يكتب :ر امي جلال
يُستخدم مصطلح "نصف إله" في الأساطير القديمة لوصف شخص أحد والديه إله، مثل "هرقل" عند اليونانيين، أو "جلجامش" عند السوماريين، أو "جايد" عند الصينيين.. الواقع المصري أصبح أسطوري به المئات من آلهة العجوة وأنصاف الآلهة والأنبياء والأولياء والرموز والخطوط الحمراء والأهرامات الرابعة.. وهو واقع تعيس وبائس علينا مقاومته.
واقعة التحرش الجديدة لبطلها لاعب كرة القدم "عمرو وردة" وما حدث من تضامن اللاعب "محمد صلاح" معه تكشف عن عدد من الأمور، أحاول تلخيصها في مساحة مقال:
1- محمد صلاح، يُصيب ويُخطئ، داخل وخارج الملعب, وعملية تأليهه أو وضعه فوق المحاسبة هي سلوك مصري سمج لابد من التوقف عنه. ولو أن من قام بواقعة التحرش هو أحد لاعبي فرق الدوري الإنجليزي، ما تجرأ صلاح بالدفاع عنه بأي شكل، لكنه يعلم أنه يتوجه هنا إلى ثقافة تعتبر التحرش رجولة، لكنه سيخسر قطاعًا من مؤيديه في أوروبا.
2- محمد صلاح يمارس دورًا جيدًا في صيانة وإدامة الصورة الذهنية لمصر والمساهمة في تشكيل ملامح قوتها الناعمة، ولكن إن فقد هذا الدور وتداعى هذا التأثير، فما لزومه وما أهميته! إحراز الأهداف ليس شيئًا مهمًا إن كان بمعزل عن منظومة متكاملة من البناء الشخصي ينتج عنها بالتراكم ما يُعرف بالكاريزما.
3- شركات العلاقات العامة، ومجاملات معلقي المباريات والمحللين الرياضيين، والإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تصنع لاعب كرة قدم مفيد.. "وردة" لاعب صاحب مسيرة حافلة بالتحرش فحسب، وليس له أي مردود ملموس في كرة القدم، ولا نعرف سببًا فنيًا منطقيًا لوجوده بقائمة المنتخب أصلًا، وقد أخد بالفعل فرصًا متعددة، وعدم استبعاده من هذه البطولة بالكامل هو تتويج لفشل منظومة كرة القدم. (منتخبات مالي والجزائر استبعدا لاعبين من قوائمهما لسوء السلوك منذ أيام، ولم يتراجعا، فتذكروا هذان المنتخبان).
4- واقعة تحرش "وردة" بفتاة مكسيكية وبعارضة أزياء مصرية، وقد حدثتا في الأسبوع نفسه، هي حلقات من مسلسل لن تنتهي أحداثه.. بداية ما تم الكشف عنه من وقائع يعود إلى عام 2013 مع فتاة فرنسية في تونس، وتم طرد اللاعب من معسكر المنتخب آنذاك وترحيله إلى مصر .. في الموسم قبل الماضي قامت إدارة نادي "باوك" اليوناني بالاستغناء عنه لتحفظها على سلوكياته. وحين رحل إلى نادي "فيرينسي" البرتغالي، تم اتهامه، بعد ثلاثة أيام فقط من وصوله، بالتحرش باثنين من زوجات زملائه من لاعبي الفريق، فعاد إلى اليونان عبر بوابة نادي "أتروميتوس"، وفي انتظار مغامراته الجديدة.. اللاعب يحتاج إلى مساعدة وعلاج فوري.
5- ملاحظة اجتماعية لهواة التأمل: اللاعب "عمرو" هو ابن الكابتن "مدحت وردة" لاعب كرة السلة، الذي أطلق اللحية، وهو لاعب، ووضع الكحل، وظن أن صابونة ركبته من المفاتن التي يجب مداراتها فشغل مصر في الثمانينيات بموضوع "الشورت الشرعي"، وكان يرفض رفع كأس البطولات، ويرفع بدلًا منه المصحف!!
6- حظوظ المنتخب الحالي للفوز ببطولة الأمم الأفريقية، أو أي بطولة، ليست كبيرة بالأساس. ولكن عودة "وردة" للمنتخب تجعل خسارته مؤكده، لأن الفرق لا تفوز وتخسر بكرة القدم فحسب، ولكن بالإداريات والإنضباط والالتزام وغيرها من القيم التي تُكون شخصية كل فريق.. نحن لن نفوز بتلك البطولة، وسنخسر في الكرة بعد أن خسرنا في الإدارة وفي الأخلاق كذلك.