طارق الشناوي
أول حافز يدعو للفضفضة هو الهزيمة، لأنها تُثير الشهية للحديث عن المسكوت عنه، وهكذا عزا البعض خروج فريقنا القومى المبكر للطائفية، التى أدت لإقصاء أى لاعب مسيحى من التأهل لتمثيل مصر فى فريق (الساجدين الموحدين).
لا يوجد لاعب كرة قدم مسيحى.. ستذكر على استحياء هانى رمزى ومحسن عبدالمسيح، كانت لدينا أسماء أخرى أقل شهرة، ستردد مع البابا تواضروس (معقول كل فرق كرة القدم فى مصر ما فيهاش واحد قبطى رجله سليمة)، سبق للبابا أن أعلن ذلك قبل عام فى حوار له مع الزميلين خالد صلاح وسارة علام!.
ومن الممكن أن تتسع الدائرة لتسأل عن تنويعات أخرى، مثل غياب مطرب مصرى قبطى، رغم أن لدينا مثلا وفرة فى المخرجين السينمائيين المسيحيين، على المقابل لن تجد (جان) فتى أول، أو (فيديت) فتاة أولى، وعبر التاريخ ظهرت أسماء قليلة جدا ولم تحقق النجومية الواسعة التى نالتها أسماء مثل فاتن حمامة وسعاد حسنى ورشدى أباظة.
هل المجتمع المصرى طائفى فى التعاطى مع الرياضة والفن؟ أشهر مطربة قبطية رجاء عبده (اعتدال جورج عبدالمسيح) صاحبة (البوسطجية اشتكوا من كُتر مراسيلى)، أيضا السكندرى عزت عوض الله (مرقص باسيلى) صاحب (يا زايد فى الحلاوة عن أهل حينا).
لا أتصور أن تغيير الاسم له علاقة بإخفاء الديانة، ولكن لاكتساب اسم تستقبله الأذن ببساطة، ويرشق فى القلب، فلم تكن الديانة تفرق، بدليل أن ليلى مراد وهى المطربة الأهم فى تاريخنا بعد أم كلثوم وأول (فيديت) فى السينما، والأغلى أجرا، فتاة أحلام جيل الأربعينيات، يهودية، ولم تكتسب جماهيرية إضافية بعد إشهار إسلامها.
نعم.. ستجد مطربات ظهرن فى الثلاثين عاما الأخيرة مثل منى عزيز وأنوشكا وسيمون وغيرهن، إلا أنهن لم يحققن النجاح الطاغى، بينما يتعدد نجوم الكوميديا، بداية من نجيب الريحانى وبشارة واكيم، مرورا بجورج سيدهم والمنتصر بالله ولطفى لبيب، وصولا لهانى رمزى وماجد الكدوانى وإدوارد.
عرفنا فى تاريخ الموسيقى الشرقية ملحنا يهوديا كبيرا، داوود حسنى، أين هو الملحن المسيحى الموازى له؟.. هانى شنودة وفرقته المصريان أحدثا فى السبعينيات حالة من النجاح الجماهيرى، إلا أنه جماعى وليس لمطرب أو مطربة.
لو قلنا إن أغلب ملحنى حقبة نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كانت لهم خلفيتهم الدينية الإسلامية، ويحمل بعضهم لقب شيخ، مثل سلامة حجازى وسيد درويش والمسلوب والخلعى وزكريا أحمد، وغيرهم، المؤكد أن تجويد القرآن يشعل الأحاسيس الموسيقية، ولكن من قال إن المسيحى يمانع فى تجويد القرآن، كما أن التراتيل المسيحية هى مثلا ما اتكأت عليها فيروز والأخوان رحبانى فى الموسيقى.
المصريون تقبلوا صباح ونور الهدى وماجدة الرومى ونانسى عجرم وغيرهن القادمات من لبنان، لم يسأل أحد عن الديانة.
هل لم تعد العائلة المسلمة ترحب بأن يلعب مع أولادهم ابن الجيران المسيحى، وابن الجيران صارت تحذره عائلته من اللعب مع أقرانه المسلمين؟.. على أرض الواقع من الممكن أن تجد شيئا من هذا، ولكن أيضا لدينا شواهد عديدة تكذّب ذلك.
هل فى طبيعة تكوين لاعبى الكرة توجُّهٌ ما للتزمت الدينى، ينعكس ذلك على كل التفاصيل، ومنها إقصاء المختلف دينيا؟!!.. الأمر يحتاج حقا لمساحة أخرى.
نقلا عن المصرى اليوم