ويدعو الأمر التنفيذي للمبادرة الأميركية للذكاء الاصطناعي الإدارة إلى "تكريس الحكومة الفدرالية للموارد الكاملة" للمساعدة على الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي. وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض: "الأميركيون استفادوا بشكل هائل من كونهم من المطورين الأوائل للذكاء الاصطناعي". وأضاف "مع تسارع وتيرة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي حول العالم لا يمكن ألا نحرك ساكنا، وندعي بأننا نضمن الريادة". وأوضح البيت الأبيض أن الخطة تدعو إلى تأمين موارد كافية أكثر للباحثين، ووضع تشريعات، والترويج للذكاء الاصطناعي في التعليم، وتحسين المنافسة الأميركية. ولم يأت البيان على ذكر الصين، لكنه دعا إلى "خطة عمل لحماية تميز الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي (...) في مواجهة المنافسين الاستراتيجيين والخصوم الأجانب". وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف متزايدة من أن الصين ستتفوق على الولايات المتحدة في مجالات رئيسية من الذكاء الاصطناعي، بفضل استراتيجية وطنية واسعة، وتسريع الاستثمار في هذا المجال. وقال رئيس معهد بروكينغز الدولي للابتكار التكنولوجي داريل ويست إن خطوة البيت الأبيض تأتي "في الوقت المناسب"، لكن يبقى من غير الواضح كيف سيتم تنفيذها بدون تمويل صريح. وأضاف "الرئيس أحيانا يطلق مبادرات تبدو جيدة، لكن تأثيرها الفعلي ضئيل". وأشار إلى أن "الصين ستستثمر 150 مليار دولار بحلول 2030 بهدف أن تصبح الدولة الأكثر تفوقا في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي. من المهم للولايات المتحدة أن تجاريها لأن الذكاء الاصطناعي سوف يحدث تحولا في قطاعات كثيرة". ووصف السناتور ماركو روبيو المبادرة بأنها "بداية جيدة"، حيث كتب على تويتر "الصين هي التحدي الأكبر الذي نواجهه منذ أكثر من نصف قرن لخصم يكاد يكون نظيرا لنا. مواجهتها ستتطلب ردا شاملا".
الذكاء الاصطناعي فرع من علم الحاسوب. تُعرِّف الكثير من المؤلفات الذكاء الاصطناعي على أنه "دراسة وتصميم العملاء الأذكياء"، والعميل الذكي هو نظام يستوعب بيئته ويتخذ المواقف التي تزيد من فرصته في النجاح في تحقيق مهمته أو مهمة فريقه. صاغ عالم الحاسوب جون مكارثي هذا المصطلح بالأساس في عام 1956، وعرَّفه بنفسه بأنه "علم وهندسة صنع الآلات الذكية". ويعرّف أندرياس كابلان ومايكل هاينلين الذكاء الاصطناعي بأنه "قدرة النظام على تفسير البيانات الخارجية بشكل صحيح، والتعلم من هذه البيانات، واستخدام تلك المعرفة لتحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن". تأسس هذا المجال على افتراض أن مَلَكة الذكاء يمكن وصفها بدقة بدرجة تمكن الآلة من محاكاتها. وهذا يثير جدلًا فلسفيًا حول طبيعة العقل البشري وحدود المناهج العلمية، وهى قضايا تناولتها نقاشات وحكايات أسطورية وخيالية وفلسفية منذ القدم. كما يدور جدل عن ماهية الذكاء وأنواعه التي يمتلكها الإنسان، وكيفية محاكاتها بالآلة. كان وما زال الذكاء الاصطناعي سببًا لأفكار شديدة التفاؤل، ولقد عانى نكسات فادحة عبر التاريخ، واليوم أصبح جزءًا أساسيًا من صناعة التكنولوجيا، حاملًا عبء أصعب المشاكل في علوم الحاسوب الحديثة. إن بحوث الذكاء الاصطناعي من الأبحاث عالية التخصص والتقنيَّة، لدرجة أن بعض النقَّاد ينتقدون "تفكك" هذا المجال. تتمحور المجالات الفرعية للذكاء الاصطناعي حول مشاكل معينة، وتطبيق أدوات خاصة وحول اختلافات نظرية قديمة في الآراء. تتضمن المشاكل الرئيسية للذكاء الاصطناعي قدراتٍ مثل التفكير المنطقي والمعرفة والتخطيط والتعلم والتواصل والإدراك والقدرة علي تحريك وتغيير الأشياء. كما ولا يزال الذكاء العام (أو "الذكاء الاصطناعي القوي") هدفًا بعيد المدى لبعض الأبحاث في هذا المجال.
في منتصف القرن العشرين، بدأ عدد قليل من العلماء استكشاف نهج جديد لبناء آلات ذكية، بناء على الاكتشافات الحديثة في علم الأعصاب، ونظرية رياضية جديدة للمعلومات، وتطور علم التحكم الآلي، وقبل كل ذلك، عن طريق اختراع الحاسوب الرقمي، تم اختراع آلة يمكنها محاكاة عملية التفكير الحسابي الإنسانية. اسس المجال الحديث لبحوث الذكاء الاصطناعي في مؤتمر في حرم كلية دارتموث في صيف عام 1956. أصبح هؤلاء الحضور قادة بحوث الذكاء الاصطناعي لعدة عقود، وخاصة جون مكارثي ومارفن مينسكاي، ألين نويل وهربرت سيمون الذي اسس مختبرات للذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة كارنيغي ميلون (CMU) وستانفورد.هم وتلاميذهم كتبوا برامج أدهشت معظم الناس. كان الحاسب الآلي يحل مسائل في الجبر ويثبت النظريات المنطقية ويتحدث الإنجليزية.
في أوائل الثمانينات، شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي صحوة جديدة من خلال النجاح التجاري "للنظم الخبيرة"، و هي أحد برامج الذكاء الاصطناعي التي تحاكي المعرفة والمهارات التحليلية لواحد أو أكثر من الخبراء البشريين. بحلول عام 1985 وصلت أرباح أبحاث الذكاء الاصطناعي في السوق إلى أكثر من مليار دولار، وبدأت الحكومات التمويل من جديد. وبعد سنوات قليلة، بدءا من انهيار سوق آلة ال Lisp Machine (احدى لغات البرمجة) في عام 1987، شهدت أبحاث الذكاء الاصطناعي انتكاسة أخرى ولكن أطول. في التسعينات وأوائل القرن الواحد والعشرين، حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات أكبر، وإن كان ذلك إلى حد ما وراء الكواليس. يستخدم الذكاء الاصطناعي في اللوجستية، واستخراج البيانات، والتشخيص الطبي والعديد من المجالات الأخرى في جميع أنحاء صناعة التكنولوجيا. يرجع ذلك النجاح إلى عدة عوامل هي : القوة الكبيرة للحواسيب اليوم (انظر قانون مور)، وزيادة التركيز على حل مشاكل فرعية محددة، وخلق علاقات جديدة بين مجال الذكاء الاصطناعي وغيرها من مجالات العمل في مشاكل مماثلة، وفوق كل ذلك بدأ الباحثون الالتزام بمناهج رياضية قوية ومعايير علمية صارمة.
في القرن الواحد والعشرين، أصبحت أبحاث الذكاء الاصطناعي على درجة عالية من التخصص والتقنية، وانقسمت إلى مجالات فرعية مستقلة بشكل عميق لدرجة أنها أصبحت قليلة ببعضها البعض. نمت أقسام المجال حول مؤسسات معينة، وعمل الباحثين، وعلى حل مشكلات محددة، وخلافات في الرأي نشأت منذ زمن طويل حول الطريقة التي ينبغي أن يعمل وفقا لها الذكاء الاصطناعي، وتطبيق أدوات مختلفة على نطاق واسع. انقسمت مشكلة محاكاة (أو خلق) الذكاء إلى عدد من المشاكل الفرعية المحددة. وتتكون هذه من سمات أو قدرات معينة يود الباحثون أن يجسدها نظام ذكي. تلقت الملامح المذكورة أدناه أكبر قدر من الاهتمام. وضع الباحثون الأوائل في علم الذكاء الاصطناعي الخوارزميات التي تحاكى التفكير المنطقى المتسلسل الذي يقوم به البشر عند حل الألغاز، ولعب الطاوله أو الاستنتاجات المنطقية. وفى الثمانينيات والتسعينيات، أدت أبحاث الذكاء الاصطناعي إلى التوصل لوسائل ناجحة للغاية للتعامل مع المعلومات غير المؤكدة أو غير الكاملة، مستخدمة في ذلك مفاهيم من الاحتمالية والاقتصاد.
بالنسبة للمشاكل الصعبة، تتطلب معظم هذه الخوارزميات موارد حسابية هائلة—مما يؤدى إلى "انفجاراندماجي " :أى يصبح مقدار الذاكرة أو الوقت اللازم للحواسيب فلكي عندما تتجاوز المشكلة حجما معينا. البحث عن خوارزميات أكثر قدرة على حل المشكلات هو أولوية قصوى لأبحاث الذكاء الاصطناعي. يحل البشر معظم مشاكلهم باستخدام أحكام سريعة بديهية وليست واعية، عن طريق الاستنتاج التدريجى الذي تمكن الباحثون الأوائل في علم الذكاء الاصطناعي من محاكاته اليا. حققت أبحاث الذكاء الاصطناعي بعض التقدم في تقليد هذا النوع "الرمزي الفرعى" من مهارات حل المشاكل : المناهج المتضمنة في ذلك تأكد أهمية المهارات الحسية الحركية للتفكير الأرقى؛ويحاول البحث في مجال الشبكات العصبية محاكاة الهياكل داخل مخ الإنسان والحيوان التي تؤدى إلى ظهور هذه المهارة. تمثيل المعرفة و هندسة المعرفة هي محور أبحاث الذكاء الاصطناعي. كثير من المشاكل التي يتوقع أن تحلها آلالات سوف تتطلب معرفة واسعة بالعالم. من بين الأمور التي تحتاج أن يمثلها الذكاء الاصطناعي : الأشياء والخواص والمجموعات التصنيفية والعلاقات بين الأشياء ؛ و المواقف والأحداث، والدول، والزمن ؛ الأسباب والنتائج ؛ معرفة المعرفة (ما نعرفه عما يعرفه الناس) وغيرها من المجالات الكثيرة النى لم تلق القدر الكافى من البحث. يسمى التمثيل الكامل "لما هو موجود" أنطولوجية (وجودية) (كلمة مقترضة من الفلسفة القديمة)، والأكثر شمولا منها تسمى أنطولوجيات عليا.
نقلا عن صدي البلد