مدحت بشاي
ونحن نعيش بالفعل حالة تراجع لأحوال فنون الكوميديا المصرية المميزة، بات عشاق تلك الدراما يسألون: هل جفت منابع الضحك عند المصريين؟!..هل نضب معين الكتابة الكوميدية عند كتابنا المسرحيين؟!.. ورغم أننا أصحاب المثل المصرى الشهير (شر البلية ما يضحك) فلماذا قل ضحكنا أو تلاشى مع أن الكثير من الشر قد وقع علينا من كل صوب وحدب، ويكفينا ويفيض شرور أهل الفتن والإرهاب.. لماذا توقف كتاب المسرح عن الكتابة الكوميدية بمعاييرها المؤثرة والحرفية، هل لأن الكتابة الكوميدية نقدية بطبيعتها وقد تدفعهم للوقوع فى بير الغلط؟!.. وهل ما يقدمه أشاوس كوميديا الزمن الشحيح بما فيه من قفشات غليظة الوقع على الآذان وبشعة التأثير للمبالغة فى الأداء التافه والرخيص على العيون، ألم توقع أصحابها فى براميل الغلط المستحقة لمحاكمات للتدنى الأخلاقى؟!!
وعليه، لم لا نذكر قارئنا بإبداعات عاشق إنتاج الضحكة الحلوة الذكية الواعية، وأحد أهم فرسان كتابة الدراما الكوميدية (مرئية: سينما وتليفزيون ومسرح) لنتعرف على صناعة النجاح، وقناعات كاتب مسرحى من الطرازالرفيع «ليين الرملى».. لأنه «لينين الرملى» صاحب علامة الجودة ونياشين التقدير للوعى الرائع بتركيبة الشخصية المصرية.
لأنه «لينين الرملى» قرر أن يحدد هويته منذ الصغر ليتجاوز محنة تسبب اسمه فيها (فى الثامنة عشرة من عمره، عندما قامت والدته (الصحفية بمؤسسة روز اليوسف) بعرض قصة قصيرة له على رئيس تحرير روزا، فقال لها «لينين» موهوب، ولكن عليه تغيير اسمه لو كان راغبًا فى الاستمرار فى الكتابة، فقرر أن هويته تحددها إبداعاته وليس اسمه ورفض تغييره.<
لأنه «لينين الرملى» فقد رد على من قالوا له (أنت تكتب مسرحًا سياسيًا): إن وصف ما أكتب بالسياسى يختزل الرؤية إلى مساحات صغيرة، فى حين الأصل أن المسرح فكر، والفكر يحتوى على زوايا سياسية وثقافية، واجتماعية، وإنسانية.<
لأنه «لينين الرملى» فقد قال إن المسؤول عن أزمة المسرح هو المجتمع كله.. المسرح دراما.. صراع داخلى، ومنطقتنا كلها لا تعترف سواء كأنظمة أو كمجتمعات بالصراع الداخلى.<
لأنه «لينين الرملى» رفض كتابة المسرح التجارى، وهو السائد فى الوقت الحالى حيث الممثل بطل العمل المسرحى هو كل شىء، ومن ثمّ يخرج عن النص المكتوب ليقول أو يؤدى عملًا ينتزع المزيد من ضحكات الجمهور حتى لو كان مبتذلًا وبعيدًا عن السياق.<
لأنه «لينين الرملى» فهو يؤكد احتياجنا إلى المسرح الشعبوى والمسرح الذهنى، لا بد أن يساهم المسرح فى تقديم الحقائق للجمهور، ليس عن طريق الأحكام بأن ذلك خير أو شر، ولكن من خلال حثهم على التساؤل والتفكير، وذلك لا يأتى من خلال لغة متعالية وفوقية بل بلغة قريبة منهم وتشبههم بشكل كبير، وتعمل على تقديم نماذج من البشر يعرفها الناس فى حياتهم ويقابلونها كل يوم، لا بد أن يكون المسرح ذهنيًا؛ يجعل المشاهد يطرح الأسئلة وذلك بأبسط الأشياء.<
لأنه «لينين الرملى» فقد كتب وقدم تلك الأعمال الناجحة فنيًا وجماهيريًا «أنت حر» ، «المهزوز»، «على بيه مظهر».. «فرصة العمر».. «ميزو».. «شرارة».. «هند والدكتور نعمان».. «الهمجى».. «تخاريف».. «أهلاً يا بكوات».. «عفريت لكل مواطن».. «سعدون المجنون».. «الحادثة»..«سك على بناتك».. «وجهة نظر».. «بالعربى الفصيح».. «الإرهابى».. سلسلة أفلام «بخيت وعديلة».<
لأن الكوميديا عند «لينين الرملى» لها من التفرد الذى لا يسمح إلى حد كبير بالتدخلات الارتجالية وإطلاق القفشات ونكات الاستظراف الدخيلة.<
لأنه «لينين الرملى» فجميعنا يدعو الله أن يمن عليه بالشفاء، وأن تعود «الضحكة اللينينية» على المسرح بتعاقد وزارة الثقافة على أعماله الجديدة.<
نقلا عن المصرى اليوم