جمال رشدي يكتب
ذات يوم أوفد الرئيس الأسبق حسني مبارك الدكتور مصطفى ألفقي ألى الكاتدرائية المرقصية لمقابلة قداسة البابا شنودة الثالث لأخذ رأيه في من يرشحهم من الأقباط لعضوية مجلس الشورى بالتعيين فرد البابا شنودة يملي اسم الدكتور فرج فوده فقال ألفقي ؛ أنا مندهش يا قداسة البابا ففرج فوده مسلم.
فقال البابا شنودة: لا يوجد فرق لدي بين مسلم ومسيحي أنا أريد فقط من يدافع عن قضايا الأنسان وحقوقه ويؤمن بالعدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد ويدعو للمحبة والتسامح مثلما يفعل فوده فيما يقوله وما يكتبه.
وقفت كثيراً أمام هذا الموقف وكم كان قداسة البابا مبدع في تناوله للأمر، حيث اظهر قدرته الفائقة علي تشخيص الحالة المصرية التي هي وليدة دولة السادات الذي كان أول من زرع بزور الطائفية والتمييز، وكان فرج فوده يمثل المنجل القادر علي نزع حشائش تلك البذور والرمي بها في أتون نار الوطنية المصرية .
وفي البرلمان الحالي ومن بذور السادات التي أصبحت أشجار سنط مثمرة علي قارعة طريق الوطنية المصرية، جاء الدستور الاخواني الحالي الذي شرع ذلك التمييز وقنن الطائفية ووضع محاصصة سياسية عن طريق كوته قبطية في القوائم الانتخابية.
ولما فعلته سياسة التمييز التي زرعها السادات من انزواء قبطي داخل أسوار الكنيسة فنضبت الشخصيات القبطية القادرة علي الانصهار والتفاعل مع الحالة المصرية، ومقاومة شجرة سنط الطائفية. وامتلك الضباب الثقافي الحالة القبطية وأصبح من يخرج من أسوار الكنيسة يذهب لحضن الأمن للاحتماء به والتستر فيه.
وبقي القليل في الشارع يناضل نضال سلمي داخل عراك المجتمع الثقافي، ولكن ليس هناك سند مؤسسي أو فكري يسانده إلا بعض الأصوات التي تنادي بالتنوير ونور طريق الوطنية .
وعندما جاءت الانتخابات البرلمانية الحالية كانت لتذكيات الأمن الدور الأكبر في ترشيح الكوتة القبطية مع رأي الكنيسة أحيانا، فكان من الأقباط الذي يرتمون في حضن الأمن حصة كبيرة من العدد 29 الذين دخلوا البرلمان.
وللذين يرتمون في حضن الأمن شروط أمنية منها التدليس والتخابر، وقد أطلق عليهم في هذا الشأن الدكتور عماد جاد ( نصارى السلطة ) وفي الغالب لا يمتلكون الرؤية الثقافية أو العلمية للتعامل مع الأحداث، بل هم أدوات ضعيفة أمنية يحركها في الغالب رتب صغيرة من رتبة نقيب ورائد وأحيانا عميد.
ومع ازدياد الأحداث الطائفية خلال السنوات الأخيرة، كان لفريق نصارى السلطة دور محدد إلا وهو صوت بوق امني يبرئ المذنب ويذنب البرئ، ويرسم صورة ملائكية لرجال الأمن بأنهم رجال وطن مخلصون ولكن ثقافة التطرف كبيرة ولا يستطيعون فعل شئ .
وظهر دور فريق نصارى السلطة في ايباراشية المنيا وأبو قرقاص والأنبا مكاريوس عندما استخدمهم الأمن كبوق نهيق ضد نيافة الأنبا مكاريوس يوشون به عند قداسة البابا باسم امن وسلامة المجتمع والوطن، وكان موقفي مع الأنبا مكاريوس وما زال بسبب هؤلاء الأصاغر في الضمير والثقافة .
وعندها كنت دائم الصراخ وأحيانا العويل والبكاء الوطني بأن لا يمكن لأي مسئول أي أن كانت رتبته أو وظيفته يعمل بدون رغبة سياسية من نظام الحكم، لم يستمع لي احد ويوجد من نصارى السلطة من أوشي بى ولولا وجود سند لي من بعض الأشخاص الأقوياء الوطنيون لالتهمني الأمن ومعهم نصارى السلطة.
وتحت كوبري أبانون الذمي وقف القمص صموائيل من بيت العائلة واحد المستشارين الأقباط وزوجته مسئولة لجنة المواطنة بحزب مستقبل وطن ومعهم النائبة اليزابيث شاكر هولاء هم فريق نصارى السلطة، في حين غاب كل اعيان القوصية من الأقباط والمسلمين والشهداء
وفي كوبري أبانون كانت صرخة وطن صرحها المفكر الدكتور عماد جاد علي صفحته في الفيس بوك حيث قال
موضوع الشهيد أبانون...... مسئولية نظام حكم
التزمت الصمت فترة طويلة وقلت ربما اكون مخطئا وان النظام الحالي سوف يتحرك باتجاه دولة القانون والمواطنة، فضلت الصمت والمتابعة، ولكنني لم اعد قادرا على الصمت.....لا فائدة ولا تراهنوا على دولة القانون والمواطنة في بلادنا، لا عظة مما يحدث حولنا، قدرنا أن نلف وندور حول أنفسنا دون أن نتحرك خطوة للأمام.
ملعونة الكراسي والمناصب التي ثمنها الصمت عن كلمة الحق.
أما موضوع عدم اطلاق اسم الشهيد أبانون ، على مدرسة ووضع اسمه على كوبري وبطريقة هزلية ، لا يكشف عن سيطرة السلفيين وقوتهم كما يقول البعض، بل يكشف عن هيمنة هذا الفكر المتشدد على عقول وقلوب كبار المسئولين في الدولة ومؤسساتها المختلفة من أمنية وحكم محلي، والنتيجة ما نراه في مئات الوقائع والإحداث الطائفية ودور المسئولين في مساعدة المجرمين على الإفلات من العقاب.
لا تراهنوا على مؤسسات الدولة وأجهزتها، فهي طائفية، ولا تتوقعوا من مؤسسات طائفية أن تعمل على بناء دولة مدنية حديثة، أو دولة قانون.
الحقوق لا تقدم على أطباق من فضة وذهب بل تنتزع بالنضال السلمي والمقاومة اللاعنيفة وفضح هذه الممارسات، وفي تقديري انتهى زمن الرهان على الحصول على الحقوق كهبة أو منحة من حاكم أو مسئول، فلن يحدث ذلك إلا بسياسات المقاومة اللاعنيفة وكشف وفضح سياسات التمييز، وخاسر من يراهن على منحة أو هبة من النظام، وملعون فريق " نصارى السلطة" الذين يدلسون ويداهنون ويتخابرون ويخونون طعما في ذهب المعز سواء كان منصب تنفيذي أو مقعد في البرلمان.
التمييز بين المصريين والتفرقة بينهم، سياسات نظام، وليس الخضوع لقوى متشددة، ففكر وقلب وعقل رجال ومؤسسات الدولة تمييزي.
وبعد تلك الكلمات التي اطلقها المفكر الوطني الدكتور عماد جاد سوف أتعهد أمام ضميري والوطن سأستمر في الكتابة والنضال ضد نصارى السلطة وضد تمييز وطائفية السلطة .