استباحوا موت مرسى عداوة، وطفقوا يهددون ويتوعدون، ويكبرون ويهللون فى أقبيتهم المسحورة فى العواصم القريبة والبعيدة، ويحرضون صغارهم فى «اسطنبول» على مصر الكبيرة، فخسروا الجلد والسقط، تعمقت كراهيتهم فى نفوس المصريين، وتجذرت عزلتهم، وباتوا فى ظلمات أنفسهم يعمهون، وهم فى غيابات الجب الإخوانى ساقطون.
الإخوان يخوضون معركة خاسرة ضد إرادة شعب، ما لم يفهمه الإخوان منذ 30 يونيو ولن يفهموه أنهم صاروا فى عداء مع الشعب، وعلى قطيعة مع الشعب، الناس ترفضهم، تكرههم، تزدريهم، لا يستوعبون أن الصدام هذه المرة مع الشارع، وما غلبت جماعة يومًا شارعًا يفيض بكراهيتهم.
حتى فى مصيبتهم، لم يكسبوا أرضًا، ولم يستدِرّوا عطفًا، بل استقووا وتجبروا وتظاهروا وتجمهروا وكوّروا القبضات فى الوجوه، وهدّدوا بالويل والثبور، لم يحوّلوا المحنة إلى منحة، بل حوّلوها إلى نقمة، نار مُوقَدة شبّت فى نفوسهم المُبلَّلة ببنزين الثأر سريع الاشتعال، الإخوان أقسموا ليَصْرِمُنَّها مُصْبِحين ولا يستثنون.
وفاة مرسى أعادت استكشاف وجه الإخوان البغيض، رسمت صورتهم الكئيبة فى الشارع مجددًا، وبرزت رموزهم الكريهة على المنصات التركية متوعدة، بمجرد بروز هذه الوجوه القبيحة استعاد المصريون كل عذاباتهم فى عام الخلافة الحزين، وشبّت فى قلوبهم جذوة الكراهية التى كادت تردمها الأيام.
يتمتعون بغباء تاريخى، الإخوان أنعشوا ذاكرة المصريين، وأيقظوهم من سُباتهم، واستيقظ المصريون على خطر داهم يتهددهم، وعلى جماعة تستقوى بالخارج عليهم، وتهددهم فى قعور بيوتهم الآمنة، الإخوان برزوا أعداء، كما هم دومًا.
خيال الإخوان يهيئ لهم عودة، يعيشون فى خيلاء أنفسهم ولا يتواضعون بعد شتات، يتخيلون أنهم عائدون يومًا ليحكموا القاهرة من اسطنبول، ويدهسوا القاهرة تحت سنابك خيولهم المطهمة، ويركبون حكم مصر، وهذه الأنهار تجرى من تحت أقدام المرشد.
الإخوان فى حالتهم هذه أقرب لحالة «رشدى» فى فيلم «شىء من الخوف»، وهو يهذى، مسّه الجنون، «رشدى» أراد أن يثبت لزوجته «أنعام» أنه أجدع من «عتريس» بعد أن عايرته بـ«خيبته القوية» وبأنه أضعف من أن يفعل أى شىء، و«بيهلفط».. فركب حصانه وجرى إلى «الدهاشنة» وأخذ يصرخ فيهم: «أنا أجدع من عتريس.. ده آنى بلوة سودة.. آنى سفاح.. آنى شرّانى.. إنتو ما بتخافوش منى ليه؟!»، والعيال يجرون وراءه ويُمْطِرونه بالطوب ويُعفِّرون وجهه بالتراب، ويزفونه زفة المجنون فى الحارة المزنوقة!.
نقلا عن المصري اليوم