الأقباط متحدون | فلسفة الأخذ والعطاء
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٥٦ | الأحد ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ | ١٦ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٩١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

فلسفة الأخذ والعطاء

بقلم: البابا شنودة الثالث | الأحد ٢٧ نوفمبر ٢٠١١ - ٢٣: ٠٨ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

هل نحن في الحياة نأخذ أم نعطي؟ أم نحن نأخذ ونعطي؟ أم نأخذ ولانعطي؟‏..‏ لكي نفهم كل هذا‏,‏ علينا أن ندرك ماهي فلسفة الأخذ والعطاء‏.‏ ‏>>‏ كلنا في الحياة نأخذ ونعطي‏.

, وسعيد هو الانسان الذي مهما أعطي, يشعر أنه يأخذ أكثر مما يعطي, أو أنه لايشعر اطلاقا بأنه يعطي.. بينما مسكين ذلك الشخص الذي لايظن أنه لايأخذ شيئا أو هو لايشعر بما يأخذه.. انه يعيش تعيسا في الحياة, شاعرا بالظلم, وشاعرا بالعوز والاحتياج, وقد يقضي عمره كله في التذمر وفي الضجر والشكوي, وفي الافتقاد إلي الحب.

>> واحد فقط يعطي باستمرار دون أن يأخذ من أحد, انه الله,والله وحده يعطي الكل, ولايأخذ من أحد شيئا. ذلك لانه لايحتاج إلي شيء فهو مكتف بذاته, كامل في كل شيء يملك كل شيء, ولايوجد عند أحد شئ يعطيه لله.

لكن لعل البعض يسأل: ألسنا في الصلاة نعطي الله وقتا, ونعطيه قلبا وشعورا وخشوعا وحبا؟ كلا ليس هذا هو المفهوم الحقيقي للصلاة, بل اننا عندما نصلي, إنما نأخذ من الله معونة, ونأخذ منه نعمة وبركة, ونأخذ كافة احتياجاتنا الروحية والمادية, بل نأخذ أيضا لذة التخاطب معه ولذة الوجود في عشرة الله.
والذي يظن أنه في الصلاة يعطي الله وقتا, ما أسهل عليه أن يمتنع أحيانا عن الصلاة محتجا بأنه ليس له, وقت ليعطيه!

في الواقع اننا نصلي لاننا محتاجون إلي الله, لذلك نبسط اليه أيدينا اشارة إلي أخذنا منه, ان أفواهنا تتقدس عندما تلفظ اسمه القدوس, ولاشك أنه تواضع كبير من الله عز وجل أن يسمح لنا بمخاطبته, لهذا ففي كل مرة نسجد للصلاة, ينبغي أن نشكر الله ـ تبارك اسمه ـ علي تواضعه وسماحه لنا بمخاطبته.

وعندما يقول الله: يا ابني أعطني قلبك.. فان مايقصد: اعطني هذا القلب لكي أطهره وأقدسه, وأملأه حبا ونقاء, وأجعل فيه ما يحتمله من كل أنواع الفضائل, وأرفعه عن مستواه الارضي لكي أجلسه في السماويات,

>> وعموما من جهة موقفنا من العطاء, نحن لانملك شيئا لنعطيه, فكل الذي لنا هو ملك لله, قد استودعنا إياه, وقد أخذناه منه لنعطيه لغيرنا, فكل ما نتبرع به لمشروعات الخير, إنما نقول عنه لله ما سبق ان قاله داود النبي: من يدك أعطيناك تماما كالابن الصغير الذي يقدم هدية في عيد الاسرة لابيه أو أمه, ومن هنا قد أخذ المال الذي اشتري به هذه الهدية.

إن الله قد أعطانا اليد التي تعطي, وأعطانا الخير الذي نعطي منه, بل قد أعطانا أيضا محبة العطاء والقدرة علي العطاء, حقا ان موهبة العطاء قد أخذناها منه, قد تفضل الله وأنعم بها علينا, هي جزء من عمله فينا, وجزء من مؤازرة نعمته علينا, لان كل موهبة صالحة هي نازلة من فوق من عند الله.

>> كل شيء نعطيه سنجده في الأبدية, وسنري أكثر منه بكثير في المكافأة السمائية إذن فالشيء الذي نعطيه, أو الذي يعطيه الله عن طريقنا, هي محجوز لنا فوق, لم يضع.. وفي الواقع اننا لم نعطه, وإنا قد أدخرناه.. وبالاضافة إلي ذلك فانما نحن نعطي الفانيات لكي نأخذ الباقيات, نعطي الارضيات ونأخذ السماويات.. لاشك إذن اننا نأخذ أكثر مما نعطي.

>> لذلك أيها القارئ العزيز, عود نفسك علي العطاء, فقد قال السيد المسيح له المجد مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ أعط بفرح لابتضايق. لان الكتاب يقول: المعطي المسرور يحبه الرب إذن ليكن عطاؤك هو عن حب وعن عاطفه, وبسخاء وكرم, أعط وأنت موسر, واعط وأنت معوز, والذي يعطي من أعوازه يكون أعظم بكثير من الذين يعطون عن سعة وأجره أكبر في السماء.

>> وإن لم يكن لك ماتعطيه لغيرك اعط ابتسامة طيبة, أو كلمة تشجيع, أو عبارة تفرح قلب غيرك. ولاتظن أن هذاالعطاء المعنوي أقل من العطاء المادي في شيء, بل أحيانا يكون أعمق أثرا, ولكن حذاري أن تكتفي بالعطاء المعنوي إن كان بإمكانك ان تعطي المادة أيضا.

وأشعر ـ عندما تعطي أنك تأخذ فالسعادة التي يشعر بها قلبك حينما يحقق سعادة لغيره, هي شيء أسمي من أن يقتني بالمال, راحة الضمير التي تأخذها, وفرحة القلب برضا الناس, كلها أمور أسمي من المادة, يأخذ علي الارض ويأخذ أعظم منها في السماء.

>> عندما تعطي, لاتحقق كثيرا مع الذين تعطيه, وإلاكنت في موضع القاضي وليس العابد, لاتحقق كثيرا لئلا تخجل الذي تعطيه, وتريق ماء وجهه. حسن إنك قد أعطيته حاجته, فأعطه ايضا كرامة وعزة نفس, ولاتشعره بذلة في الأخذ,.

>> وعندما تعطي انس أنك قد أعطيت, ولاتتحدث عما فعلته, بل لاتفكر فيه, ولعل هذا بعض ما قصده السيد المسيح حينما قال في العطاء, لاتجعل شمالك تعرض ماتفعله يمينك, وإنك تذكرت قل لنفسك, أنا لم أعط هذا الانسان شيئا, بل هو الذي أعطاني فرصة لاسعد بهذا الأمر ان الام عندما تعطي ابنها حنانا انما تسعد هي نفسها بهذاالحنان. وهي عندما ترضعه إنما تشعر براحة, ربما أكثر من راحته هو في الرضاعة, لذلك فان عمل الحب هو عمل متبادل, يأخذ فيه الانسان أثناء اعطائه لغيره.

>> كذلك عندما تأخذ احذر من تأخذ شيئا من الشيطان ولا من جنوده, والشيطان عندما يعطي, يأخذ أكثر مما يعطيك, قد يعطيك لذة الجسد, ويأخذ منك كرامة الروح, قد يعطيك كرامة أمام الناس, ويأخذ منك فضيلة الاتضاع, أو يعطيك اللهو والعبث, ويسحب منك الحكمة والرزانة.. تخطيء اذن إن ظننت انك تأخذ منه شيئا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :