حمدي رزق
اليوم، الجمعة، درجة الحرارة فى الظل 40، ناهيك عن درجة الرطوبة، بعدها تنكسر لثلاث درجات لأربعة أيام مقبلة، ودواليك ارتفاع رهيب مع انخفاض طفيف، جماعة «بنحب الشتاء» شمتانين فى جماعة «هلا الصيف»، وكلما ارتفعت درجات الحرارة وصارت قيظًا اغتبط محبو الشتاء نكاية فى القالعين ملط.
هرمنا على قاعدة مناخية راسخة رسوخ الجبال الرواسى، فى وصف الحالة المناخية المصرية تقول: «حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاء»، يقينًا باتت ماضيًا، وبالأحرى اختصار مخل لطقس مختل، قاعدة أطاحها صيف هذا العام، الذى جاء ساخنًا يشوى الوجوه، يذوب من صهده عين الفطر «النحاس»، تحس باحتياج عارم لفتح الثلاجة طويلا.
حتمًا ولابد من وصف جديد لمناخ مصر، وليس سرًا أن نخبة من علماء هيئة الأرصاد (11 عالماً) تعكف على درس وتحليل الحالة المناخية، للنظر فيما طرأ من تغيرات مناخية خلال نصف قرن مضى، الدراسة يقينًا ستستغرق وقتًا أتمنى ألا يطول نصف قرن، هنكون فطسنا!
ما نرجوه من الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، أن يجتهد أكثر لإنجاز الدراسة المعمقة للحالة المناخية، باتت ضرورة مستوجبة، الواحد طلع من هدومه ولبس شورت شرعى، الدراسة المرتجاة ليست من قبيل رفاهية متفكهين، أواللغو غير السياسى، أو تزجية فراغ لناس فاضية على المقاهى.
رسم الخريطة المناخية الجديدة تترجم إلى رسم الخريطة الزراعية الجديدة، تقلبات المناخ بلبلت الفلاحين، وأطارت صوابهم، ولخبطت ثوابتهم، وزعزعت قوانينهم الزراعية، فلم يعودوا يميزون بين مسرى وبرمهات (من أسماء الشهور القبطية التى تنظم الزراعة).
الثابت يقينًا وعلى رؤوس الأشهاد أن المناخ المصرى تقلب تمامًا، صار متقلبًا، مزاجه متعكر، وأرجو ألا يستنيم خبراء الأرصاد طويلا على قاعدة حار جاف صيفًا دافئ ممطر شتاءً، لا يودون المساس بها كأنها من الثوابت المرعية، مع أن العالم بأسره يغير قواعده المناخية.
لسنا استثناء، ويستوجب أن نذهب سريعًا إلى قراءة جديدة لمؤشرات المناخ المصرى خلال العقد الأخير على أقل تقدير، هذا من قبيل الأمن القومى، الذى يرتهن بالأمن الغذائى، فضلا عن معايش الناس، وطبيعة اللباس، وشيوع الأمراض، ومتوالية الأوبئة القادمة من خارج الحدود فى بلد تلفه صحراوات قاحلة ذات مناخ قارى.
أخشى القاعدة الجديدة «حار خانق صيفًا، سيبيرى مثلج شتاء»، إذا جاز القول مناخيًا، القاعدة القديمة حار جاف صيفًا استنها علماء، وتغييرها سيقوم عليه علماء، لا هى معادلة مقدسة ولا اكتسبت قداسة، هنا لا نتحدث عن صحيح البخارى، نتحدث عن صحيح المناخى، ولم يكتسب قداسة بعد.
نقلا عن المصرى اليوم