د. مينا ملاك عازر
لا شك في أن التسريبات والتصريحات التي صرح بها التاجر صهر الرئيس ترامب لا تعبر إلا عن سياسة شيوعية الأرض ومشاعية الأموال، فأنه يحلم أن يأخذ من العرب ليعطي العرب، ليصمت العرب، ويرضا العرب، والأخذ والعطاءٍ سيكون مالاً، وربما أرضاً، وكله من باب من ذقنه وافتل له، وربما تقديرات ترامب الخاطئة أنه هدم سياسات أمريكا التي جاء عليها، أو أنه اضطر لقبول الأمر الواقع الذي رفضه سلفه، فالحكاية في وجهة نظري كالآتي:
أوباما منفذ لسياسات أمريكا التي كانت تحلم بوصول الإسلاميين للحكم لسببين هامين، أولهما أنهما أصحاب نظرية أن الأرض للجميع ولا احترام للأوطان، فبسهولة سيقبلون فكرة تبادل الأراضي وتحريك الحدود وبمنتهى السهولة، أخيرهما أن الإسلاميين لن يستطيع أحد أن يزايد عليهم متى اتفقوا وتوافقوا مع إسرائيل، ولن يكفرهم أحد، ولن يستطع أحد أن يقول عنهم خونة بحسب ظن الأمريكان، لكن الشعب المصري فعلها وقالها وطردهم ولفظهم، وهنا تحير أوباما، ماذا يفعل في يناير قبل الثورة؟ لأنه كان يعرف إلى أي شيء تاؤل، وادعى وقتها أنه نصير الشعب، وأنه خدام إرادة الأمة، لكنه في يونيو عرف أنها النهاية للإسلاميين ليس في مصر بحسب بل أيضاً في المنطقة، وخنع أوباما، وعندما جاء ترامب كان في رأيه أحد أمرين، إما استكمال أمر المعاندة الذي يتبعها أوباما مع مصر بالذات، أو يهادن ويصادق النظام المصري ويفتح باب مع كل الأنظمة العربية، باقي الأنظمة العربية سبها ونعتها بأقسى النعوت، وأعلن أنه يعتبرهم بقرة حلوب، وفعلاً حلبهم في صفقات أسلحة هي الأغلى في التاريخ الإنساني بعد مجيئه للحكم، لكن النظام المصري قرر مهادنته، كل هذا في أمل أن يستطيع أن يقنعهم بالفكرة الأمريكية التي من أيام أوباما كانوا يخططون لها وأوقفتها ثورة الثلاثين من يونيو أو قل عطلتها بحسب وجهة نظرهم المتفائلة.
اتجه ترامب لتأجيج الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة الحساسة في الخليج العربي، وساعدته إيران بأفعال صبيانية وقد تكون طائشة، وسهلت السعودية المهمة باندفاعها وتهورها وراء حلم غذاه الأمريكان، وهو نقل الحكم لجيل الأبناء أو الجيل الثالث من آل سعود، وقد اتت البداية بمشروع نيوم السعودي المصري، وهو مشروع اقتصادي كبير لا أعرف بالمناسبة إلى أين وصل المشروع؟ لكننا كلنا نسمع عن ضخامته.
وتندفع المسألة الآن في المنامة نحو البداية الاقتصادية، فالبلاد العربية بحاجة لتحريك اقتصادها المتدهور بسبب دخولها في حروب، ودفعها ثمن صفقات سلاح كبيرة، كما أنها مهددة بسبب الأفعال الإيرانية بوقف ضخ البترول، ما يعني انهيار لدولة كاملة كالكويت مثلاً، وانهيار واحدة يهدد بانهيار الباقي، وحتى وإن لم يؤثر على البترول فقد يؤثر على دورها التجاري والسياحي كالإمارات مثلاً، وانهيار أيا من الثلاث، الإمارات السعودية الكويت يؤثر على الباقي، ومن ثمة على مصر، فهم أكبر داعم اقتصادي، كما أن مصر مهددة بوقف الملاحة في القناة إذ أن نصيب نقل البترول هو النصيب الأكبر في حركة القناة، ناهيك عن أن ديون مصر زادت وتزيد بسبب القروض التي نورط نفسنا بها كل يوم، سواء مع صندوق النقد الدولي أو الدول الأجنبية، ما يعني أن اللعب بالورقة الاقتصادية في مؤتمر المنامة قد يجبر العرب على قبول ما لم يكن يقبلونه إلا في وجود الإخوان وما شابه بتحريك الحدود أو ببقاء اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة دولة واحدة أو أي شيء يشابه هذه الأطروحات التي يحلم بها صهر ترامب ومن شابهه، بالمناسبة لا أعتقد أن صفقة القرن اختراع ترامبي أو عائلته لكنه امتداد سياسة أمريكية مخطط لها.
المختصر المفيد الاقتصاد مفتاح كل المشاكل، وقفل كل الأفواه المعارضة.