سحر الجعارة
«تونس»، وهى دولة إسلامية رغم أنف الجميع، ومن قبلها «الجزائر»، قررتا حظر «النقاب».. وقال رئيس الحكومة التونسية «يوسف الشاهد» إن منع النقاب فى المؤسسات العامة لـ«دواع أمنية»، ووقع الشاهد على منشور حكومى «يمنع كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقار الإدارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وذلك لدواع أمنية.. ويأتى القرار بعد أن هز تفجيران انتحاريان العاصمة تونس أسفرا عن مقتل عنصر أمن، وإصابة ثمانية أشخاص، فى حصيلة أولية.
فما علاقة الإرهاب بالنقاب؟.. هل أذكركم بمشاركة منتقبات فى حادث تفجير أتوبيس السيدة عائشة قبل عدة سنوات؟.. لا داعى أن نحشر أنفنا فيما لا يعنينا، فنحن دولة «سلفية الهوى».. نصدر القوات المسلحة للحرب على الإرهاب فى «سيناء»، ولا نفتش عن الأفكار التى تغذى العقول بالإرهاب، ولا عن الزى الذى يمكن استغلاله فى نقل الأسلحة أو تخفى أعضاء التنظيمات الإرهابية كما فعل «بديع» مرشد الإخوان السابق فى هروبه.
هل تريد أن تتشبه بدول ينزع عنها الأزهر الشريف صفة «الإسلام»، أم تريد تكريس الدولة المدنية والتى يسمونها علمانية «بمعنى الكفر والعياذ بالله»؟.. وهم لا يعلمون أن العلمانية معناها فصل الدين عن الدولة!.
لا تحشر أنفك فيما يعنيك، نحن دولة لدينا أعراس إسلامية مغلقة على فرق منتقبات للرقص الشرعى والزفة بالدف.. لدينا علماء يمارسون الوصاية حتى على المؤسسة التشريعية.. فحين تقدم النائب «محمد أبو حامد» باقتراح برغبة إلى الدكتور «على عبد العال»، رئيس البرلمان، بمطالبة الحكومة باتخاذ قرار يحظر ارتداء النقاب فى الأماكن العامة، ومؤسسات الدولة المصرية الحكومية، سواء الصحية أو التعليمية أو الخدمية.. وقال «أبو حامد» إن هذا اللباس يستخدم فى أعمال إرهابية وإجرامية تهدد أمن وسلامة المجتمع، لافتاً إلى أن الأزهر الشريف ودار الإفتاء حسما الأمر بأن النقاب ليس من فرائض الدين وأنه من العادات العرفية كما نعلم جميعا- خرج علينا الدكتور «عبد المنعم فؤاد»، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، ليختصر المطالبة بمنع النقاب فى الأماكن العامة فى أنها «قضية وهمية»، وقرر أن يغازل الحكومة ومجلس الشعب أو يعايرهما بطريقة: (البرلمان قوى، وأنا أثق فى نوابه المحترمين من عدم الانجراف وراء هذه المطالب، لأنهم عقلاء، ولديهم قضايا وقوانين الإصلاح الاقتصادى والتعليم والصحة).. (يعنى حضرتك تنكتم وتسلم دينك لمن يفسره كيفما يشاء ويصمم ملبسه طبقاً لهيبة الدولة الدينية التى نحكمها، وتتلهى فى البحث عن مأكل ومسكن وعلاج 100 مليون مصرى.. وإلا أصبحتم مجانين من وجهة نظره!).
وذلك رغم قرار مجمع البحوث الإسلامية عام 2009، بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة بجامعة الأزهر نفسها!. نحن دولة «معاندة نفسها» تسير عكس الدستور الذى يحكمها، وعكس المنطق والعقل، وكل ما تنادى به من تصحيح الخطاب الدينى، والاستثناء الوحيد من ذلك كان الدكتور «جابر جاد نصار»، رئيس جامعة القاهرة السابق، الذى اتخذ قرار منع المنتقبات من التدريس بالجامعة بمفرده، دون أى غطاء رسمى أو دعم اللهم إلا بعض الأقلام التى ساندته فى مواجهة الحملة الإعلامية والقضائية الشرسة، والتى انتصر خلالها القضاء لحماية الأمن القومى المصرى!.
ليس عليك إلا أن تجلس فى مقاعد المتفرجين لتعلم الآتى: أن الرئيس التونسى الراحل «الحبيب بورقيبة» أصدر منشوراً حكومياً يحظر على الطالبات والمدرسات وموظفات القطاع العام ارتداء الحجاب، واصفاً إياه بـ«اللباس الطائفى» داخل المؤسسات التابعة للدولة كالمدارس والجامعات والمستشفيات والإدارات العمومية.. وحينها اتهم متشددون «بورقيبة» بمحاربة الإسلام وذهب بعضهم إلى حد تكفيره وطالبوه بإعلان توبته!. وظل ارتداء الحجاب ممنوعاً فى معظم المؤسسات التونسية، إلى أن أبطل القضاء الإدارى التونسى العمل بالمنشور، وذلك عام 2007.. وأخيرا فى أغسطس 2018، وبمناسبة الاحتفال بعيد المرأة فى تونس، أصدر الرئيس «الباجى قائد السبسى» قرارا يمنع بموجبه ارتداء الحجاب للفتيات القاصرات، وصفاً إياه الرئيس «ضربا من ضروب التخلف والعودة بتونس للوراء».
هل تكفر تونس بأكملها أم يكتفى المتطرفون بالمطالبة باستتابة رئيسها؟.. ما عليك: أنظر حولك فى غضب، وقل نحن دولة يحكمها الدستور والقانون، وسيادة الدولة تتجسد فى قدرتها على اتخاذ القرارات التنظيمية التى تحمى أمنها القومى، من فرق البلاك بلوك للمنتقبات.. ولا تدس أنفك فى نقاب غيرك حتى لا تقع فريسة لـ«كتائب الحسبة»!.
نقلا عن المصرى اليوم