كوب من الشاي الممزوج اللبن، تطيب له الروح وتشتاق لمذاقه الذي يهدئ الأعصاب، اشتاق له الكثيرون خلال شهر رمضان، فتمنوا العيد لتذوقه مرة أخرى، تغمس فيه قطعة البسكويت الصلبة حتى تلين وتطيب النفس بطعمها، طبع اعتاده المصريون منذ سنوات، تجتمع العائلة عقب صلاة العيد وفي يدي كل واحد منهم كوب من الشاي بلبن وقطعة بسكوت.
عادة توارثتها الأجيال حتى ظنوا أنها مبتدعة من المصريين، إلا أن تلك العادة ليست وليدة اليوم أو أمس، فتعود جذورها إلى ملوك بلاط القصر في بريطانيا الذي شهد لأول مرة غمس البسكويت بالشاي.
عادة ملكية.. سر ارتباط في بريطانيا في القرن التاسع عشر، اعتاد أفراد العائلة الملكية على تناول وجبتين فقط خلال اليوم؛ الفطور والعشاء، ولكن الفترة الطويلة بين الوجبتين جعلت إحداهن تتضور جوعا ولم يسد كوب الشاي جوعها بل زادها تضورا.
فكرت الدوقة السابعة لبيدفورد آنا ماريا، الصديقة المقربة للملكة فيكتوريا، في حل تلجأ إليه لسد جوعها، بحثت عن شيء تتناوله مع فنجان الشاي اليومي الساعة الخامسة مساءً، والذي كان يعرف باسم Five O’clock Tea، واستعانت بقطع من الكيك والبسكويت بجانب الشاي لإشباعها، ولكن خشية من كون أفراد العائلات الملكية لا يستطيعون أن يكسروا التقاليد والنظام الدقيق للروتين اليومي، لجأت الدوقة إلى الخدم حتى يقوموا بإخفاء الكيك والبسكويت داخل ملابسها لتتمكن من تناول الحلويات خفية.
عادة ملكية.. سر ارتباط بعد فترة وجيزة، بدأت الدوقة بدعوة صديقاتها لتناول الشاي والكيك في غرفتها، حتى أصبح تقليدا شهيرا لها، انتقلت به إلى لندن، وبدأت في إرسال بطاقات الدعوة للصديقات بعنوان "نشرب الشاي ونتنزه في الحقول"، وسرعان ما انتقلت هذه العادة بين التجمعات الراقية وتحولت إلى حفلات الشاي، حيث يلتقي الأصدقاء للسمر ويتم تقديم الحلويات والبسكويت مع الشاي.
كما تعود عادة غمس البسكويت بالشاي إلى القدماء الرومانيين، الذين كانوا يغمسون الفطائر المخبوزة مرتين "تشبه البسكويت" في النبيذ، أما في العصر الحديث، فسجل غمس البسكويت بالشاي على سفن الملكية للبحرية البريطانية، ليتطور الأمر إلى عادة دفعت أصحاب "دانكن دوناتس Dunkin’ Donuts" إلى تسميته بهذا الاسم، والذي يعني غمس حلويات الدونات بالقهوة.
ولا تقتصر عادة الغمس على البسكويت والدونات، بل اعتاد الهولنديون أيضًا غمس حلواهم التقليدية Stroop Waffle بالشاي أو القهوة الساخنة حتى يذوب الكراميل.. والفضل في كل ذلك يعود إلى الدوقة آنا ماريا.