سليمان شفيق
بعد صراعات وصدامات وشهداء في الحراك السوداني والجزائري تم في السودان الوصول الي حل بين الثوار والمجلس العسكري ، ومن ناحية اخري قبلت قوي المعارضة الجزائرية التفاوض مع العسكريين .
جاء ذلك بعد ان قتل أكثر من 200 متظاهر منذ بدء التظاهرات في 10 ديسمبر احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز، بينهم 100 قتيل سقطوا يوم تفريق اعتصام المطالبة بحكم مدني أمام مقر الجيش في 3 يونيو ، بحسب لجنة الأطباء السودانيين المقربة من الحركة الاحتجاجية
ومن ثم لم يكن اتفاق السودان، الذي توصلت إليه “قوى إعلان الحرية والتغيير” المعارضة، والمجلس العسكري الانتقالي، ليحصل، لولا إدراك قوتين إقليميتين، هما تحديداً السعودية والإمارات، صعوبة تخطي الحراك الشعبي، ومواصلة دعم النهج الدموي للعسكر، ولولا الوحدة التي أبداها الشعب السوداني، وعزمه على مواصلة الاحتجاجات، حتى بعد مجزرة فضّ اعتصام الخرطوم الشهر الماضي، وبأعداد أكبر، داحضاً مزاعم بأفول حراكه، وتلونه بلون واحد
هذه خلاصة تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، كشفت فيه تفاصيل الأيام الأخيرة التي سبقت التوصل للاتفاق، والتي كان عنوانها اللقاء السري الذي جمع طرفي الأزمة، المعارضة.
وخلال الأسبوع الحالي، بحسب الصحيفة، أقدم قادة المعارضة، وخصومهم من قادة العسكر، على خطوة غير متوقعة، لقد جلسوا في غرفة واحدة، وجهاً لوجه، وفي ظرف يومين، توصلوا إلى اتفاق لتقاسم السلطة وإدارة البلاد حتى موعد إجراء انتخابات في خلال ثلاث سنوات
ورأت “نيويورك تايمز”، أنه بالرغم من أن العمل لا يزال جارياً لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاق، فإنه يمنح شعب السودان، أحد أكبر الدول الأفريقية، وأكثرها أهمية من الناحية الاستراتيجية، أملاً هشاً بمرحلة انتقالية للديمقراطية، بعد 30 عاماً من الحكم الديكتاتوري، في ظلّ رئاسة عمر البشير.
وكان على قادة الاحتجاجات الشعبية في السودان، الذين دخلوا في عملية التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، تقديم تنازلات، سيقود جنرال في الجيش البلاد خلال الأشهر الـ21 الأولى من المرحلة الانتقالية، يليه مدني، لمدة 18 شهراً، لكن الكثيرين، بحسب الصحيفة، كانوا متشائمين من إمكانية قبول العسكر بأي تقاسم للسلطة. اليوم، سيكون للمجلس السيادي خمسة مدنيين، وخمسة قياديين عسكريين، وعضو أخير يتم التوافق على اسمه من قبل الطرفين
وبالرغم من رعاية الوسيطين الأفريقيين للاتفاق النهائي، فإن هذا الاتفاق حصل فعلياً بفضل أسبوع حاسم، صبغته احتاجاجات واسعة حركها الغضب الشعبي من عنف العسكر، وشهد أيضاً، جولة مكثفة لديبلوماسية عملت في الغرف المغلقة، عمادها تحالف قوى خارجية، لم تكن جميعها في السابق موحدة في موقفها ورؤيتها لمستقبل السودان.
وكتبت “نيويورك تايمز” أن “الاتفاق أخذ في التبلور خلال لقاء سري، فقد دعا دبلوماسيون من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، المجلس العسكري وقادة المعارضة
الاتفاق أخذ في التبلور خلال لقاء سري، فقد دعا دبلوماسيون من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، المجلس العسكري وقادة المعارضة للقائهم الأول
للقائهم الأول منذ مجزرة فضّ الاعتصام في الثالث من يونيو الماضي، والتي راح ضحيتها 128 مدنياً
حتى ذلك الوقت، كان السعوديون والإماراتيون، قد دعموا علناً المجلس العسكري في موقفه من الحراك، في ما يعكس على ما يبدو قلق هذين البلدين من أن يشكل نجاح الثورة السودانية سابقة خطيرة تهدد نظامي الحكم فيهما.
أما الأميركيون والبريطانيون فقد أبدوا دعمهم علناً للحراك الشعبي، ومطالبه
لكن يوم السبت الماضي، اجتمع دبلوماسيو البلدان الأربعة، لاستضافة لقاء سري في الخرطوم، في منزل أحد كبار رجال الأعمال، بهدف كسر الجليد بين الجانبين، واللذين سطرت خلافاتهما بـ”الدم”، بحسب تعبير “نيويورك تايمز".”
وخلال الاجتماع، كان التوتر عالياً، كما وصفت الصحيفة الأميركية في تقريرها، ووجد قادة المعارضة أنفسهم جالسين قبالة الجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف بحميدتي)، قائد القوة المتهمة بإصدار الأوامر بقتل المعتصمين.
ومنذ مجزرة فض الاعتصام، أصبح دقلو هدفاً لحملة كراهية وغضب شنها ضده المحتجون، حتى لو كانت قواته قد انتشرت في كل أنحاء الخرطوم، لإثبات سلطته المتصاعدة.
وقدم مسؤولون غربيون وسودانيون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، تفاصيل لـ”نيويورك تايمز”، عن الاجتماع الذي أفصح عنه للمرة الأولى المبعوث الأميركي للمنطقة دونالد بوث
يوم الأربعاء الماضي، اتفق زعماء المعارضة على التخلي عن شروطهم المسبقة، وفتح نافذة لحوار لمدة 72 ساعة، بحسب ما أفاد به مسؤولون عديدون.
وحدد التفاوض بمسألة المجلس السيادي فقط
وفي الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، أعلن وسيط الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن لبات، التوصل لاتفاق، لا تزال تفاصيله الكاملة بحاجة لأن تثبت باتفاق رسمي مكتوب. وتوقع مسؤولون محليون وغربيون أن يعين الجنرال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، لإدارة المرحلة الانتقالية
وستعين حكومة من التكنوقراط للعمل تحت إشراف مجلس حاكم، لكن مطالب سابقة بسلطة تشريعية يديرها مدنيون وضعت على الرف
وفي هذا الإطار تحديداً، كتب معد التقرير، ديكلان والش، أن “طموحات دقلو السياسية لا تزال لغزاً: هل يريد حكم البلاد، أو هو فقط يسعى للحفاظ على مصالحه الاقتصادية، كمناجم الذهب التي يسيطر عليها في دارفور؟".
المعارضة الجزائرية توافق علي التفاوض
ومن السودان الي الجزائر تهل علينا رياح الحل حيث أعلنت أحزاب المعارضة، التي نظمت ندوة أمس السبت لبحث سبل إيجاد حل ينهي الأزمة السياسية في الجزائر، موافقتها على فكرة الحوار التي بادر بها الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح لكنها قدمت بعض الشروط، أبرزها تنحية حكومة بدوي وتبديلها بحكومة كفاءات وطنية وإطلاق سراح كل السجناء المعتقلين.
بعد يوم كامل من الحوار والمشاورات، أعلنت المعارضة الجزائرية مساء السبت موافقتها على دعوة الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح لبدء حوار يفضي إلى إيجاد حلول للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير الماضي
لكن المشاركين وضعوا شروطا لبدء هذا الحوار، من بينها إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وعدم عرقلة الصحافة في أداء مهامها الإعلامية فضلا عن استقالة الحكومة الحالية برئاسة نور الدين بدوي وتبديلها بحكومة جديدة تتكون من كفاءات وطنية، مهمتها توفير الأجواء المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية في غضون 6 أشهر على الأكثر.
وكانت الأحزاب الديمقراطية قد رفضت المشاركة في هذه الندوة بحجة أن تنظيم انتخابات رئاسية على المدى القصير ليس كفيلا بحل الأزمة التي تعيشها الجزائر، داعية قبل كل شيء إلى مرحلة انتقالية متوسطة الأمد يتم خلالها تعديل الدستور وقانون الانتخابات ثم تنظيم انتخابات بلدية وتشريعية جديدة قبل الذهاب إلى رئاسيات.
كيف سيجاوب الحراك مع قرار المعارضة؟
هذا، واتفق المشاركون على خطة سميت بـ"مشروع أرضية الحوار الوطني لتجسيد مطالب الشعب" توصي باستبعاد كل رموز النظام السابق المتورطة في قضايا فساد والمرفوضة من قبل الشعب. فيما وقع اختلاف في المواقف بخصوص شخصية نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح. فجزء من المعارضة رأى فيه ممثلا للنظام السابق وبالتالي عليه أن يرحل، فيما دافع جزء آخر من المعارضة عليه، بحجة أنه الضامن الوحيد للانتقال الديمقراطي السلس في الجزائر.
ويأتي هذا اللقاء للمعارضة بعد مظاهرات شعبية حاشدة تزامنت مع الذكرى الـ57 لاستقلال الجزائر. وغير معروف كيف سيكون موقف الحراك من النتائج التي أسفرت عنها الندوة. هل سيتفق معها أم سيرفضها؟