حرارة الجو تكاد تصل إلى الخمسين، التكيفات هي المُنقذ الوحيد، رغم أن أحمال الكهرباء تصل ذروتها، شرارة تتطاير فيحدث ماس كهربي، ثم نيران تشتعل في كل مكان وتآكل ما في طريقها، الحماية المدنية تصل أخيرًا، كان هذا هو مشهد حريق كنيسة الأنبا بولا في منطقة حدائق القبة.
لم يكن حريق كنيسة الأنبا بولا هو الحريق الأول؛ بسبب وجود خلل وأعطال في أجهزة المكيفات أو ربما عيوب صناعة من الشركات ذاتها، ذلك ما أثبتته "الدستور" من خلال ضحايا تلك التكييفات الذين تعرضوا إلى حرائق عدة.
محسن أحمد، 42 عامًا، موظف، يروي تجربته مع التكيفيات قائلًا: "استلفت علشان أجيبه وأرحم ولادي من الحر، وقمت بالاستدانة من أحد أقربائي، لتوفير ثمن شراؤه بعد إلحاح كبير من أسرتي، ليلطف عليهم درجات الحرارة القاسية".
يضيف: "لم أكن أعلم أن هذا التكييف بدلًا من أن يساعد في تبريد الجو وتلطيفه، أنه سيكون مصدر النيران التي كادت أن تنهي حياة أسرتي، وذلك بعد حدوث ماسًا كهربائيًا به في احدى المرات، التي قمنا فيها بزيارة عائلية، وعند عودتنا وجدنا الجيران تحاول السيطرة على حريق في شقتي، وكانت النار هتمسك في العمارة كلها لولا الحظ".
محسن لم يكن الضحية الوحيدة للحرائق التي نتجت عن ماس كهربي بسبب التكيف، تقول "سمية علي" 36 عامًا، ربة المنزل، أنها تعرضت واقعة لن تمحى من ذاكراتها، حين لقيت ابنة جارتها الشابة والتي تبلغ من العمر 18 عامًا مصرعها بعد حدوث ماس كهربائي بشقة والديها: " قررت بعدها أني لا يمكن اشتري تكيف".
تضيف سمية، أن الأقدار شاءت أن تكون الفتاة هي الوحيدة بالمنزل وقت الحادث، وجميع أفراد الأسرة بالخارج، وإذ فجأة شب حريق في المنزل، ليحاول الجيران السيطرة عليه وإنقاذ القتاة، ولكن وافتها المنية في الحال.
محسن أبو رأس، مهندس كهرباء، يؤكد على ضرورة صيانة الأجهزة الكهربائية لدى مختصين، ويرى أن ٨٥% من حوادث الحرائق بالمنازل والورش والمؤسسات المسبب الرئيسي وراءها هي أجهزة التكييف، والحرائق ترجع سوء صيانة المكيفات، وعدم إصلاحها لدى الوكيل المعتمد، مشيرًا إلى أن اللجوء إلى مراكز غير معتمدة يعد أحد أسباب اندلاع الحرائق.
ويشدد "ابو رأس"، على إصلاح التكيف عند خبراء الوكيل المعتمد، إذ أنه يقوم بعمل الصيانة وفقًا لمعايير خاصة تضمن السلامة والأمان للجميع، والحد من الحرائق فى الهيئات والمؤسسات والمنازل؛ لأن الفني الغير مختص، يكون في العادة غير مؤهل لإجراء صيانة جيدة، والذي يعتبر سببًا أعطال التكيف المستمرة، وقد يصل الخلل لحدوث حرائق.
يرجع عمرو الحسيني، صاحب إحدى شركات التكييفات، حرائق التكييف إلى عدة أسباب أهمها الحمولة الزائدة على الكابلات، مشيرًا إلى ضرورة تناسب جهد العداد الكهربائي المثبت مع طاقة الأجهزة الكهربائية الموجودة، أي لا يكون طاقة العداد مثلًا 100 أمبير والأجهزة المستخدمة طاقتها 150 أمبير.
يضيف: "من بين الأسباب التي تؤدي لحرائق التكييفات هي استخدام كابلات توصيل غير مطابقة للمواصفات، ولا تتحمل التيار الكهربائي"، محذرًا من استخدام الكابلات مجهولة المصدر واللجوء إليها لرخص ثمنها.
"مواسير التكييف مفيهاش مواد عازلة بينها وبين بعضها فبتسبب أعطال وحرائق"، يقولها محمود احمد، فني تبريد وتكييف بإحدى الشركات الشهيرة، على حرائق التكيفات، موضحًا أن العامل الرئيسى فى حرائق التكييفات هو ضعف الكفاءة.
يقول: "والتى من الممكن أن تصيب فلتر المكيف مما يؤدى إلى توقف التكييف عن العمل؛ بسبب خلل أوعطل حل بالجهاز، كما أن ضبط درجة حرارة المكيف على درجة منخفضة يعمل على التسبب في تجمد الوحدات الداخلية بجهاز المكيف وتوقفه عن العمل أو حرقه".