شريف الشوباشى
ما حدث لى من ردود افعال بعد ان نشرت بوست عن ابوتريكة امس الأول اقول فيه انه مغرور ومتعالى يدق ناقوس الخطر ويكشف مرضا خطيرا فى المجتمع وتوجها قد يؤدى الى عواقب وخيمة ان لم نتداركه. لقد انهالت علىّ سيول من الشتائم والسباب بالام والاب والاعضاء التناسلية على شخصى وعلى كل من دافع عن كلامى. انا على ثقة تامة بان هناك تجمعات اخوانية على الفيس وانها لعبت دورا فى هذه الحملة السبابية.. لكن هناك نسبة كبيرة ممن شتموا باوسخ الالفاظ واقبح الشتائم هم من الاطباء والمهندسين ومن رجال الاعمال ربما نسبة كبيرة منهم ليست مع الاخوان لكنها ارادت الدفاع عن ابوتريكة حبا فيه كلاعب كرة.. وهذا امر طبيعى.. لكن ما هو شاذ وغير طبيعى ان يستخدم هؤلاء المواطنون .. وبعضهم يبدو محترما من خلال صفحته.. الفاظا نابية واسلوبا عنيفا يربو الى الارهاب النفسى والمعنوى.. الناس فى مصر لم تعد قادرة على ان تعبر عن رأيها الا من خلال العنف اللغوى والشتيمة.. وهذا العنف اللغوى سرعان ما يترجم الى عنف بدنى ينفّس فيه الناس عن الكبت والحرمان فيقوم القوى بضرب الضعيف ضربا مبرحا : يعنى يضرب الرجل زوجته واولاده الصغار او الكبار فى السن ،كما يعتدى على الحيوانات غير القادرة على الدفاع عن نفسها. التعبير عن الذات وعن الرجولة اصبح يمر باستخدام العنف اللغظى والجسمانى.. ولعل الارهابيين الذين يقتلون ويذبحون رجال الشرطة والقوات المسلحة الابطال هم نتاج هذه الثقافة الجديدة نسبيا علينا ولم تظهر الا فى نهايات السبعينات.. والاعلام يغذى هذه النزعة بطريقة غير مباشرة فاصبحت مفردات المذيعين ومفردات الناس العاديين تعبر عن العنف الكامن والمتفجر داخل الصدور فيردد مذيع مشهور تقريبا يوميا حين يتحدث عن ناس مش عاجبينه "يا رب ينحرقوا بجاز" او "دول يستهلوا نولع فيهم نار".. وآخر يقول دول خونة ولازم يدبحوا.. وآخر يحرض صراحة على قتل الارهابيين خارج القانون وليس دفاعا عن النفس.. ورأيت مذيعا يتحدث عن ظاهرة الاغتصاب فيقول: "انا لو حد اغتصب زوجتى.. مش حاستنى بوليس ولا نيابة ولا كلام من ده.. انا حاخلص عليه بنفسى" ولو قالها فى اى تلفزيوم محترم لأوقف عن العمل وقدم للنيابة بتهمة التحريض على القتل خارج اطار القانون..
احذروا بركان العنف الكامن فى الصدور.. احذروا من كل من يتحدث عن القتل باسم الدين او لاى سبب آخر.. احذروا العنف اللفظى الذى لا بد ان يتحول إن عاجلا فآجلا الى عنف جسدى.. احذروا الغضب المكبوت فى صدور الناس والذى يتجلى فى الشجار فى الشوارع والعنف المنزلى.. اصبحنا مجتمعا غاب عن العقل واصبح الحديث عن القتل والحرق ابسط الامور فى الاعلام وفى الحياة العامة.. والاطفال يسمعون من آبائهم ليل نهار مفردات تحض على العنف وكأنه امر طبيعى وسنة من سنن الحياة. احذروا مواجهة العنف بالعنف والقهر.. وطبعا الرد على هذا الكلام سيكون من بعض السفهاء: امال يعنى نطبطب على المجرم ونجيبله هدية مكافأة.. وهذا اغبى منطق واسخف اسلوب فى التفكير. العنف صار دائرة جهمنية مفرغة تتزايد شراستها كل يوم.. احذروا قبل ان نندم على ما فعلنا بأنفسنا.