العجايبى أشهر الشهداء المصريين
بقلم: القس بيمن الطحاوى
مار مينا هو أشهر الشهداء المصريين، ولعل السبب في ذلك كثرة العجائب التي يجريها الرب بصلواته من قديم العصور وحتى الآن، ولد حوالي سنة 285م في بلدة تُسمى باليونانية "نقيوس" وبالعربي "ابشادى"، كان والده يُدعى أودكسيس وكان حاكماً لمقاطعة شمال أفريقيا، أما والدته فكانت تُدعى أوفيميه، وكانت عاقراً وليس لها أطفال، وكان والداه ذا ثروة عظيمة ومقامة رفيعة، وكان كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم.
وعندما أقبل عيد السيدة العذراء في 21 طوبة ذهبت أوفيميه إلى الكنيسة، ووقفت أمام أيقونة والدة الإله القديسة مريم العذراء، وصلت وتضرعت إلى الله بلجاجة أن يرزقها نسلاً طاهراً، ناظرة إلى النساء وهن يصحبن ويحملن أطفالهن بسعادة، وبينما هي لا تزال تصلى وتتضرع إلى الله وتتشفع بوالدة الإله، سمعت صوتاً من الأيقونة يقول "آمين"، فتقوت في قلبها بالرب وعلمت أن الله معها وسيستجيب لها.
وحدث انه عندما رجعت إلى منزلها، أنها أخبرت زوجها أودكسيس بما قد سمعته فامتلاء بالفرح العظيم مُستبشراً بما سمع.، وحملت أوفيميه بعد ذلك، وعندما كملت أيامها لتلد وضعت طفلاً ممتلئاً من كل نعمة وجمال، ودعت اسمه "مينا" متذكرة الكلمة التي سمعتها من الأيقونة، وكان هناك فرح عظيم في بيت أودكسيس وكل البلاد المجاورة لمحبتهم الشديدة له بسبب فضائله وتقواه.
ونما الطفل مينا يوماً فيوماً في القامة والمعرفة وأهتم به والداه وهذباه بتعاليم الكنيسة المقدسة وغرسا فيه روح التقوى والفضيلة، فكان دائم التردد على الكنيسة ولا يكف عن الصلاة، وعندما كان في الحادية عشر من عمره مات أبوه في شيخوخة صالحة، وبعد موت أبيه بثلاث سنين ماتت أمه أيضاً، وورث عنهما ثروة كبيرة جداً، وعندما صار في الخامسة عشرة من عمره التحق بالجيش الروماني ونال مركزاً مرموقاً فيه لشجاعته ومكانة والده.
وعندما أضرم دقلديانوس نار الاضطهاد وأمر بالسجود للأوثان وتقديم القرابين لها، ترك القديس مينا الجندية ووزع كل ثروته وممتلكاته على المحتاجين، ورحل إلى الصحراء، إذ لم يشأ أن يشاهد عبادتهم الرديئة، وبعدما قضى فترة من الزمن في البرية، اشتاق أن يصير شهيداً على اسم الرب يسوع، وجاءته رسالة من السماء تُبارك هذا الاشتياق المقدس، وتعده بحصوله على ثلاثة أكاليل لا تفنى؛ واحد من أجل بتوليته، وواحد من أجل حياته النسكية، وواحد من أجل استشهاده.
وعندما سمع القديس مينا هذا امتلأ بالفرح والسرور، وقام على الفور وذهب لحاكم تلك المدينة، وأعلن إيمانه المسيحي جهاراً، فعندئذٍ قبضوا عليه وألقوه في السجن، وحاولوا معه تارة بالوعد وأخرى بالوعيد لثنيه عن إيمانه فلم يقدروا، فعذبوه عذاباً شديداً، وبينما القديس في السجن وتحت هذه العذابات الكثيرة المؤلمة، ظهر له المخلص وقواه ثم صعد عنه إلى السماء، وأخيراً حينما احتاروا في أمره وخاب أملهم فيه، أمر الحاكم أن تؤخذ رأسه بالسيف ويُحرق جسده بالنار، فركع القديس وصلى إلى الله وبعد الصلاة مد عنقه فضُرب بالسيف، وأكمل القديس شهادته في الخامس عشر من شهر هاتور حوالي سنة 309م وكان عمره وقتئذٍ 24 عاماً، وبعدما قطعوا رأسه المقدسة أشعلوا ناراً والقوا جسده فيها وظل الجسد ثلاث أيام وثلاث ليال داخل اللهيب ولم يحترق، فأتى بعض المؤمنين وأخذوا جسده من النار وكفنوه بأكفان غالية ودفنوه بإكرام عظيم في مكان عزلته بالصحراء.
هذا وتعيد الكنيسة بعيد استشهاده في 15 هاتور، وفى 15 بؤونة تحتفل بعيد ظهور رفاته المقدسة وتدشين كنيسته المقدسة التي أقامها البابا ثاوفيلس بمريوط، وفى أول أبيب تحتفل بعيد تكريس كنيسته المقدسة التي أقامها البابا أثناسيوس الرسولى بمريوط.، ليعطينا الله أن نقتدي بهذا الشهيد العظيم في قوة إيمانه، وفى شجاعته وصموده واحتماله الآلام على اسم المسيح بصبر وشكر وتسليم، بركة صلاته تكون معنا آمين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :