أصبحت ليبيا خلال السنوات القليلة الماضية مسرحًا مفتوحًا للعمليات العسكرية بين قوى متناحرة، داخل الأراضى الليبية وخارجها، للسيطرة على مُقدَّرات الشعب الليبى، سواء نفطه أو أمواله أو استثماراته المنتشرة فى دول العالم المختلفة.
من هنا تأتى أهمية ظهور الجيش الوطنى الليبى لاعبًا رئيسيًا فى الحفاظ على وحدة ليبيا وثرواتها ووقف النهب المنظم لها منذ 2011 إلى الآن، وهو يقوم بذلك بمساندة مجلس النواب الليبى، برئاسة المستشار عقيلة صالح.
من المنطقى أن يختار المشير خليفة حفتر، «القائد العام للجيش الوطنى الليبى»، ذو التأثير الأكبر على الملف الليبى الآن منذ انطلاق ثورة الكرامة فى مايو 2014، الطريق الصعب للحفاظ على وحدة ليبيا.. مواجهًا الصعوبات والعراقيل التى يصدّرها فائز السراج، «رئيس المجلس الرئاسى الليبى»، الموالى بأشكال متعددة لجماعات الإسلام السياسى ومَن يمولها، صاحب العلاقات المتشعبة بميليشيات الاتجار بالبشر والخطف ودعم الإرهاب وتهريب النفط والمحروقات. إنها الميليشيات التى تحاول بشكل صريح اغتصاب السلطة، ومحاولة تشكيل جماعات مسلحة، وإضفاء الصبغة الشرعية على تحركاتها.
من الواضح أن هدف العمليات العسكرية فى ليبيا الآن هو التمهيد للوصول إلى المرحلة الانتقالية التى تديرها حكومة وحدة وطنية ليتم فرض العديد من القواعد بداية من حل جميع الكيانات المنبثقة عن اتفاق «الصخيرات» بعد انتهاء صلاحيته وحل جميع الميليشيات ونزع سلاحها، مرورًا ببدء عمليات الإعمار والتنمية وإعادة التوازن إلى قطاع النفط وعوائده وإنهاء أزمة السيولة، وصولًا إلى تشكيل لجنة صياغة دستور جديد والاستفتاء عليه والإعداد للانتخابات لضمان عودة المسار الديمقراطى من خلال الإعداد لقانون انتخابات جديد، فضلًا عن توحيد مؤسسات الدولة وإداراتها بعد سنوات الفتنة والتشكيك والنهب والانقسام.
من الطبيعى أن يشكك البعض من أصحاب مصالح عدم الاستقرار فى كل ذلك، وأن يطلقوا الشائعات للاستفادة من اتساع رقعة الفوضى لأكبر مدى زمنى ممكن. وقد أصبح واضحًا أنه لا يمكن المقارنة بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج، الذى تثبت تصرفاته وتصريحاته ومواقفه أنه ضد مصلحة الشعب الليبى ومع ترسيخ حالة الانقسام، والمثال الواضح لذلك مبادرته الأخيرة التى تفتقد جدية التنفيذ لأنها لم تتضمن معالجة حقيقية لأسباب أزمة ليبيا، وظهر جليًا أنها ليست سوى وجه آخر لتصريحات غسان سلامة، «مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا»، والتى يريد فيها استبعاد الجيش الليبى من معادلة حل الأزمة الليبية، وعقْد تجمع مع القوى الوطنية الليبية تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة، لتحديد خارطة طريق وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة قبل نهاية 2019، ولم يوضح من قريب أو بعيد الجهة المنوط بها مواجهة الإرهاب فى الأراضى الليبية.. خاصة بعد إعلانه عدم الاستعداد للتحاور مع المشير خليفة حفتر، «القائد العام للجيش الوطنى الليبى».
نقطة ومن أول السطر..
ليبيا تعود إلى مكانتها الراسخة تدريجيًا.
نقلا عن المصري اليوم