضغط على الحكومة لإعادة النظر بسياساتها تجاه المحافظات. مبينة أن هناك بعض الدول الإقليمية تعمل منذ سنين على تقسيم البلاد".[4]
نعتقد أن ما جاء في تصريح النائبة الدايني صحيح، وناتج عن حرصها على وحدة العراق، وإطلاعها على التاريخ الحديث حول محاولات دول الجوار، ومنها المملكة العربية السعودية، لضرب الوحدة العراقية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد جاءت إحدى هذه المحاولات في رسالة صريحة قدمها الملك السعودي فيصل بن عبدالعزيز إلى الرئيس الأمريكي ليندن جونسون عام 1966، أي قبل حرب حزيران 1967، يناشده فيها: "اضربوا مصر، وأدبوا سوريا، ودولة للأكراد لتقسيم العراق." أنقل النص الكامل للرسالة كملحق في نهاية هذا المقال.[6]
طبعاً الملك السعودي لا يطالب بدولة للأكراد حباً بهم، خاصة في ذلك الوقت، بل لتمزيق وحد العراق، إذ ناصبت الدولة الوهابية العداء للعراق منذ تأسيسها في أوائل القرن العشرين.
ونحن نعرف أنه منذ سقوط حكم البعث في 2003، والسعودية ومؤسستها الدينية الوهابية ما انفكت تعمل باستمرار على دعم الإرهاب في العراق لإفشال العملية السياسية. وقد استغلت دول الجوار (إيران، والسعودية، وتركية، وسوريا) الصراع الطائفي في العراق، وراحت كل منها تدعم المكونة التي تماثلها في المذهب أو العنصر، لا لمصلحة أتباع هذا المذهب أو العنصر، بل لمصلحتها.
كذلك نعرف، أن كتلة العراقية مدعومة من السعودية والدول الخليجية الأخرى، مالياً وإعلامياً وسياسياً، لذلك فهي مرغمة على طاعة أولياء النعمة حتى ولو كان على حساب الوحدة الوطنية ومصلحة الشعب العراقي. ومن هنا تأتي تعقيدات الوضع العراقي. ولذلك نعتقد أن المطالبة بفيدرالية محافظة صلاح الدين، وبقية المحافظات الشمالية الغربية، جاءت بأوامر من خارج الحدود وبالأخص من السعودية.
ففي الوقت الذي نؤيد فيه فيدرالية كردستان، بما فيه حق تقرير المصير، لأن هذه الفيدرالية مبنية على أساس قومي وجغرافي، وللشعب الكردستاني خصوصياته الثقافية والتاريخية. أما إقامة فيدراليات في المحافظات العربية (سنية كانت أم شيعية)، فلها عواقب وخيمة على مستقبل الدولة العراقية الديمقراطية، لأنها ستكون بدوافع طائفية. ولهذا السبب وقفنا ضدها عندما طالب بها قبل سنوات، المرحوم السيد عبدالعزيز الحكيم، رئيس الإئتلاف الوطني آنذاك، ونعارضها اليوم أيضاً، لأنها لأغراض طائفية، وبناءً على تدخلات دول الجوار، ولأن الفيدرالية الطائفية هذه ستكرس الطائفية وتعمقها في المجتمع العراقي إلى مستقبل غير منظور، وتمزق العراق إلى دويلات طوائف، يمكن اتخاذها قاعدة وملاذاً للبعثيين.
إن الذين يطالبون بالفيدراليات الطائفية يلعبون بالنار وعن قصد، لأنهم لا يمكن أن يجهلوا عواقبها الوخيمة من احتمال إشعال حروب أهلية، وبالتالي تحويل العراق إلى كانتونات يسهل ابتلاعها من قبل دول الجوار التي تسعى إلى تدمير العراق وإبقائه ضعيفاً مفتتاً.
فمحافظة البصرة هي أكبر مصدر لثروات العراق، وهي محرومة من حصتها في التمتع بثرواتها الهائلة، وتحملت القسط الأكبر من التخريب وكوارث حروب البعث العبثية، فلحد الآن هذه المحافظة عبارة عن خرائب وأنقاض تعاني من الأزمات الاقتصادية والسكنية وغيرها. لذا، فليعلم اللاعبون بالنار في مجالس المحافظات الشمالية الغربية، أنهم إذا نجحوا في مخططاتهم لتمزيق العراق، فهم أكثر من غيرهم سيدفعون الثمن غالياً.
ونقولها صراحة وبألم، أن المشكلة الكبرى التي ابتلى بها العراق هي أن العرب السنة لم يتخلصوا من مرض عضال ورثوه من الدولة العثمانية، ألا وهو عدم تقبلهم تبوئ الشيعي لمنصب رئاسة الوزارة. فرغم كون رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان، ومعظم نواب الرئاسات الثلاث، ومعظم الوزراء ونواب البرلمان هم من السنة (عرب وأكراد وتركمان وغيرهم)، إلا إنهم مع ذلك لا يتحملون أن يشغل شيعي إحدى هذه الرئاسات. ولذلك ملئوا الدنيا صراخاً و ضجيجاً مدعين أن العرب السنة مهمشون، وهذه الحكومة هي إسلامية شيعية "حكومة الملالي" خاضعة لحكم ولاية الفقيه الإيراني!!!
أنا لا أعرف كيف يمكن وصف هذه الحكومة بحكومة الملالي وفيها 17 وزيراً من الكتلة العراقية، وستة من الأكراد، وآخرون من كتل أخرى وكلهم علمانيون. بل راح البعض إلى أبعد من ذلك، إذ وصف جميع السياسيين الشيعة بأنهم إيرانيون. هذه الممارسة ليست جديدة، بل مارسوها منذ العهد الملكي، حيث أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما تبوأ الشيعي، المرحوم صالح جبر رئاسة الحكومة عام 1948. والتهمة جاهزة دائماً، وهي الطائفية، فصالح جبر لم يسلم من هذه التهمة حتى من الديمقراطي الليبرالي المرحوم كامل الجادرجي.
أما يكفي هذا الشعب ما ناله من مصائب بسبب هذه العقلية الطائفية التدميرية؟ أما حان الوقت ليقبل الشعب بعضه بعضاً ويعيش بسلام ويتخلص من سياسات التهميش، والتسقيط والتخوين، والتحقير، وأحفاد ابن العلقمي، والرتل الخامس وغيرها من المواصفات البذيئة الحقيرة؟
ليفهم الجميع، أنه لا يمكن للشعب العراقي أن ينعم بالاستقرار السياسي، والازدهار الاقتصادي، ما لم يتخلص العرب السنة من هذه العقدة النفسية المستعصية التي جعلتهم يعتقدون أنهم وحدهم مواطنون من الدرجة الأولى، وهم وحدهم دون غيرهم يحق لهم أن يتبوؤا المناصب العليا في الدولة. وقبل عامين صرح طارق الهاشمي أنه لا يجوز لغير العربي أن يكون رئيساً للجمهورية، لأن العراق بلد عربي!!! أكاد أجزم أنه حتى لو تسلم رئاسة الوزارة شيوعي شيعي، فلم يسلم من تهمة الطائفية ووصمة العجمة. ولنا في التاريخ الحديث مثال حي، إذ لم يسلم الراحل سلام عادل (حسين الرضي)، السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي أيام ثورة تموز، من تهمة العجمة، فسموه (حسين الرضوي) في إشارة إلى أنه إيراني الأصل، إذ كان شبه مقنن، وبتأثير من الموروث التركي أنه لا يجوز للشيعي أن يحتل موقع قيادي حتى ولو كان قيادة حزب معارض خارج السلطة.
وللأسف الشديد، نجح البعثيون الطائفيون في طرح أنفسهم بأنهم الممثلون الوحيدون للعرب السنة، إذ مرت اللعبة على الكثيرين منهم، بوعي أو دونه، بسبب احتلال بعثيين سابقين لقيادات الكتلة العراقية ومجالس المحافظات الشمالية الغربية. فمن نافلة القول، أنه ليس من مصلحة العرب السنة ربط مصيرهم بالبعثيين القتلة، لأن البعث الفاشي ليس حزباً، بل عصابة من المافيا، هيمنت على مقدرات البلاد والعباد في غفلة من الزمن، وعن طريق الغدر والتآمر والانقلابات العسكرية، فدمرت العراق، وأشاعت فيه الخراب الشامل على مدى أربعين سنة.
ليس من مصلحة العرب السنة في هذه المحافظات تكبيل يد الحكومة، ومحاولة منعها من اتخاذ أي إجراء ضد المجرمين البعثيين الإرهابيين. إذ لاحظنا في مناسبات عديدة وبشكل متكرر، ما أن تقوم الأجهزة الأمنية بإلقاء القبض على بعض الإرهابيين، حتى وخرج علينا بعض شيوخ عشائر الرمادي، وكذلك قيادات الكتلة العراقية، مهددين بالويل والثبور، والزحف على بغداد لإسقاط الحكومة ما لم يتم إطلاق سراح المعتقلين خلال 24 ساعة!. وهذا يعني أنهم دائماً يدافعون عن الإرهابيين. وإذا كان هؤلاء فعلاً حريصين على مصلحة الشعب، والوحدة العراقية، فعليهم أن ينأوا بأنفسهم عن البعث الإرهابي والتبرؤ منه. أليس من الأفضل ترك أمور المعتقلين بتهمة الإرهاب إلى السلطة القضائية ودون التدخل من السياسيين والإعلاميين؟
والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء، نوري المالكي، عارض بحق إقامة فيدراليات طائفية، كما جاء في تصريحاته خلال لقائه وفدا من صلاح الدين رفضه إقامة إقليم في المحافظة، مؤكداً أن تنفيذ الفيدرالية خلال هذه الفترة سيفتح الأبواب أمام التفرقة والاقتتال الداخلي، وحذر من وجود محاولات تستهدف وحدة العراق... لافتا إلى أن تنفيذ الفيدرالية في هذا الوقت قد يفتح أبوابا للتفرقة والاقتتال الداخلي.[6]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مواد لها علاقة بالموضوع
1- هارون محمد: آل النجيفي وعروبة الموصل من الجد إلى الحفيد!
http://alnahdah.net/NewsDetails.aspx?ID=1985
2- نيويورك تايمز : القذافي خطط لإسقاط المالكي .. فسقط هو في شر أعماله
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=8812
3- المنافقون في حضرة القائد المجنون
http://www.babnews.com/vg/viewa.aspx?Id=619
4- الدايني تؤكد أن المطالب بتشكيل الأقاليم تخدم بعض الجهات الإقليمية
http://www.akhbaar.org/home/2011/11/117726.html
5- المالكي يجدد خلال لقائه شيوخ عشائر صلاح الدين رفضه إقامة اقليم في المحافظة
http://www.alsumarianews.com/ar/1/30630/news-details-.html
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
6- الملحق:
فيصل بن عبد العزيز: اضربوا مصر وادبوا سوريا ودولة للاكراد لتقسيم العراق
رسالة الملك فيصل بن عبد العزيز إلى الرئيس جونسون قبل حرب 1967
نص رسالة الملك السعودى / فيصل بن عبد العزيز إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون قبل حرب 1967
وأعرض لكم الآن نص الرسالة :
تقول الرسالة التي بعثها الملك فيصل إلى الرئيس جونسون (وهى وثيقة حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386، كما حملت رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودي) ما يلى:-
من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعا، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير فى إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا في الوجود.
لذلك فأننى أبارك، ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا، أن اقترحوه، لأتقدم بالاقتراحات التالية: -
- أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم الأماكن حيوية فى مصر، لتضطرها بذلك، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة، ليحاول إعادة مطامع محمد على وعبد الناصر في وحدة عربية.
بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا في مملكتنا فحسب، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول (أرحموا شرير قوم ذل) وكذلك لإتقاء أصواتهم الكريهة فى الإعلام.
- سوريا هى الثانية التى لا يجب ألا تسلم من هذا الهجوم، مع إقتطاع جزء من أراضيها، كيلا تتفرغ هي الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر.
- لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة، كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية.
- نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازاني شمال العراق، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم في بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل،
علما بأننا بدأنا منذ العام الماضي (1965) بإمداد البرازانى بالمال والسلاح من داخل العراق، أو عن طريق تركيا و إيران.
يا فخامة الرئيس
إنكم ونحن متضامنين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة ولمصيرنا المعلق، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها، دوام البقاء أو عدمه
أخيرا
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو وارتباط أوثق وازدهار.
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
انتهى نص الرسالة كما ورد في كتاب (عقود من الخيبات)
***********
تعقيب السيد سامي شرف على الوثيقة
كنت فى زيارة لإحدى البلدان العربية الشقيقة سنة 1995 وفى مقابلة تمت مع رئيس هذه الدولة تناقشنا فى الأوضاع فى المنطقة وكيف انها لا تسير فى الخط السليم بالنسبة للأمن القومى وحماية مصالح هذه الأمة واتفقنا على انه منذ أن سارت القيادة السياسية المصرية بدفع من المملكة النفطية الوهابية والولايات المتحدة الأمريكية على طريق الاستسلام وشطب ثابت المقاومة من ابجديات السياسة فى مجابهة الصراع العربى- الصهيونى، ولما وصلنا لهذه النقطة قام الرئيس العربى إلى مكتبه وناولنى وثيقة وقال لى يا ابو هشام اريدك ان تطلع على هذه الوثيقة، وهى أصلية وقد حصلنا عليها من مصدرها الأصلى فى قصر الملك فيصل ولما طلبت منه صورة قال لى يمكنك ان تنسخها فقط الآن على الأقل وقمت بنسخها ولعلم الاخوة اعضاء المنتدى فهى تطابق نص الوثيقة المنشورة فى هذا المكان وقد راجعت النص الموجود لدى بما هو منشور اعلاه فوجدتهما متطابقين.
اردت بهذا التعليق ان اؤكد رؤية مفادها ان عدوان 1967 كان مؤامرة مدبرة وشارك فيها للأسف بعض القادة العرب وقد يكون هناك ما زال بعد خفيا عنا مما ستكشفه الأيام القادمة.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :