لأول مرة قيد الدعاوى ورفع المستندات والإبلاغ بالقرارات والأحكام عن بعد.. وانعكاس مباشر لحزمة تشريعات الإصلاح الاقتصادي
وافق مجلس النواب مؤخرا على مشروع تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، الذي من المتوقع أن يحدث طفرة كبيرة في عملية التقاضي بإقراره لنظام التقاضي الإلكتروني داخل المحاكم الاقتصادية.
ويأتي مشروع القانون ضمن حزمة التعديلات التشريعية المتعلقة بالاستثمار، والتي واكبت خطة الإصلاح الاقتصادي؛ مستهدفة جذب الاستثمارات عن طريق تحديث تشريعاتها، تدور أهدافه في فلك ثلاثة محاور رئيسية هي:-
«إضافة اختصاصات جديدة»
تناول مشروع القانون الجديد بالتعديل المادة السابعة من قانون المحاكم الاقتصادية، والتي تتعلق باختصاص الدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية، حيث بدا واضحاً انعكاس ما تضمنته تشريعات الإصلاح الاقتصادي من أحكام على هذا التعديل، الذي بموجبه تم إضافة اختصاص جديد لتلك المحاكم متمثل في اختصاصها بالفصل في الدعاوى الناشئة عن قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، ذلك القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي العام الماضي برقم 11 لسنة 2018 ضمن حزمة القوانين الاقتصادية.
واستمرت هذه المادة تنص على اختصاص تلك المحاكم بالفصل في منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية عن الأحكام والأوامر التي تصدرها المحكمة، واستمر النص فيها على أن ويطعن في الأحكام الصادرة في المسائل المتقدمة أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية.
«سرعة التسوية والفصل في المنازعات»
تشير المذكرة الإيضاحية إلى أنه يستهدف بشكل أساسي فتح المجال لقيام المحاكم الاقتصادية بسرعة التسوية والفصل في المنازعات والدعاوى المعروضة عليها؛ وتحقيقاً لذلك الهدف عمد المشروع إلى توسيع اختصاصات هيئة التحضير والوساطة بالمحكمة بتوليها الوساطة في المنازعات والدعاوى غير الجنائية، فأفرد لها موادا مكررة في مشروع القانون بعد أن كانت كل اختصاصاتها مجملة في المادة الثامنة فقط.
وبناء على ما سبق أضيف لقانون المحاكم الاقتصادية مجموعة من المواد منها المادة (8 مكرراً) والتي تنص على أن يختص قاضي التحضير بالتحقق من استيفاء ودراسة كافة المستندات اللازمة لتهيئة الدعوى للفصل فيها، وله عقد جلسات الاستماع، والوساطة في المنازعات والدعاوى.
ونظمت المواد (8 مكرراً أ) و (8 مكرراً ب) و (8 مكرراً ج) تنظيم عمل قاضي التحضير بالمحكمة الاقتصادية، فنصت على أن يخطر قاضي الخصوم بالحضور أمام الهيئة بأية وسيلة يراها مناسبة، ومن بينها، البريد الإلكتروني أو الإتصال الهاتفي أو الرسائل النصية، وتعتبر الخصومة منعقدة في حالة حضور المدعى عليه أو من يمثله قانوناً، فإذا تخلف أحد الخصوم عن تقديم مستند له مسوغ في الأوراق بعد طلبه منها، جاز لقاضي التحضير تغريمه بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه، وأتاحت تلك المواد لقاضي التحضير عقد جلسة أو عدة جلسات بين الأطراف منفردين أو مجتمعين يراعى فيها الإلتزام بالقواعد والأعراف المقررة في هذا الشأن، وتعتبر تلك الجلسات سرية ولا يجوز الإحتجاج بها أو بما تم فيها من تنازلات من أطراف النزاع أمام أي محكمة أو جهة أخرى.
كما أناطت به تحضير الدعوى خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيدها، ويعرض على الأطراف تسوية النزاع بصورة ودية، فإذا وافقه الخصوم تولى الوساطة بينهم في خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً أخرى يجوز مدها لمدة مماثلة بموافقة رئيس الهيئة، فإذا توصل قاضي التحضير إلى تسوية النزاع حرر اتفاق بذلك يوقع عليه أطرافه، ويعرض على رئيس الهيئة للتصديق عليه وفي هذه الحالة تكون له قوة السند التنفيذي، أما إذا لم يوافق الخصوم على التسوية حدد جلسة موضوعية لنظرها أمام الدائرة المختصة، وكلف المدعي بالإعلان.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه المادة الأخيرة لاقت اعتراضاً من وزير شئون مجلس النواب المستشار عمر مروان، حيث طالب بعدم تدخل القاضي في التفاوض بين الخصوم وقال إن هذا فيه خطورة على القاضي نفسه، ذلك على الرغم من أن نظام تدخل القاضي بالتسوية بين الخصوم هو نظام غير مستحدث و منصوص عليه سابقا، بموجب المادة 28 من قانون مجلس الدولة والتي منحت مفوض الدولة الحق فى أن يعرض على الطرفين تسوية النزاع على أساس المبادئ القانونية التى ثبت عليها قضاء المحكمة الإدارية العليا فى خلال أجل يحدده فإن تمت التسوية أثبتت فى محضر يوقع من الخصوم أو وكلائهم، وسبق لهيئة المفوضين تفعيل ذلك ذلك النص أكثر من مرة.
وأتاحت المادة (8 مكرراً د) للمحكمة المختصة بنظر الموضوع ابتداء في أية حالة كانت عليها الدعوى أن توقف نظرها وتحيلها مرة أخرى إلى الهيئة، بناء على طلب الخصوم، لمحاولة الصلح بين الأطراف وتحدد المحكمة أجلا لذلك لا يجاوز ثلاثين يوماً ويجوز لها مدها مرة واحدة لمدة مماثلة.
فيما أجازت المادة (8 مكرراً و) لأطراف النزاع الذي تختص بنظره المحاكم الاقتصادية اللجوء مباشرة إلى رئيس الهيئة بالمحكمة المختصة محلياً، لتسوية النزاع ودياً دون إقامة دعوى بشأنه، وفي هذه الحالة يسدد رسم لا يقل عن ألفي جنيه ولا يجاوز مائتي ألف جنيه تحدد فئاته بقرار من وزير العدل.
«تطبيق التقاضي الإلكتروني»
أورد مشروع القانون ضمن مواده تنظيماً للتقاضي الإلكتروني أمام المحاكم الاقتصادية، حيث أتاح إقامة الدعوى والطعن في الحكم بالطريق الالكتروني، وأن يتم إعلان الخصوم اليكترونيا وتقديم المذكرات والمستندات وطلبات الدعوى اليكترونيا من خلال موقع مخصص لذلك.
وفي سبيل التطبيق وضع مشروع القانون تعريفاً لمجموعة من المصطلحات الواردة به، منها «العنوان الإلكتروني المختار» وهو الموطن الذي تحدده الجهات والأشخاص المبينة بهذا القانون لإعلانهم بكافة إجراءات الدعاوى المقامة إلكترونياً سواء تمثل في بريد إلكتروني خاص بهم أو رقم هاتف أو غيرها من الوسائل التكنولوجية، و«الإيداع الإلكتروني» وهو وسيلة إقامة وقيد صحيفة الدعوى وكذا الطلبات العارضة والإدخال والتدخل، والتوقيع على صحفها توقيعاً إلكترونياً معتمداً، وإيداع المستندات والمذكرات، والتي تتم عبر الموقع المخصص لذلك بالمحكمة الإقتصادية المختصة، و«الموقع الإلكتروني» وهو موقع خاص بالمحكمة الإقتصادية المختصة والمخصص لإقامة وقيد وإعلان الدعاوى إلكترونياً.
وللمرة الأولى في تاريخ القضاء المصري، تجيز المادة 14 من مشروع القانون -فيما عدا حالات الطعن بالنقض- يجوز إقامة الدعاوى التي تختص بها المحكمة الاقتصادية والطعن على الأحكام الصادر فيها من الأشخاص والجهات المقيدة بالسجل الإلكتروني وذلك بموجب صحيفة موقعة ومودعة إلكترونياً بالموقع المخصص لقلم كتاب المحكمة الاقتصادية المختصة.وتقيد الدعوى بعد سداد المدعى الرسوم والدمغات المقررة إلكترونياً وترفع المستندات إلكترونياً. ويفرض رسم لا يقل عن مائة جنيه ولا يجاوز ألف جنيه نظير استخدام تلك الخدمة الإلكترونية طبقاً للفئات التي يصدر بها قرار من وزير العدل، وتؤول حصيلة هذا الرسم إلى الإيرادات العامة لموازنة المحكمة الاقتصادية، وتتحمل الموازنة العامة للدولة بتكاليف إنشاء وتشغيل الموقع الإلكتروني لهذه الخدمة.
وبعد إقامة الدعوى وسداد الرسوم إلكترونياً يرسل قلم الكتاب ملف الدعوى إلكترونياً إلى هيئة التحضير، ويتولى قاضي التحضير مباشرة أعمال التحضير والوساطة المنصوص عليها في هذا القانون وله في سبيل في ذلك تكليف أطراف الدعوى بالمثول أمامه حاجة متى رأى لذلك، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 15.
أما إجراءات الإعلان فنظمتها المادة 16 من مشروع القانون، والتي تنص على أن يتم إعلان أطراف الدعوى المقامة إلكترونياً الخصوم بصحيفتها وطلباتها العارضة والإدخال على العنوان الإلكتروني المختار، فإذا تعذر ذلك اتبع الطريق المعتاد للإعلان بقانون المرافعات المدنية والتجارية وفي تلك الحالة يلتزم قلم الكتاب بتسليم الصورة المنسوخة من صحيفة الدعوى أو الطلبات العارضة أو الإدخال في اليوم التالي على الأكثر بعد تذييلها بخاتم شعار الجمهورية إلى قلم المحضرين التابع للمحكمة الاقتصادية المختصة لإعلانها وردها لإيداعها ملف الدعوى الورقي، وفي جميع الأحوال على قلم الكتاب نسخ صورة المستند أو المحرر الالكتروني وإيداعه ملف الدعوى الورقي.
وتجيز المادة 19 للخصوم إيداع المذكرات وتقديم المستندات وإبداء الدفاع والطلبات والإطلاع على أوراق الدعوى بالطريق الإلكتروني عبر الموقع المخصص لذلك. ونصت المادة 20 على أنه إذا لم يحضر المدعى جلسات المحاكمة جاز للمحكمة إعمال نص المادة (82) من قانون المرافعات المدنية والتجارية. ونصت المادة 21 على أنه إذا أقيمت الدعوى بالطريق الإلكتروني جاز لقلم الكتاب إعلان الخصوم بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة بذات الطريق. ونصت المادة 22 على أنه إذا حضر المدعى عليه في آية جلسة، أو رفع المستندات والمذكرات إلكترونياً اعتبر الحكم المنهى للخصومة حضورياً في مواجهته.