تلقيت رسالة غاضبة من الدكتور «يحيى نور الدين طراف»، يقبح فيها نزوع البعض فى موعد مضروب (14 يوليو من كل عام احتفالاً بالثورة الفرنسية)، إلى تجميل وجه حملة بونابرت على مصر، وأنها جاءت بالنور، وكَأَنَّهَا لم تحرق المصريين بالنار، وتقمع ثورتهم، وتعدم زعيمهم محمد كريم، وتخوزق الثائر العروبى سليمان الحلبى وتحرقه وتقتله فى مشهد بربرى.
الرسالة بليغة، رسالة بعلم الوصول، أنشرها بنصها والمساحة مفتوحة لمن شاء أن يدلو بدلوه فى هذا الحوار الذى يفتحه دكتور طراف برسالته الغاضبة.
يقول دكتور طراف: (أسفت أشد الأسف وأنا أطالع بعض أمهات الصحف، فوجدت احتفاء من بعض كتاب أعمدتها بالحملة الفرنسية على مصر، واعتبارها من فضائل الثورة الفرنسية التى كان يوم الرابع عشر من يوليو الفائت ذكرى ميلادها الثلاثين بعد المائتين.
لن يمحو اكتشاف حجر رشيد ولا فك طلاسمه ذكرى الشهداء المصريين الذين قتلتهم فرنسا وهم يدافعون عن بلادهم فى وجه حملة نابليون.. وليس من شيم الأحرار أن نفشى للمحتل حسناته، ولا أن نذكره أبدًا بخير هو ليس جديرًا به.
ولو صح زعم بعض بنى جلدتنا الذى يؤيدون به مزاعم المحتل الفرنسى، من أن الفرنسيين جاءوا لبلادنا لنشر الحضارة والتنوير، إذن تكون بزعمهم مقاومة شعبنا الباسلة لهم، وثورتا القاهرة الأولى والثانية، والمقاومة فى ريف مصر وصعيدها، رفضًا للخروج من الجهالة والظلام إلى التنوير، وليس دفاعًا مشروعًا عن البلاد ونضالًا شريفًا ضد محتلها.. ويكون محمد كريم زعيم المقاومة الشعبية الذى أعدمته فرنسا فى الإسكندرية إرهابيًا نال جزاءه كما ادعوا ومازالوا يدعون، ويكون سليمان الحلبى قاتل كليبر بالمثل إرهابيًا، نال جزاءه الحق بحرق يده وقتله على الخازوق!.
من يفعل هذا يتبنى نفس فكر الفرنسيين وغرورهم، الذين عبروا عنه بتمثال «شامبليون» وهو يضع قدمه على رأس أعظم ملوك مصر الفرعونية.. تعلم صديقى أن فرنسا رفضت مرارًا وتكرارًا رفع التمثال من أمام الكوليج دو فرانس Collège de France فى المنطقة الخامسة بالحى اللاتينى بباريس، وصرح مسؤولوها مؤخرًا ردًا على ذلك بأنه باق فى مكانه لسنوات طويلة قادمة.
لذا أريدك أن تتبنى اقتراحًا بأن تدعو الدولة خيرة مثالى مصر ونحاتيها، ليصمموا تمثالًا ضخمًا يصور سليمان الحلبى وهو يأخذ برأس الجنرال «كليبر»، ثم نضعه فى مدخل قناة السويس على قاعدة تمثال الخائن «ديليسبس»، تذكرة لنا وللعالم كله بأن مصر مقبرة الغزاة، ولو اشتملوا كذبًا على عباءة التنوير والحضارة).
نقلا عن المصري اليوم