محمود مسلم
سيحاسب التاريخ المجلس العسكرى على أنه سمح للإخوان المسلمين بالتلاعب به حتى انتهت الفترة الانتقالية دون إقرار الدستور، وبالتالى سيأتى رئيس الجمهورية بلا اختصاصات واضحة لتستمر حالة التخبط ويغيب الاستقرار.. وإذا كان الإخوان والسلفيون استطاعوا إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الدستور على عكس ما يجرى فى دول العالم فى مثل هذه الظروف، فإنه بدلاً من استيعاب الدرس وإقرار الدستور قبل الانتخابات الرئاسية استطاع الإخوان «تعويم» إعداد الدستور حتى يعرفوا مَن الرئيس القادم ثم يحددوا خطتهم.. وساعدهم فى ذلك تفتت القوى الليبرالية والثورية وتراخى وعدم خبرة المجلس العسكرى الذى أدار المرحلة الانتقالية بأيادٍ مرتعشة. لقد فشل المجلس فى إلزام الإخوان باتفاق واضح ومحدد حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور قبل الانتخابات البرلمانية، ولم يجرؤ على إصدار مرسوم بقانون، مما أدخل البلد فى متاهة خاصة بعد فوز الإخوان بالانتخابات البرلمانية وتمردهم على كل القوى السياسية وعلى المجلس العسكرى نفسه. لقد خرج المشير طنطاوى ليؤكد على إقرار الدستور قبل الانتخابات، ثم تبعتها تهديدات بأن المجلس العسكرى سيصدر إعلاناً دستورياً مكملاً فى حال عدم اتفاق القوى السياسية، ولم يحدث شىء من ذلك بسبب مماطلات الإخوان الذين خرجوا أمس ليعلنوا أنه يمكن الاتفاق على «ميثاق شرف».. ولا أعرف أين كان الشرف حينما أصر الإخوان على مخالفة القوانين فى الانتخابات البرلمانية واستغلال حاجة الناس للزيت والسكر وممارسة الدعاية أمام اللجان ودغدغة مشاعر الناس بالدين.. وأين كان الشرف عندما تراجعوا عن كل وعودهم السابقة، وعندما شكلوا لجان البرلمان والجمعية التأسيسية للدستور واتبعوا مبدأ «التكويش» وأقصوا كل من كانوا يشاركونهم فى النضال من قبل. أى شرف يتحدث عنه الإخوان وهم يروجون أكاذيب حول إنجازات البرلمان مثل القضاء على الألغام فى الصحراء الغربية أو ادعاء أن مرشحهم د.محمد مرسى اختير كأفضل نائب برلمانى فى العالم، ولا أعرف أى جهة قد اختارته وأين كان مرسى فى دورة 2000 - 2005 من الأداء البرلمانى واستجوابات ومعارك كمال أحمد وأيمن نور وعادل عيد والبدرى فرغلى وأبوالعز الحريرى.. فعندما يتحدث الإخوان عن الشرف يجب أن نتذكر مقولة الفنان القدير توفيق الدقن «أحلى من الشرف مفيش يا آه.. يا آه». لا أجد أى تطابق بين ما يتحدث عنه الإخوان وما يفعلونه بعد ذلك، ولا أعرف لماذا يتحدثون عن «الشرف».. إلا إذا كانوا يتحدثون عن نوع آخر من الشرف مثل «الولاعة» وليس الذى يعرفه المصريون ويشبهونه بـ «عود الكبريت» الذى يحترق مرة واحدة!!
نقلا عن الوطن