الأقباط متحدون | للضعفاء إله يقويهم
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٠٢ | الأحد ٦ نوفمبر ٢٠١١ | ٢٥ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٧٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

للضعفاء إله يقويهم

بقلم: البابا شنودة الثالث | الأحد ٦ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٤: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

إن الله هو إله الكل‏.‏ هو خالق الكل‏,‏ والمعتني بالكل‏,‏ والمهتم بالكل‏,‏ هو خالق السموات والأرض‏,‏ والمهتم بكل من هم في السموات ومن هم علي الأرض‏,‏ بل ومن هم تحت الأرض أيضا‏,‏ إنه إله لكل المخلوقات‏:‏ للملائكة والبشر‏.

, وأيضا للحيوانات وللحشرات, يعطيها طعامها, ولكن بوجه خاص هو إله الضعفاء.
> نعم إن الله في حنوه يقف إلي جوار الضعيف ليسنده.. إنه معين من ليس له معين, ورجاء من ليس له رجاء. عزاء صغيري القلوب, ميناء الذين في العاصف, وكل إنسان قلبه صغير, لا يحتمل متاعب الدنيا, ولا متاعب الناس, ولا متاعب الخطية, هذا إن اضطربت سفينته وسط الأمواج العاصفة, يري الله منقذا له في كل هذا.

> إن الله دائما مع الضعفاء, وضد الأقوياء المعتزين بقوتهم. إنه بعمق محبته يبشر المساكين بالفرح, يعصب منكسري القلوب. ينادي بالمسببين بالعتق, وللمأسورين بالإطلاق.. لقد كان الله مع يوسف المسكين, الذي ألقاه أخوته في البئر, وبيع كعبد في أرض مصر, وألقوه في السجن ظلما, ولم يدافع في كل ذلك عن نفسه, وكان مع داود الضعيف أمام شاول الملك وكل سلطانه وجنده وقوته وقسوته, وكان مع داود الفتي حينما وقف أمام جليات الجبار, وكان مع موسي الوديع الهادئ ضد فرعون المتعالي المعتز بقوته.

الله هو ايضا حافظ الأطفال, يراعي ضعفهم ويسندهم ويحميهم, كما ان الله ايضا يحكم للمظلومين الذين لا يستطيعون أن ينالوا حقهم, لذلك إن كنت ضعيفا فلا تخف ما دام الرب معك, واحذر من أن تكون قويا والرب مفارقك, لقد كانت الكنيسة عزلاء وضعيفة أمام كل قوة الدولة الرومانية وبطشها وأسلحتها وبخاصة أيام الإمبراطور نيرون الظالم. ولكنها انتصرت وانتشرت لأن قوة الرب كانت معها.

> لذلك إن وجدت جبارا معتزا بجبروته, قل له: لقد قربت نهايتك, إنني اذكر من تأملاتي بعض الكتاب الروحيين: قال الشيطان لله: اترك لي الأقوياء فأنني كفيل بهم, أما الضعفاء فإذ ليست لهم قوة لذلك يحاربونني بقوتك أنت فلا أقدر عليهم.

> إذا كنت في ضيقة أو خطية, فلا تقف أمام الله وتذكر وعودا منك أو تعهدات, كمن هو واثق بقدرته علي التنفيذ, إنما قف أمام الله كضعيف يطلب المعونة.. قل له: ساعدني يارب لكي أترك هذه الخطية, لأني كلما أتركها أعود إليها مرة أخري, إنني أعرض ضعفي أمام جلالك الإلهي, وأنت يارب تعرف يقظة أعدائي, وضعف طبيعتي أنت تعرفه يا خالقي, وأنا في حروبي الروحية لا أغلب إلا بقوتك.

> إن الإنسان المتواضع المنسحق القلب, الذي يقف أمام الله كضعيف يطلب معونته الإلهية, فهو الذي يمكنه ان يأخذ قوة من الله يستطيع بها أن ينتصر. ذلك إن وقفت أمام الله كقوي, تكون معتمدا علي ذراعك البشري, وحينئذ تتخلي عنك النعمة لكي تشعر بضعفك وتتضع.. إذن فلا تفتخر بقدرتك.

> وإذا ما عرفت ضعفك, لا تحتقر إنسانا ضعيفا ساقطا, بل قل لنفسك: أنتي معرضه للسقوط مثله لولا نعمة الله التي تسندني. نعم نعمة الله التي تحتمل ضعف الضعفاء بما لا يحد من طول آناته.

إن شعورك بقوتك في الحروب الروحية, إنما يفقدك الاحتراص, ويفقدك التدقيق, ويوقعك في الغرور, ويبعدك عن الصلاة, ألم يقل سليمان الحكيم عن الخطية إنها طرحت كثيرين جرحي, وكل قتلاها أقوياء يقصد المعتمدين علي قوتهم فقط.. حقا إن المعتزين بقوتهم, نادرا ما يصلون, إذ لا يشعرون بحاجة إلي صلاة تساندهم, وصعب علي هؤلاء أن يتضعوا.

> ومع ذلك إن شعرت أنك ضعيف, لا تخف من ضعفك, وإن كنت مغلوبا من خطية ما, فلا تيأس من انغلابك, لقد كان أوغسطينوس ضعيفا أمام الخطية ومغلوبا لكنه بنعمة الله انتصر علي كل ذلك, بل إنه نما في النعمة حتي صار راهبا ثم أسقفا, ثم قائدا للروحيات في جيله, وهكذا كان موسي الأسود, وبلاجيه, ومريم القبطية, وآخرون.. ولكن قوة الله التي تسند الضعفاء, قادتهم في موكب النصرة, وهكذا هو عمل الله المحب, الذي يستطيع ان يعطي للمعيي قوة, ويثبت له أجنحة كالنسور, ويرتفع في حياة الروح.

> علي أن شعورك بالضعف, لا يعني أن تتصف دائما بهذه الصفة, بل علي العكس تؤمن انك تستطيع كل شيء في الله الذي يقويك. لذلك انت تشعر أنك ضعيف بذاتك, ولكنك قوي جدا بالله العامل فيك, فاحرص علي عمل القوة الإلهية فيك, واتضاعك الدائم, من هنا يكون الإنسان الروحي قويا جدا ولكن ليس بقوته وشخصيته, وإنما بقوة الله العامل فيه.

> بهذا لا تقف أمام الله وتقول سأترك هذه الخطية ولا أرتكبها بعد الآن, إنما قل: أعطني يارب قوة لأتركها, لأنك إن لم تمسك بيدي لن أتقدم خطوة واحدة بدونك.. إنني لست أقوي من الشيطان, الذي هو أكثر حيلة, وأكثر معرفة بالنفس البشرية وضعفاتها, وأكثر خبرة بالحروب الروحية.. أنت يارب الذي تنقذني منها. أفرح لا بقوتي, بل بنعمتك التي تخلصني.. أنا لا أحب اطلاقا أن اتكبر, والكتاب يقول: قبل الكسر الكبرياء, وقبل السقوط تشامخ الروح, نجني يارب من كليهما, ولك المجد الدائم إلي الأبد, آمين.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :