1- لاشك أن سمات كل مجتمع تختلف عن غيره من المجتمعات، بل إن سمات ذات المجتمع تتغير كل فترة،
وقد كانت هذه الفترة طويلة نوعًا فيما مضى، أما الآن فالمجتمع يتغير بسرعة مذهلة كل بضع سنوات.
وقد تعود الكُتّاب على اعتبار كل عشر سنوات حقبة محددة يدرسونها ويحددون تياراتها فيقولون:
«عالم الخمسينيات» و«عالم الستينيات» و«عالم السبعينيات» وهكذا. وفى مصر مثلاً نستطيع أن نقول إن «الخمسينيات» كانت ثورة، و«الستينيات» كانت نكسة و«السبعينيات» كانت انتصارات، تحاول مسح آثار النكسة بجهد جهيد بالحرب والسلم، ولعل أفضل شعار يجب أن نرفعه على مصر «الثمانينيات» هو شعار العمل والإنتاج، فى سلام اجتماعى، ووحدة وطنية، لمواجهة مجاهل السياسة والصراع، وفى «التسعينيات» كان الإرهاب وتبعاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما فى القرن العشرين وحتى الآن.. فقد تأثرت الدراسات الخاصة بدور النساء، - حد كبير- بالبحوث المتخصصة، التى تتناول نهضة الدولة المصرية، والتغييرات المصاحبة لها، بدءا من ثورة 19 وحتى يومنا هذا، فلم يتم إغفال المناصب المختلفة التى حصلت عليها النساء سواء فى المجال السياسى أو الاقتصادى وداخل المجتمع المدنى.
2- ولاشك أن الشباب يتأثر بما يدور حوله من أحداث: فهذه الصراعات تعكس نفسها على الحياة البيئية والخاصة، إذ تلتهب أسعار السلع تمامًا، كما تعكس نفسها على مستوى الدول إذ تشحذ طاقاتها للتسلح والحروب المتوقعة، مع انخفاض فى معدلات التنمية المرجوة. والشباب الآن يشعر بصعوبة الزواج، بسبب تضاؤل المرتبات بالنسبة لأسعار السلع، ارتفاع مقلق، والمساكن، والأثاث، بالإضافة إلى التقاليد الإجتماعية بتكلفتها الباهظة.
3- وبالطبع فإن هذه الظروف تعكس آثارها على نفسيات الجيل الصاعد، والشباب المتطلع إلى الحياة، بل إنها تحدث آثارًا مدمرة على أخلاقيات الناس نتيجة التوتر العصبى، وعزوف الشبان عن الزواج، وتأخر سن زواج الفتيات.. إلخ.
4- وهكذا بدأ الشباب يشعر بثقل المسألة المادية ويوليها اهتمامًا ضخمًا، بعد أن كانت مسألة يسيرة لا تشغله كثيرًا عن اهتماماته بالحياة الدينية.
وتكمن مهمة التدين فى زوايا مختلفة مثل:
1- دعوة الشباب إلى الهدوء النفسى: والثقة فى الله القادر أن يصنع معهم المعجزات، ويبارك لهم حتى فى القليل، فحياتنا بيده، وصحتنا من عنده.
2- دعوة الشباب إلى العمل والكفاح: داخل وخارج مصر دون تلكؤ أو كسل، فأى عمل شريف مقبول من الجميع.
وأن يخرج الجيل الجديد عن قوالب «الميرى» و«الشهادات»، ليعمل فى جد وبساطة وتواضع، ناسيًا أن قيمة الإنسان بماله وحسبه ومركزه ومنظره، ومتذكرًا أن قيمة الإنسان الحقيقية تكمن فى إنجازاته وعطائه وإسعاده للآخرين.
3- التوجيه المستمر لشبابنا داخل الوطن أو فى أرض الغربة: فهناك ضغوط جبارة وإغراءات كثيرة:
مادية وسلوكية وانحرافات، والتى قد توفرها مواقع التواصل الاجتماعى وغير ذلك. لذلك يجب أن نجهز شبابنا لهذه التحديات، حتى يحتفظ بتدينه وأخلاقياته، فيبتعد عن الانحرافات والتى منها:
أ- تيار الإباحية: الذى بدأ يستبد بالناس فى الغرب، وانتشر فى كل مكان، دون أن يشبع الإنسان لأنه مثل الماء المالح الذى لا يروى بل يصيب الإنسان بالظمأ.
إن الإباحية خطر رهيب على الفرد والأسرة والمجتمع، وهى تعبير عن انطلاق الغرائز لتقود الإنسان، عوض أن يقوده الله أو حتى العقل والضمير، والملاحظة السريعة عندما نشهد الإعلانات، تؤكد هذا الخطر: وهو الإثارة المستمرة للغريزة.
ب- تيار العنف: لاشك أن الصراعات الدولية عكست على الإنسان توترًا داخليًا، بحيث ارتفعت حرارة انفعالاته، فأصبح يحاول أن يحل مشاكله عن طريق العنف، وهذا هبوط غريزى آخر من مستوى الحق والمنطق إلى مستوى سيئ! أن العنف يولد المزيد من العنف!! وهكذا يشتعل الإنسان بنار الحقد والكراهية والتعصب الأعمى، تقوده غريزة المقاتلة بدلاً من أن يقوده الإله المحب والمنطق الهادئ.
ج- التيارات الفكرية: يرى الشاب من حوله، ويقرأ عن الماركسية بإلحادها الدموى، والوجودية بإلحادها العملى، والعبث بإلحاده الفكرى.. ويجب أن يسمع ردًا منا على هذه التيارات جميعًا، فنشكر الله أنه يترك كل تيار فيها ليعبر عن نفسه، وعن فشله فى خدمة الإنسان وإسعاده، فالشيوعية تعبد المادة بدلاً من الله، وتطحن الشعوب تحت قدميها فى استعمار رهيب، تجاوز كل أنواع الاستعمار السابقة فى بشاعته، والوجودية الملحدة التى دعا إليها سارتر انتهت إلى لا شىء. فالله ليس عدوًا للإنسان كما يتوهم، بل الإنسان عدو نفسه حين يخرج من دائرة الله. والعبث الذى يدعو الناس إلى الاعتراف بأنهم لا يدرون شيئًا، ولا هدف لوجودهم! وهذه المذاهب تلقى الإنسان فى ضياع وظلمة.
■ ■ ■
ويكفى كدليل على فساد هذه التيارات الأقوال التالية لمفكريها الأساسيين:
- «هذه الحياة تستحق الانتحار، ولكنى لا أفضل ذلك».. (ألبير كامى - وجودى ملحد).
- «الجحيم هو الآخرون».. (سارتر- وجودى ملحد).
- «هذا الوجود بلا جدوى وزائد عن الحاجة».. (سارتر).
- «الإنسان يخرج من ظلمة الرحم إلى ظلمة القبر، مارا بظلمة الحياة».. (صموئيل بيكيت - عبثى).
- «الإنسان يولد ويعذب ثم يموت».. (فولتير).
■ ■ ■
وهكذا يبقى الله العظيم نورًا للعالم، إذ محبة الله الفائقة وحنانه الجبار هما مصدر كل سلام وفرح.
* أسقف الشباب العام
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصرى اليوم