كتبت – أماني موسى
قال د. أحمد عكاشة، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس، ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، وعضو اللجنة الرئاسية الاستشارية لكبار علماء مصر، أن المرض النفسي لازال موصوم لدى البعض، وهو مرض كأي مرض، فالشخص الذي يعاني نفسيًا كمثل من يعاني من السكر أو الضغط أو غيره.
وشدد د. عكاشة بأن المرض النفسي ليس جنون، ولا يوجد مرض في قاموس الطب النفسي اسمه جنون، وهو مصطلح موجود بالقرآن الكريم، ووصف بها الأنبياء حين نزلوا برسالات مختلفة عن المجتمع الذي عاشوا به، وتعني من استتر عقله.
وأضاف في حواره مع الإعلامي يوسف الحسيني، ببرنامج "بصراحة"، المذاع على راديو "نجوم إف إم"، إلى عام 1880 كان لا يوجد طب نفسي أو أطباء نفسيين، وكان أي شخص يصاب بأي أعراض نفسية يتم حبسه داخل مصحات إلى أن يموت، كنوع من الحماية للمجتمع من أي عنف محتمل منه، على الرغم من أن عنف الأناس الطبيعيين أكثر من العنف الموجود بالمرضى النفسيين.
وفي نهاية عام 1880 جاء طبيب ألماني وأسماه الطب الروحي، حيث كان الناس يعتبرون أن المريض النفسي مصاب بمس أو مسحور.
وأوضح أن المرض النفسي سببه اضطرابات في الاتصالات بين الدوائر الكهربائية في الدماغ، وهناك دراسة للعلوم العصبية السلوكية وهو من اختصاص الطب النفسي، وعلوم عصبية عضوية وهو طب الأعصاب.
وأشار إلى دراسة أجرتها كلية الاقتصاد في لندن، تقول أنه إذا تم علاج الاكتئاب والقلق يمكن زيادة الدخل القومي بنسبة 2%، لافتًا إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب والقلق في أخر 10 سنين بنسبة 50%، حيث يعاني 610 مليون شخص حول العالم من القلق أو الاكتئاب.
الاكتئاب يؤثر على العمل والإنتاج فيصبح الشخص كالحاضر الغائب
مشيرًا إلى أن منظمة الصحة العالمية قالت أن الأمراض النفسية تتسبب في الوفاة والعجز عن العمل بنسبة 38% ، وذلك بنسبة تتخطى الإصابة بالأمراض الجسدية كالقلب وغيره، وعليه فأن الاكتئاب والقلق يؤثرون بشكل مباشر على العمل والإنتاج، فيصبح الشخص كالحاضر الغائب.
الاكتئاب هو المريض الوحيد الذي يمنع الإنسان من العمل
وأوضح أن مرض الاكتئاب هو المريض الوحيد الذي يمنع الإنسان من العمل، الشاعر يتوقف عن العمل، والفنان والعامل والطالب، ومن ثم لا بد من تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الإصابة بالأمراض النفسية والاكتئاب، وعلى المشاهير الذي أصيبوا به أن يعلنوا إصابتهم به وكيف تحرروا منه ليكونوا نموذج أمل للمرضى، وباعتبار أن مصر أكثر حضارة من الدول العربية فعلى فنانيها أن يتخذوا المبادرة.
على المشاهير الذين أًصيبوا به أن يعلنوا تجربتهم للعامة
وتابع، أن الناس الطبيعية مصابين جميعهم بمرض نفسي لمدة ساعتين على الأقل يوميًا، وأن 99% من المرضى النفسيين يتم علاجهم بالبيت وخارج المستشفيات.
الفراعنة عرفوا الطب النفسي
وعن ضرورة إعادة توجيه المجتمع لتقبل فكرة المرض النفسي والعلاج النفسي، قال عكاشة أن قدماء المصريين كان لديهم وعي مختلف تمامًا، وفي كتاب "الطب عند الفراعنة" أشار إلى أن برديتي إيبرد التي تحكي عن القلب، وبردية كاهون التي تحكي عن الرحم، إذ كانوا يعتقدوا أن كل الأمراض النفسية كانت أمراض الرحم، ومن هنا جاء مصطلح هيستيريا، والتي تعني رحم باللاتيني، وكتب قدماء المصريين أن الشخصية في القلب والمرض النفسي في القلب أيضًا.
الدماغ به 100 مليون خلية عصبية والأمراض النفسية تشتغل على أجزاء بعينها في المخ
وأوضح عكاشة أن هناك فرق بين النفس والجسد، فالنفس هي التفكير والإدراك والسلوك، وجميعها موجودة بوصلات في المخ "الدماغ" إذ يحتوي الدماغ البشري على 100 مليون خلية عصبية، وتريليون خلية للاتصال ببعضهم البعض، والأمراض النفسية تلعب على مراكز محددة بالمخ يعرفها الطبيب النفسي، كالزهايمر والاكتئاب والوسواس القهري والقلق وخلافه.
المريض النفسي يشفى
وصحح عكاشة معلومة أن الأمراض النفسية لا تشفى، وقال أن هذا أمر غير صحيح، وأن المريض النفسي يتناول الدواء وبعد سنوات لو لم تحدث له انتكاسات يتم إيقاف العلاج نهائيًا.
لا بد أن يساهم الإعلام في تغيير الوصمة المجتمعية للمرض النفسي
وقال عكاشة عن الوصمة المجتمعية للمرض النفسي، أولى أسبابها الرئيسية هو الإعلام، ولا بد من تغيير الإعلام لتغيير النظرة المجتمعية للمرض النفسي والمريض النفسي.
مريض الاكتئاب يمر بمراحل إبداعية غير عادية
وتابع أن مريض الاكتئاب الذي يشفى منه يمر بمراحل إبداعية غير طبيعية، وواقعية وتعاطف مع الآخرين، والصمود، ويصبح شخص صلب فيما بعد.
البروفسور جون ناش مصاب بالفصام وحصل على نوبل
ولفت إلى أنه كانت تجمعه صداقة بالبروفوسير جون ناش الذي أصيب بالفصام، وحصل على جائزة نوبل، والذي تم تجسيد سيرة حياته في فيلم beautiful mind، وشفي من الاكتئاب.
ودعاه د. عكاشة إلى إلقاء كلمة في أحد المحاضرات، وفي كتاب د. عكاشة "وصمة المرض النفسي"، كتب د. ناش احد فصوله وعدد أن الحاصلين على نوبل في الرياضيات أو علوم الطبيعية يملكون مهارات تفكير تتفوق على الآخرين، وهذا ما حدث له، بالإضافة إلى أن المصابين باكتئاب ثنائي القطب يكونون أيضًا أكثر إبداعًا من الآخرين.
وشدد بأنه غير صحيح أن المريض النفسي غير قادر على الزواج أو الإنجاب أو العمل.