طارق الشناوي
أحيانا لا يجدى معهم سوى تلك الردود المباشرة الساخرة (سيبت الهداية ليكم)، كانت تلك هى الرسالة المفحمة لحلا شيحة التى واجهت بها منتقديها من المتراجعين دينيا ولا أقول المتزمتين، لأن الدين بطبعه يمتلك مرونة فى تقبل كل البشر.
من يعرف دينه بحق يعلم جيدا أن الله ينظر إلى القلوب وليس القشور، هم متراجعون ومتخلفون عن قراءة الدين، ولا أعنى فقط الإسلامى، كل الأديان، إبراهيمية وغير إبراهيمية، تعنيها القلوب، بينما البشر يبددون طاقتهم فى الحديث عن الأجساد والملابس.
ارتدت حلا فستانا شيكا يليق بالمناسبة التى دعيت إليها، حيث حصلت على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان (بياف) فى لبنان عن مسلسل (زلزال) الذى شاركت بطولته محمد رمضان، ما استوقفنى فى التغطية الصحفية أنهم وصفوا فستان حلا بالجرىء، وفى الثقافة المصرية والعربية، فإن الجرأة فى مثل هذه الأمور لا تعنى عادة إضافة إيجابية، بل هى مرادف للخروج عن المألوف وغالبا ما يقصد بها الإثارة، ولهذا نقول مثلا هذا الفيلم به مشاهد جريئة أو ألفاظ جريئة، والمعنى الكامن هو الإثارة والجنس، بينما الوصف الصحيح هو أن ما ارتدته حلا ينطبق عليه تعبير الشياكة والعصرية أكثر من أى شىء آخر.
حلا كانت هى النجمة الثالثة فى جيل الألفية الثالثة، ظهرت بعد سنوات قليلة من كل من منى زكى وحنان ترك، صاحبة إطلاله خاصة، حتى جاء اعتزالها بعد 7 سنوات، تحجبت وتنقبت فى 2006، كانت قد حاولت قبلها تطبيق قواعد الحجاب على آخر أفلامها (كامل الأوصاف)، فلا نشاهدها سوى وهى تغطى شعرها حتى وهى مع أمها، وترفض أن تجتمع فى (أسانسير) مع بطل الفيلم عامر منيب لأن ثالثهما سيصبح الشيطان.
قررت حلا خلع الحجاب بعد 12 عاما، كانت وجهة نظرى وقتها أنها يجب ألا تربطه بالضرورة بالعودة للتمثيل، خلع الحجاب أو النقاب يظل قناعة شخصية، التماثل بين التمثيل وخلع الحجاب قرار تعسفى، فهل إذا فشلت كممثلة يصبح القرار خاطئا والعكس صحيح، إنهما لا ينطبق عليهما قانون الفعل ورد الفعل.
البعض وقتها، بحسن أو بسوء نية، لم يستوعب المعنى، فأنا قطعا مع حرية حلا فى خلع الحجاب، خاصة أننا نعلم جميعا كم الضغوط التى تمارس على الفتاة والمرأة فى بلادنا لحثها على ارتداء الحجاب، الجدران فى الشارع مليئة بعبارات تحجبى قبل أن تحاسبى، ونجمة محبوبة مثل حلا بديهى أن تكون مستهدفة، بضغوط مباشرة أكثر من إعلانات الشوارع.
شاهدتها فى مسلسل (زلزال)، كنت حريصا أن أعرف ما الذى من الممكن أن تفعله سنوات الابتعاد، وكيف واجهت عملية غسيل العقل.
لم أشعر أن العمل الفنى أضاف لها أو كان خطوة على الطريق، الملمح الإيجابى أنه فقط كسر حاجز الغربة بينها وبين المشاهدين، طبعا كل هذه السنوات غيرت ملامح وباتت المساحة التى تلعب فيها دراميا مغايرة عما تعودنا عليه، المسلسل نعتبره نوعا من التسخين استعدادا للعودة.
حلا شيحة صورتها الذهنية عندى والكثيرين إنسانة هادئة رقيقة مسالمة قررت أن ترتدى ما تراه ملائما لها فكان هذا الفستان الشيك فى الحفل الذى أقيم ببيروت، وقررت أيضا أن ترد بسخرية على من ينتقدها.
فى أفعالها وأقوالها تريد أن تصبح حلا شيحة كما خلقها الله لا كما هم يريدونها!!
نقلا عن المصرى اليوم