بقلم: أحمد عطا
يشعر الجميع بقدر عال من الثقة والطمأنينة حينما يكون للقضاة دور في الإشراف والرقابة على العملية الانتخابية، سواء كانت انتخابات برلمانية أو انتخابات نقابية أو حتى انتخابات النوداي الاجتماعية. وهذ أمر محمود، ويجب أن نزيد من هذه الثقة بين كافة أطياف المجتمع وبين القضاة؛ ليستقر في وجدان الكافة أن وظيفة القاضي إرساء العدل دون تمييز، ويجب على الدولة أن تهيئ المناخ لانتشار هذه الثقة.
ويظن العامة أن القضاة حينما يُلقى على عاتقهم دور الإشراف القضائي على الانتخابات، إنما يقومون بدور تطوعي لخدمة العدالة والنزاهة والشفافية وأنهم يعانون في سبيل هذا الإشراف طوال فترة الانتخابات . ولكن الكثير لا يعلم أن إشراف القضاة على الانتخابات ليس بالعمل التطوعي، بل هو أحد وظائف القاضي؛ ففي يوم الانتخابات يُندب القاضي من محكمته إلى الدائرة الانتخابية مثل أي موظف يُندب من قبل رئاسته لإداء عمل مرتبط بوظيفته، ولكن الفارق كبير؛ فإن القاضي حينما يُندب إلى الإشراف على الانتخابات ينال مكافأة مالية من الدولة تحت مسمى إشراف انتخابات، وقد يظن البعض أن تلك المكافأة قد تصل إلى 30 أو 50 بالمائة من الراتب، ولكن الحقيقة أن مكافأة الإشراف على الانتخابات تقدَّر بآلاف الجنيهات لكل قاض، فضلًا عن توفير وسيلة انتقال من وإلى اللجنة المنتدب للإشراف عليها، وتتحمل الدولة هذه التكلفة الباهظة ثم يُضاف إلى تلك التكلفة تكلفة وثيقة التأمين على القاض بمليون جنيه لكل قاض التي ترددت قبيل الانتخابات الحالية.. أليس من قبيل الشفافية أن يعرف الكافة كم يتلقى القاضي نظير هذا العمل، الذي يظنه البعض تطوعي؟.
ولنا أن نعقد المقارنة بين ما يتلقاه القاضي في يوم الانتخابات من مكافأة وبين ما يتلقاه ضابط الشرطة عن ذات اليوم مع اختلاف طبيعه دور كل منهم؛ فالأول يجلس داخل الغرفة التي تجري بها الانتخابات والآخر يقف في الشوارع تحت المطر أو حرارة الشمس، الأول يوقع على الكشوف والآخر يحمل الصناديق، الأول لا يتعرَّض لتعامل مباشر مع الشارع والآخر هو حائط الصد للأول يحميله ويؤمِّنه، الأول تأتيه وجبة فاخرة والآخر يكتفي بزجاجة مياه إن تحصَّل عليها، الأول جالس على مقعده والآخر واقف طيلة وقت العملية الانتخابية، مكافأة الأول آلاف الجنيهات ومكافآة الأخير لا تتجاوز خمس مائة جنيه لأعلى الرتب ولا تقل عن مائتي جنيه لأقل الرتب، الأول مؤمَّن عليه بوثيقة تأمين بمليون جنيه رغم وجود من يؤمِّنه والآخر غير مؤمَّن عليه وهو القائم على التأمين.. هل هذه هي العدالة؟ ما معنى العدالة الاجتماعية التي نادى بها ميدان "التحرير" إذن؟ ما معنى ما يطالب به الثوار من تطبيق الحد الأدنى والأقصى للأجور إذا كان هذا حال المكافآت؟
أيها القضاة الأجلاء، فخر رجال "مصر"، هل يسمع الشعب المصري خبرًا يُذاع في كل وسائل الإعلام أن قضاة "مصر" قد تنازلوا عن مكافأة الانتخابات- ولو لهذه المرة فقط- تقديرًا منهم لما يعانيه الاقتصاد المصري في هذه الفترة ؟ هل تطالعنا وسائل الإعلام بخبر مفاده أن قضاة "مصر" قد تنازلوا عن مكافأة الانتخابات لصندوق رعاية أسر الشهداء ومصابي الثورة ؟ ولأنني شغوف لسماع هذا الخبر أو ذاك، أيها السادة القضاة، هل من جواب؟