بقلم د. خالد منتصر
تحل علينا ذكرى المفكر والباحث الكبير د. نصر حامد أبوزيد ونحن نردد «فى الليلة الظلماء يفتقد البدر»، فما زلنا فى معركة تجديد الخطاب الدينى نقف محلَّك سر وما زالت قوى رجعية كثيرة تمثل عائقاً أمام التغيير والتجديد، بينما بين أيدينا كتب نصر أبوزيد، وعلى رأسها نقد الخطاب الدينى، الذى يشخص المرض ويفكك خطاب التكفير ويقدم الحلول البديلة ويفضح مراوغات تجار البيزنس الدينى.

إنه خارطة الطريق ومانيفستو العمل، أجد أنه لزاماً علينا أن نطرحه للنقاش والتفاعل على مستوى جماهيرى وليس على مستوى نخبوى فقط، ولضيق المساحة أطرح فقط بعض الاقتباسات من هذا الكتاب المهم؛ لتكون فاتح شهية للبعض لقراءته وجعله دستور تجديد الخطاب الدينى:

• المعركة فى حقيقتها إذاً معركة قديمة فى الفكر الحديث، وهى ليست مجرد معركة حول قراءة النصوص الدينية أو حول تأويلها، بل هى معركة شاملة تدور

على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. معركة تقودها قوى الخرافة والأسطورة باسم الدين والتمسك بالمعانى الحرفية للنصوص الدينية. • ليست العلمانية فى جوهرها سوى التأويل الحقيقى والفهم العلمى للدين، وليست ما يروج له المبطِلون من أنها الإلحاد الذى يفصل الدين عن المجتمع والحياة.

• إن الخطاب الدينى يخلط عن عمد وبوعى ماكر خبيث بين فصل السلطة السياسية عن الدين وفصل الدين عن المجتمع والحياة. الفصل الأول ممكن وضرورى وحققته أوروبا بالفعل، فخرجت من ظلام العصور الوسطى إلى رحاب العلم والتقدم والحرية، أما الفصل الثانى، فصل الدين عن المجتمع والحياة، فهو وَهْم يروِّج له الخطاب الدينى فى محاربته للعلمانية، وليكرس اتهامه لها بالإلحاد.

• الهدف الذى يسعى إليه الخطاب الدينى من ذلك الخلط الماكر والخبيث واضح لا يخفى على أحد: «أن يجمع أصحابه المصلحة فى إنتاجه بين قوة الدين وقوة الدولة، وبين السلطة السياسية والسلطة الدينية، ويزعمون فوق ذلك كله أن الإسلام الذى ينادون به لا يعترف بالكهنوت ولا يقبله»!

• إن التكفير فى الحقيقة يمثل أيضاًً إلى جانب الحاكمية والنص عنصراً أساسياً فى بنية الخطاب الدينى بشقَّيه المعتدل والمتطرف على السواء. غاية الأمر أنه واضح معلن فى خطاب المتطرفين. كامن خفى فى خطاب المعتدلين.

• الجميع يتحدثون عن الإسلام بألف ولام العهد دون أن يخامر أحدهم أدنى تردد ويدرك أنه يطرح فى الحقيقة فهمه هو للإسلام أو لنصوصه وحتى الاستناد لآراء القدماء ولاجتهاداتهم أصبح هو الآخر استناداً إلى الإسلام الذى كثيراً ما تضاف له صفة «الصحيح»، فصلاً له عن «الزائف» الذى يمثل اجتهاداً آخر.