دينا عبد الكريم
أقتبس عنوان مقالى من عنوان أحد الكتب الأكثر تأثيرًا فى حياتى للكاتب «ريتشارد فوستر»، ولن أقتبس هنا سوى العنوان، ثم إلى مضمون يخص أيامنا العجيبة هذه!!.
تابعنا جميعًا على المستوى العام قضية أخلاقية كبيرة، تناقش فيها الناس واختلفت الآراء، ثم- كالعادة- تحول الناس إلى طرفين يتهمان بعضهما بناءً على موقف كل منهما!.
أنا لا أملّ أبدًا من متابعة القضايا من هذا النوع، ولا أميل لاتهام أحد بالتنظير أو المثالية، بل بالعكس أعتقد أن نقاشات مثل هذه مفيدة جدًا، وهى جزء من صناعة «كود أخلاقى عام» فى مجتمع متنوع ومضطرب كمجتمعنا.
قال لى ذات مرة رجل مختبر: «أن ينكشف سر شخصى- أخلاقى- أنت تخفيه يعنى أنه قد نفد رصيدك من الستر»!!.
والحقيقة أنه قول مرعب ومطمئن فى نفس الوقت، والحقيقة أيضًا أن الحياة «المنضبطة» هى حياة فرحة ومنطلقة وليست كئيبة ولا معقدة.. كلما قلّت الأسرار التى تخفيها زادت حريتك وسعادتك وقدرتك على مواجهة الحياة مرفوع الرأس..
هذا باختصار الدرس الشخصى الذى تعلمه معظم (الفاهمين) من أزمة عمرو وردة، لكن الدرس العام والكبير مازلنا فى حاجة إلى تذكرة بعضنا به، وهو ما قدمته هذه الأزمة لأجيال أصغر.. أنت كبير بالقدر الذى تستطيع معه أن تتفهم أنه شخص مُعرَّض للخطأ!!.
لكن.. هل تعرف أن ابنك وبنتك شاهدا هذا الفيديو البذىء؟!!. نعم.. معظم أبنائكم من المراهقين والأجيال الجديدة قد شاهدوا هذا الفيديو الحقير!!، وأن هذا الشاب- الناجح والمشهور- فى نظرهم يمارس تلك السخافات منذ سنين وهو فى قمة نجاحه!!.
أنا لا يهمنى قط هذا المريض، ولن أدَّعى المثالية بكونى متعاطفة معه من باب أن كلنا خطّاؤون، رغم أنها حقيقة، لكن الحقيقة أننى متعاطفة أكثر مع تلك الأجيال التى رأته نموذجًا!، وتلك الأجيال التى جُرحت براءتها وشُوِّهت معظم النماذج أمامها.. بدءًا بآباء وأمهات يفرطون فى الإهمال أو يفرطون فى القسوة، مرورًا بكل صور الازدواجية التى يرونها فى آبائهم وأمهاتهم كل يوم!!، وصولًا إلى النماذج العامة التى تتكسر أمامهم كل يوم!!.
أنا لا أنسى تلك المرات القليلة التى تجرأت فيها على السؤال: لماذا يبقى «فلان» رغم بذاءته على الساحة حتى الآن؟.. فكانت الإجابة: «له دور لم ينته بعد»!.
أى دور هذا الذى يهم لهذه الدرجة التى تجعلنا وأولادنا ندفع فواتير لا نعلم عنها شيئًا ببقاء هؤلاء على ساحة الحياة العامة؟!.
ألم يَحِن الوقت حتى نعيد التفكير فى الشخصيات العامة التى نُصدِّرها للناس عنوانًا لمؤسسات رياضية وإعلامية وفنية.. ألم يَحِن الوقت لنعيد النظر فى فكرة حساب تواجدهم بقدر ثقل علاقاتهم؟!
الأجيال الجديدة تحتاج أن ترى النموذج الذى يقدم نجاحًا عمليًا، ويقدم قبله نجاحًا شخصيًا وانضباطًا.. يحترم أحلامهم ويحترم مستقبلهم الذى نريده!!.
نقلا عن المصري اليوم