د. مينا ملاك عازر
الناظر لخريطة العالم العربي يرى اشتباك هائل بين قوى لم تكن يوم ما لتشتبك بعضها البعض ليس لأخوتها وتآخيها وتقاربها الجغرافي فحسب لكن لأنها أيضاً لم تكن يوماً ما قوى مؤثرة وذات قيمة .
فبنظرة لخريطة السودان تدرك تماماً أن ما جرى من اقتسام للسلطة فقط -بإذن الله- وليس اقتسام للسودان بين المجلس العسكري والقوى المدنية، قوة التغيير لم تنتج عن جهود عربية بل جهود أفريقية، فالعرب هم من أججوا الصراع والاستقطاب بين السعودية والإمارات من جانب وقطر من جانب آخر، في النهاية خسر الجانبين. آملاً أن يكون السودان هو الذي ربح بالوفاق بين القوى الحاكمة، لكن كل الخوف أن تأتي الانتخابات السودانية بالذات الانتخابات الرئاسية لتكشف عن ذلك الصدع العربي المصنوع للاشتباك بين القوى الثلاثة على من يسيطر على السودان
هذا هو الحال في الجزائر التي يتقاتل عليها القطريون الخاسرون بهزيمة وطرد بوتفليقة الفار إليهم، لكن أذنابه -إن اعتبرناه رأس للأفعى- تبقى لتلاعب الجزائريين وتحاول الإبقاء لنفسها على حظوظ في البقاء على قيد الحياة، وهكذا وهكذا... فقط تبقى الجزائر بشعبها يقاومون المد القطري وتستثمر ذلك السعودية والإمارات بدعم القوى المناوئة لأذناب بوتفليقة المستندة لقطر.
ليبيا الصدام بين السعودية والإمارات الداعمين لحفتر من جانب وقطر وتركيا الداعمين للسراج -رئيس حكومة الوفاق المزعوم- لأمر واضح للعيان لا ينكره أحد، وهنا تكمن المأساة المتقاتلين ليبيين وعرب، والصدام هائل، والخسائر بالجملة في الاقتصاد الليبي الذي بالأحرى يعاني منذ رحيل القذافي.
أما سوريا فحدث ولا حرج عن البون الهائل، لكن انسحاب السعودية والإمارات من اللعبة لأن في سوريا- وهي حالة خاصة- كانتا تلعبان لجوار قطر، وكبرياءهما للأسف يمنعهما من ممالأة بشار الذي يعادي قطر، لكنهما وبهدوء شديد يعيدوا فتح سفاراتهم في دمشق لكنهم غير قادرين على ممالأته بالسلاح
أما اليمن فالصدام هائل بين السعودية والإمارات من جانب وقطر وإيران من جانب آخر بشكل مباشر وغير مباشر، يلعب الحوثيين دور خطير في تأجيج الصراع لاستئثارهم ببعض المكاسب ولتوافقهم المذهبي مع إيران، كما أن الخسائر السعودية المستمرة تجبر السعوديين على المزيد من الانخراط في الصراع.
أخيراً، إن كان هذا هو الحال في خريطة الصراع بالعالم العربي، وما خفي كان أعظم خاصة وأن مصر حسمت الصراع بين الفريقين على أرضها بالوقوف لجانب السعودية والإمارات، وطرد قطر التي اختارت الوقوف لجوار الإخوان، لكن والآن نجد أنفسنا أمام سؤال، هل هذا الصراع يؤججه العرب بأنفسهم؟ لو كانت الإجابة نعم. فالسؤال لماذا؟ هل يختلفون في أفكارهم؟ وهل لهم أفكار مختلفة؟ وإن كانت الإجابة بلا على السؤال الأول، فعلينا أن نجيب، من إذن يؤجج الصراع ويزيد الصدام حدة بين العرب على أراضي وأوطان العرب؟ وإذا ما عرفنا من له المصلحة في هذا، فعلينا إيقاف ذلك الخراب الداهم الذي يجتاح أراضينا ويفقرنا ويهدم أحلام شعوبهم.
المختصر المفيد توقفوا عن الاقتتال، فأنتم ليس لديكم ما تختلفوا عليه وحوله، انظروا وانتبهوا للقوى الي تحرككم غير غباءكم وحماقتكم ورغبتكم في السيطرة واستغلال أموال نفطكم فيما هو غير مُجدي.