بقلم: مجدي محروس أبودخانة
من لا يعرف "عمرو بن العاص"؟ بل ويشتمه في سره أو علنه أحيانًا؟ فهو سبب البلاء للبعض، وهو من الصالحين للآخرين!!!..

لكن ما هي علاقة "ابن العاص" بـ"مبارك"، ولماذا تم "حشر" مبارك في العنوان؟..
التشابه كبير جدًا؛ فكلاهما حكم "مصر"، وكلاهما ظلم القبط، وليس أظلم ممن وصف الأقباط- أهل "مصر"- بأنهم عبيد* مثل "ابن العاص"، أما "مبارك" فربما لم يصرِّح بذلك علانية، فالواقع السياسي العالمي الآن لا يتيح له التكلم بمثل حرية "ابن العاص" آنذاك، لكن الجميع يعرف تمامًا وضع الشعب القبطي أثناء فترة حكمه..

 

التشابه الآخر هو عزل الاثنين؛ فالخليفة "عمرو بن الخطاب"- ولأسباب كثيرة- عزل "عمرو ابن العاص"، وأيضًا "مبارك" تم عزله ليس بواسطة الخليفة حيث لا يوجد خليفة الآن، ولكن بثورة شعبية مصرية.

 

التشابه الكبير والغريب أيضًا، أن الأقباط- على الأقل جزء منهم- في كلا الحدثين- عزل "مبارك" وعزل "عمرو"*- انتابهم الغضب والحزن، ربما يعرف الكثيرون هذا عن "مبارك"، فخوف الأقباط طبيعي أن يتولى متطرفون الحكم، فينتقل القبطي من مواطن درجة ثانية إلى مواطن درجة عاشرة، لكن بالنسبة لـ"عمرو بن العاص" فالأمر لم يختلف كثيرًا، فـ"عمرو بن العاص" المجرم* الذي يكره الأقباط، بالرغم من هذا لم يمنعهم من الغضب تجاه عزله، وإذا أمعنا في التاريخ نجد أن بديل "عمرو بن العاص" هو "عبدالله بن سعد"، وهو أكثر دموية وشراسة من "عمرو" مئات المرات**..

 

إلى هنا ربما يتساءل معترض ويقول: ما هو وجه التعجب أو الاعتراض على هذا؟ فإن الإنسان عادةً ما يسعى إلى الأفضل له، وكون "عمرو بن العاص" و"مبارك" أفضل الخيارات المتاحة لنا هو في غير محل شك.

والإجابة هي، ببساطة، أنه لا ينبغي أن ننظر إلى أنفسنا كأننا مغلوبين على أمرنا، أو ضحية لا حول لها ولا قوة، بل ننظر إلى أنفسنا كما ينظر الله إلينا، كأبناء أحرار لا يقبلون بعبودية ما تحت الشمس.. هكذا يجب أن نفكِّر ونقول: "لا لعمرو بن العاص"، و"لا لعبد الله بن سعد"، و"لا لمبارك"، و"لا لأي طاغية مستبد آخر"، و"إننا لن نحني ركبتنا إلا لواحد فقط".

وكلمة أخيرة، إذا أردنا تغيير واقعنا فلابد أن نغيِّر طريقة تفكيرنا.

 

مراجع وهوامش
* كتاب فتوح مصر وأخبارها - لأبن القرشي
** يكفي للتدليل على ذلك أنه جمع في الصعيد فقط ضعفي ما جمعه عمرو بن العاص من جزية في مصر كلها